الطريق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 02:19 مـ 14 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

المومياوات الملكية وطريق الكباش.. أبرز الأحداث الثقافية في 2021

أكد مثقفون، أن المشهد الثقافي في عام 2021 ، تأثر باستمرار جائحة كورونا، ورغم ذلك شهدت مصر احتفاليتين كبيرتين جعلتها محط أنظار العالم، بدأتها باحتفالية نقل موكب المومياوات الملكية المصرية وسط احتفال تاريخي، واختتمتها بافتتاح طريق الكباش بالأقصر بحضور السيد رئيس الجمهورية.

وأضافوا في تصريحات خاصة لـ "الطريق"، أن تجربة الأنشطة الثقافية التي عقدت "أون لاين" لم تأت بالفوائد المنتظرة منها، ومن ثم لم تحدث أي حراك حقيقي في الفعل الثقافي.

وأشاروا إلى أن العام نفسه شهد المزيد من الفقد بتساقط أوراق عديدة من شجرة المبدعين من أمثال الروائي أحمد الحلواني، والشاعر فؤاد حجاج، والكاتبة الصحفية ماجدة الجندي..

حسن: مصر بحاجة إلى مشروع ثقافي كبير

في البداية، قال المفكر الدكتور عمار علي حسن، أعتقد أن المشهد الثقافي في 2021 لم يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة، حيث لا يوجد حدث بارز يمكن الالتفات إليه، باستثناء الاحتفال بنقل الأثار الفرعونية من ميدان التحرير إلى متحف الحضارة أو موضوع طريق الكباش.

وأضاف، أن هذه مسألة لافتة للانتباه لكنها عابرة واتسمت بشيء من المظهرية رغم روعة الحدث، ولا توجد خطة أن هذا الأمر سيترجم مستقبلا إلى اهتمام متواصل بالأثار أو تعزيز السياحة.

وعن حركة النشر، قال "حسن"، كما عهدنها في السنوات السابقة هي ضئيلة قياسا إلى عدد السكان في مصر وأيضا إلى عدد الكُتاب، والجديد أن ظاهرة "فوضى النشر" قد استفحلت، لأن دور النشر الصغيرة أصبحت تقدم على نشر أعمال دون المستوى يمولها أصحابها، وهذه المسألة باتت تهدد صناعة النشر، وتهدد الكتاب بشكل عام وتخلق نوعا من تراكم وازدحام الأعمال الرديئة التي يمكن بالتتابع أن تترك الأعمال الجيدة.

وأضاف، الجديد أيضا هو تلك الجائزة التي تتعلق بالمبدع الصغير، لكن هذه الجائزة لا تزال حتى الآن تحتاج إلى وجهة نظر مختلفة في التعامل معها سواء من حيث القيمة المادية أو من حيث الانتشار والتأثير مستقبلا.

وتابع : أعتقد أن مصر لا تزال بحاجة إلى مشروع ثقافي كبير وجامع يليق بها وبكُتابها وبإرثها الثقافي سواء القديم أو الحديث أو المعاصر، فحتى هذه اللحظة، الثقافة في ذيل القائمة، والاهتمام بها ضئيل، لم ترصد لها الميزانيات الكافية، ويتم التعامل معها باعتبارها سقطة متاع شأنها شأن التعليم وهذه مسألة في غاية الخطورة.

واختتم كلمته، في عام 2021 مصر بلا مشروع ثقافي كما كانت في الأعوام السابقة، وهذه مسألة غاية الخطورة، لاسيما مع وجود مشاريع ثقافية تنهض في الإقليم بوسعها أن تخصم الكثير من مصر سواء في مجال الفن أو في مجال الأدب أو في مجال الفكر والتعليم.

موسى: تجربة "أون لاين" لم تحدث أي حراك حقيقي في الثقافة

من جانبه، قال الشاعر والروائي صبحي موسى، إن المشهد الثقافي في ٢٠٢١ تعافى قليلا من جائحة كورونا، فقد نشطت دور النشر في استقبال أكبر قدر من الأعمال خلال شهري مايو ويونيو، وذلك للمشاركة في دورة معرض الكتاب التي تم تأجيل انعقادها من شهر يناير إلى نهاية شهر يونيو، مما أحدث حراك في النشاط الثقافي، هذا الذي شهد خلال النصف الثاني من العام انعقاده دورة مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان المسرح التجريبي، وسمحت قصور الثقافة وهيئة الكتاب والمجلس الأعلى للثقافة بإقامة الأنشطة الثقافية بعدما كانت أون لاين.

