الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 02:24 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

تونس ما بعد الاستفتاء.. كيف سيّغير الدستور الجديد المعادلة السياسية؟

تونس في انتظار محطات سياسية وقانونية قادمة
تونس في انتظار محطات سياسية وقانونية قادمة

في 25 يوليو الجاري دشنت تونس مرحلة جديدة في تاريخها السياسي، عقب إقرار دستور الجمهورية الجديدة -هو الرابع في تاريخها إثر استفتاء شعبي هو الثاني من نوعه منذ الاستقلال- أصبحت البلاد أمام معادلات سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات بعد الخلاص من قبضة الإسلام السياسي.

وبحسب بيانات الهيئة المستقلة للانتخابات بتونس قد بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 30.2%، وحاز الدستور الجديد على موافقة 94.6% من أصوات المشاركين، وهي نسبة غير بعيدة من المشاركة في الانتخابات السابقة في 2019 التي بلغت 41.3%.

انفراجة سياسية

يرى محللون سياسيون أن هذه المرحلة ستشهد انفراجة في الوضع السياسي، بعد تبني دستور جديد، يضع جزءا كبيرا من السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، في انتظار استكمال المسار بانتخاب برلمان في ديسمبر المقبل.

ودخلت تونس إثر تبني الدستور الجديد فعلياً في ما سماها الرئيس قيس سعيد «الجمهورية الجديدة» التي حَسَبَ وصف رجل تونس القوي، ستكون فيها السيادة للشعب، وستشكّل انتصاراً لمبادئ الثورة التي اختطفتها جماعة الإخوان، ووقفة لمحاسبة الفاسدين وكل من سطوا على ثروات التونسيين.

ويغير الدستور الجديد المعادلة السياسية في تونس بعد نقل البلاد إلى حكم رئاسي بصلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية ودورا أقلّ للأحزاب والبرلمان.

محطات سياسية

شهدت تونس منذ 25 يوليو من عام 2021 محطات سياسية عدّة مثيرة للجدل بدأها الرئيس قيس سعيد بتفعيل الفصل 80 من دستور 2014 وإقالة حكومة الإخوان و تجميد برلمانهم ثم حله وتعيين حكومة جديدة و المضي لإدارة شؤون تونس عبر المراسيم الرئاسية قبل أن يعلن في ديسمبر الماضي عن خارطته السياسية لإصلاح الوضع في البلاد.

وبدأت الإجراءات مع موعد 25 يوليو 2022 بتنظيم الاستفتاء في الدستور الجديد في انتظار إعداد قانون انتخابي ينظم عمل الأحزاب والمنظمات وشروط تمويلها على أن تنتهي المرحلة بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في تاريخ 17 ديسمبر 2022.

وفي أولى المحطات السياسية لبرنامج قيس سعيد مر دستور تونس الجديد ليكون لبنة قانونية أساسية وضعها الرئيس ليركز مسار 25 يوليو في انتظار القانون الانتخابي الجديد الذي سيصل بالبلاد إلى موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل بشروط جديدة تتعلق بتمويل الأحزاب وتنظمها.

دور الأحزاب

وفي سياق تلك الظروف، قال المحلل السياسي التونسي عبد المجيد العدواني، إن الدستور يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية ويضمن الاستقرار السياسي للدولة التي كانت مهددة جراء الصراعات الحزبية المفتوحة.

وأضاف العدواني في تصريحات لموقع «الطريق»، أن هذا الدستور يقدم رؤية سياسية جديدة ويقلص من حجم ودور الأحزاب التي كانت تتحكم في الحياة السياسية ويغير المعادلة السياسية في البلاد.

وأوضح أنه منذ عام 2011، عرفت تونس تشكيل قرابة 10 حكومات متتالية، وهذا الدستور سحب البساط من أحزاب جماعات الإسلام السياسي والتيارات الإخوانية، وأصبحت الدولة التونسية هي الوحيدة التي تؤول النص الديني وليس الأحزاب مثلما كان في السابق.

وينص الفصل الخامس من الدستور على أن «تونس جزء من الأمّة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية».