وأشار إلى أن تجربة الأنشطة الثقافية التي عقدت أون لاين لم تأت بالفوائد المنتظرة منها، ومن ثم لم تحدث أي حراك حقيقي في الفعل الثقافي، ولم تثبت أنها بديل حقيقي للأنشطة الواقعية، ربما لأننا ثقافيا غير معتادين على هذا الأمر، وربما لأن النشاط الافتراضي لا يقدم الحالة الإنسانية التي تقدمها اللقاءات الواقعية بين البشر.

وأكد أن انعقاد معرض القاهرة الدولي للكتاب كان له دور في صدور عشرات الأعمال المهمة ، سواء خلال المعرض أو بعده، مما أسهم في إقامة عدد من حفلات التوقيع والندوات لمناقشة هذه الأعمال، كان من بين أبرز الأعمال التي تصدرت هذا العام رواية كاتيوشا للكاتب وحيد الطويلة ورواية "ماكيت القاهرة" لطارق إمام، وكتاب "ريش عين على مصر" لميسون صقر، ورواية "صاحب السر" لعمار على حسن، الذي صدر له أيضا كتاب "المجاز السياسي"، ورواية زينب عفيفي معك تكتمل صورتي ورواية ٢٠٢٠ لنعيم صبري ورواية "يدي الحجرية" لحمدي أبو جليل وغيرها من الأعمال الإبداعية المهمة.

والملاحظ هو النشاط في مجال الرواية عن الشعر والترجمة، ربما لأن دور النشر اتخذت قرارها سريعا بالطباعة قبل المعرض بشهر، فقد كان أغلبها يتوقع ألا تعقد الدورة في يونيو، ولكن اللجنة العليا للمعرض الزمتهم بعدد معين من العناوين الجديدة كشرط للاشتراك في المعرض، فاضطروا للطباعة وتقديم أكبر قدر من العناوين لديهم.

طوسون: عدم انعقاد مؤتمر أدباء مصر للعام الثاني على التوالي

بينما أكد القاص والروائي أحمد طوسون، أن المشهد الثقافي في 2021، تأثر باستمرار جائحة كورونا، رغم ذلك شهدت مصر احتفاليتين كبيرتين جعلتها محط أنظار العالم، بدأتها في أبريل الماضي باحتفالية نقل موكب المومياوات الملكية المصرية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة وسط احتفال تاريخي، واختتمتها في نوفمبر الماضي بافتتاح طريق الكباش بالأقصر بحضور السيد رئيس الجمهورية.

أما على المستوى الثقافي والأدبي، أعتقد أن أبرز ملامح العام التعاقد الجديد على نشر أعمال نجيب محفوظ مع دار نشر جديدة بعد انتهاء العقد القديم مع الدار السابقة صاحبة حقوق النشر نظرا لقيمة أعمال صاحب نوبل وأهميتها في السردية العربية، بالإضافة إلى الإعلان عن الفائزين بأول دورة من دورات جائزة الدولة للمبدع الصغير والتي تمثل نقلة في اهتمام الدولة بإبداعات الأطفال الفنية والأدبية والكشف عن المواهب.

ولعل أهم مظاهر التأثر بالجائحة تأجيل موعد عقد الدورة 52 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب لتعقد في يونيو بدلا من يناير وتوقف الندوات والأنشطة الواقعية المصاحبة للمعرض ضمن الإجراءات الاحترازية، مع عدم انعقاد مؤتمر أدباء مصر للعام الثاني على التوالي بهيئة قصور الثقافة.

رجب: عودة للحراك الثقافي في مصر

من جانبه، قال الكاتب محمد صالح رجب، شكل العام 2021 عودة للحراك الثقافي في مصر، وإن لم يتعافى قطاع الثقافة كليا من تبعات جائحة كورونا سواء على الفعاليات الثقافية ونسب المشاركة فيها أو على قطاعي النشر والتوزيع.

وأضاف، ورغم تبعات كورونا وما يعانيه قطاع الثقافة بالأساس من مشاكل لا تخفى على أحد، الا أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر هذا الحراك والجهد المبذول لعودة الروح للحياة الثقافية والإصرار على إقامة الفعاليات كمعرض القاهرة للكتاب والمؤتمر العام لأدباء مصر رغم الانتقادات التي وجهت له، ومؤتمرات الأقاليم ومنها مؤتمر إقليم القناة وسيناء في مدينة العريش والذي أقيم تحت عنوان "سيناء وتأصيل الهوية الوطنية"، ناهيك عن الندوات سواء الرسمية منها أو الخاصة، فاستمرت ورشة "الزيتون" في العطاء وعقدة سلسلة "مجددون" ندوات عدة، وباشرت "مؤسسة سلوى علوان" فعاليتها المتنوعة والتي آخرها حفل توقيع كتاب "حوارات حول الإبداع" للكاتب محمود قنديل.

كما أقيمت كثير من الفعاليات في قصور الثقافة وفروع اتحاد الكتاب ومختبرات السرديات وأن أخذ عليها قلة الحضور وعزوف بعض كبار المثقفين عن حضور تلك الفعاليات، وأسست صفاء النجار "سيا" للتدريب والاستشارات ومن خلالها قامت بالعديد من الفعاليات منها دورات في كتابة القصة وأخرى في النقد والتذوق الفني.

واستمرت حركة النقد وباشر العديد من النقاد كالدكتور محمد سليم شوشة وآخرون نشر دراساتهم النقدية في المطبوعات الأدبية كأخبار الأدب والثقافة الجديدة، وشكلت الصفحات والملاحق الأدبية في صحف الأهرام "ملحق الجمعة"، والجمهورية "أدباء مصر"، والدستور "مرايا الإبداع"، والقاهرة والوفد، والأهالي وغيرهم شكلت متنفسا للمبدعين لنشر إبداعاتهم.

كما شهد العام 2021 ظهور الكثير من الإصدارات المتنوعة إلى النور منها " من الذي قتل مي" لشعبان يوسف، وَرواية "حانة الست" لمحمد بركة، "المحارم" لفكري داود، وَديوان "رياح الخريف" لسكينة جوهر.

وَعلى مستوى الفن التشكيلي كان هناك العديد من المعارض منها معرض" واحد مصري" لأحمد رفعت، وَ"ستة تسعة" لهيثم عبد الحفيظ، وَ"طعم البيوت" لأسامة ناشد ، وَالملحمة" لوليد جاهين وغيرهم.

كما شهد العام نفسه المزيد من الفقد بتساقط أوراق عديدة من شجرة المبدعين من أمثال الروائي احمد الحلواني، والشاعر فؤاد حجاج، والكاتبة الصحفية ماجدة الجندي ومع قرب انتهاء العام 2021 بما له وعليه نأمل ان يستعيد المشهد الثقافي المصري كامل عافيته بمزيد من إجراءات الهيكلة والابتعاد عن "الشللية" ونبذ الخلافات كتلك التي يشهدها اتحاد كتاب مصر.

مطر: تحول الهلع إلى بركان ثقافة

من جانبه، قال الأديب مدحت مطر، حينما كنا نلهو ونلعب قديما ،كان الكبار ينصتون إلينا باستغراب .. كيف لطفل يترك الدنيا وما فيها ويعبث مع الحياة كأن هذه الأخيرة قد سخرت له ولم ندرك أنها حيلة القدر..

وأضاف، هكذا فعلت الكورونا بنا حينما أبطئت عجلة الثقافة وجعلت العديد من المثقفين يمكثون في منازلهم للعزل أو الخوف من هزيمة القدر، ربما كان هذا صالح للجميع.. ولكن سرعان مع كتب الله سبحانه وتعالى لنا النجاة وزكانا من الأمراض وتحول الهلع إلى بركان ثقافة.

وتابع: شهدت الشهور الأخيرة حركة سريعة ومنتظمة للعلم والأدب ٢٠٢١ ، وإقامة الندوات في أماكنها ومعرض زايد ومعرض الرحاب للكتاب الذي أقيم لأول مرة في ظروف جائحة الكورونا.. نحن باستطاعتنا تستطير التاريخ كما يجب حين نريد ، وحين يشتد بنا الوجع .. نقسم أن نزيد الحياة نكهة السعادة والمقاومة والبهجة.