وأكد أن حزب النهضة يعد أكبر الخاسرين بعد الاستفتاء نظرا للقوانين التي تحد من تواجد الأحزاب الإخوانية إضافة للقانون الانتخابي الذي سيتم الإعلان عنه قريبا والذي سيمنع الإخوان والأحزاب الفاسدة من التشرح للانتخابات التشريعية التي من المنتظر أن تنتظم يوم 17 ديسمبر المقبل.

الثقة الشعبية

وبدوره، يرى المتحدث باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، أن «الدستور الجديد يمثل منعرجاً في الحياة السياسية في تونس، لأنه سيقطع مع المنظومة السابقة التي باتت من الماضي، ما سيخلق مناخاً من الثقة داخل الأوساط الشعبية وأيضاً داخل الأوساط السياسية».

وقال النابتي، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن «المرحلة المقبلة ستركز أساساً على وضع القانون الانتخابي الذي سيمكن من تكوين طبقة سياسية جديدة في البلاد وتشكيل مشهد سياسي جديد على قواعد مختلفة عن المشهد الذي عاشه الشعب التونسي خلال السنوات العشر الماضية».

أولويات المرحلة

وبشأن أولويات المرحلة المقبلة، أكد المتحدث باسم التيار الشعبي أنها «أولويات سياسية واقتصادية واجتماعية خلال استكمال المسار السياسي، وإعلان القانون الانتخابي وتنقية المناخ السياسي ومعالجة الهنات داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للذهاب إلى انتخابات 17 ديسمبر المقبل في ظروف طيبة».

ونوه إلى أن الاستحقاق الثاني هو «المحاسبة، وهي مطلب شعبي، بعد أن تكرست ثقافة الإفلات من العقاب طيلة السنوات الماضية»، ويعتبرها «المدخل للجمهورية الجديدة»، مطالبا بمحاسبة «كل من أجرم في حق الشعب التونسي».

وأشار النابتي إلى أن «الأولوية الثالثة، والمهمة التي يتوقف عليها المسار بكامله، وهي الأولوية الاقتصادية لأن تونس في أزمة اقتصادية، والشعب التونسي يرمي إلى تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي بواسطة تغيير المشهد السياسي».

وتابع أن «الدستور الجديد سيمنح رئيس الجمهورية الصلاحيات الكاملة، وعليه لا بد من المرور بقوة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية»، محذراً من «رهان معارضي قيس سعيد على ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي، من أجل إرباك مسار الرئيس».

تناغم السلطات

وقال المحلل السياسي التونسي علي الفالحي، إن تونس دخلت بعد اعتماد الدستور مرحلة سياسية جديدة وسيتم بناء قانون انتخابي جديد يقطع مع القوانين السابقة التي كانت من أسباب أزمة الحكم بما خلقته من «ترحال حزبي وتشكيل للكتل البرلمانية وفق مصالح معينة ودفعات مالية معينة فوق الطاولة وتحت الطاولة وتحديد لمصير الحكومات السابقة على ضوء التشكلات الجديدة للنواب».

وأوضح الفالحي في تصريحات لموقع «الطريق»، أن القانون الانتخابي المنتظر يجب أن يقطع مع «المنظومة القديمة البائسة و يؤسس لاستقرار سياسي جديد دون صراعات بين رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة لتكون هناك سلطة موحدة في تناغم».

وأضاف أن المهمة القادمة في تونس ستكون صعبة حيث أن «البناء وسط مناخ سياسي متعفن واحتراب وصراع متواصل يتطلب الكثير الحكمة وعلى رئيس الجمهورية التحلي بخطاب هادئ».

وتابع الفالحي أنه «يجب أن يترافق المسار السياسي بمعالجة اجتماعية لمشاكل فئات الشعب التي قادت الحملة الانتخابية وأغلبهم من العاطلين عن العمل وأصحاب الشهادات العليا الذين ينتظرون بفارغ الصبر استحقاقات اجتماعية واقتصادية تحتاجها البلاد وتنهي أزمات الإنتاج الزراعي وإشكاليات نظافة البيئة وصعوبات قطاع التربية وتواتر الاحتجاجات الاجتماعية».

اقرأ أيضا: تونس تطوي صفحة الإخوان باستفتاء حاسم على الدستور