جراح: المشهد الإبداعي أصيب بعوار ملحوظ

من جانبه، قال الروائي والإعلامي محمد جراح، بداية لا أريد أن أبدو متشائماً عندما أقول إن المتابع الجيد للمشهد الثقافي المصري قد لا ترضيه الحالة بصفة عامة نتيجة قصور شديد في إدارة العملية الثقافية؛ وقد يتبادر إلى الذهن أن المسؤول عن ذلك القصور هي وزارة الثقافة؛ ولكنني أقول إن هناك أطرافاً كثيرة كان يجب أن تكون إلى جانب وزارة الثقافة وهيئاتها العديدة نحو تقديم منتج ثقافي ثري يليق بأمة هي من عرفت الحرف وأبدع أبناؤها منذ آلاف السنين وتركوا لنا زاداً تحسدنا عليه أمم كثيرة سواء أكان ذلك في الزمن القديم أو في زمننا الحاضر.

وأضاف، طالبت في أكثر من حديث تليفزيوني وإذاعي وصحفي بثورة ثقافية في أعقاب ثورة 30 يونيه؛ لكن يا للأسف تلكأت الدولة كالعادة عن الاضطلاع عن ذلك وكانت المحصلة هي جهود أشبه ما تكون بالجهود الفردية.

وأكد أن المشهد الإبداعي أصيب بعوار ملحوظ منذ عدة عقود ذلك أن الحركة الإبداعية لا توازيها حركة إبداعية؛ وأصبح النقاد فاكهة مفتقدة في معظم الأوقات لانشغال أكثرهم بمسائل البحث عن دخل يعينهم على تكاليف الحياة؛ ومن شأن ضعف الحركة النقدية أن تضعف بالتبعية الحركة الإبداعية فلا ناقد يبصر أو يقدم الإضاءات التي تنير الطريق أمام الكتاب سواء من تحققوا أو حتى الجدد.

وأشار إلى أن مسألة الجوائز ما تزال تثير علامات الاستفهام؛ فجوائز الدولة تحكمها لوائح التصويت؛ والتي ربما تصل في بعض الأحيان إلى التربيطات المسبقة فيفوز من لا يستحق في بعض الأحيان؛ وقد تسلل الأمر إلى بعض الجوائز التي تمنحها كيانات خاصة؛ وغير بعيد عن ذلك الجوائز العربية التي تهتم بموضوعات معينة وأصبح هناك من فهم قواعد الفوز بها؛ وصارت كتاباته تخاطب هذه الجائزة أو تلك خصوصاً أنها تمنح مبالغ مادية تفوق جائزة النيل في مصر بمراحل عديدة؛ بل إن بعض دور النشر صارت بمثابة مراكز قوى وتفرض نفسها حتى يكون لها نصيب في هذه الجائزة أو تلك.

وأشار إلى أن المبدع المصري تحديداً ما زال صامدا ويسعى بكل ما أوتي من فكر إلى الوصول إلى القراء وأمله أن يكون هناك من ينتظر ومن يهتم؛ وقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في ذلك من خلال صفحات ومدونات الكتاب على شبكة الانترنت؛ ولكنها في النهاية جهود فردية؛ ونحن في أمس الحاجة إلى ثقافة العمل الجماعي والخطة الممنهجة التي تثري كل يوم المشهد بالإبداعات والأصوات الواعدة.

وأضاف، ربما كان من المثير أيضاً إعلان اتحاد الكتاب لموعد إجراء الانتخابات في اليوم الأخير من هذا العام بعد تأجيل متكرر بسبب جائحة كورونا أو غيرها وهذا أمر من شأنه أن يزيل احتقاناً بين جبهات تبادلت الاتهامات في الفترة الأخيرة وهو أمر لا يليق بكتاب ومبدعي مصر.

وفي الختام أرجو أن تمد الوزارات والهيئات التي ذكرتها يد العون إلى وزارة الثقافة؛ واعتماد خطة عمل تكاملية تتولاها وزارة الثقافة وتساهم فيها تلك الجهات مادياً ومعنوياً؛ لأن اليد الواحدة لا تستطيع أن تصفق بمفردها.

اقرأ أيضًا: الصيرفي: منهجي فى الفن التشكيلي يعتمد على البحث والتحدي