الطريق
الأحد 12 مايو 2024 11:32 صـ 4 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«قلب» عاطف الطيب بين التعب والسينما

عاطف الطيب
عاطف الطيب

عاطف الطيب.. كان الاسم وحده على التتر كفيلا أن يجعل بداخلك يقين أنك على موعد مع مشاهدة فيلم مميز وعالي الجودة وشديد الواقعية وغني بالتفاصيل، منذ أن عرفه الجمهور من فيلمه الثاني "سواق الأتوبيس" مع بطله الأول نور الشريف وكان قد سبقه في تجربته الأولى التي لم تحظى بالنجاح "الغيرة القاتلة".

بعد "سواق الأتوبيس" عرف الجمهور أن صاحبه مخرج لا يستهان به يملك رؤية عبقرية في فن الإخراج، وبات هو مخرجهم المفضل الذي اقترب من البسطاء وقليلي الحيلة ينقل معاناتهم على الشاشة دون زيف وفي صورة لا ريب فيها ويحلم معهم بتغيير حياتهم وواقعهم للأفضل ويمنحهم حق العيش، ولم يكن "الطيب" يتوقف عن العمل من أجل جمهوره يعرف أنه يشتاق له وإلى سينما الواقعية الجديدة التي يعد هو أبرز مخرجيها.

كانت أفلام الطيب تخرج بحرفية وتمثل الواقع بكل همومه وأوجاعه وأفراحه يصنع لـ أحمد زكي "التخشيبة، والبرىء والحب فوق هضبة الهرم وضد الحكومة" ودرة تاج أفلامه "الهروب"، ويعتمد على القدرات الأدائية لبطله أحمد زكي في توصيل ما يريده لجمهوره الذي بات ينتظر كل فيلم يحمل توقعيه في وقت كان الجمهور لا ينظر إلا على اسم البطل الموجود فوق صورته التي تحتل معظم مساحة الأفيش.

تكمن عبقرية "الطيب" في تغيير جلد أبطاله يجعلك كأنك تشاهد هالة صدقي لأول مرة في "الهروب" وتقول عنه: "اكتشفني في الهروب وقبله في قلب الليل وتعلمت منه التفاصيل الصغيرة"، وفي "ضد الحكومة" أعاد اكتشاف أبو بكر عزت من جديد وقدمه في واحد من أجمل أدواره "الدكتور عبد النور" وأخرج القدرات التمثيلية التي تكمن بداخله، وغير جلد لبلبة وقدمها كممثلة كما لم تراها من قبل وكأنها في "ضد الحكومة وليلة ساخنة" لبلبة جديدة.

كان يدرك أن الحياة قصيرة ويجب أن ينجز أكبر عدد من الأفلام لترى النور، وعرف عنه أنه أكثر المخرجين في العمل، ففي أثناء تصوير فيلم "الهروب" بلغ عدد ساعات التصوير 18 ساعة في اليوم الواحد حتى أنه في إحدى الأيام سقط على الأرض من شدة التعب والإرهاق ثم نهض يستكمل التصوير للدرجة التي جعلت أحمد زكي يمثل أمامه التعب حتى يجبره على وقف التصوير، بينما في فيلم "ليلة ساخنة" كان يصور المشهد ثم يستلقي على ظهره ليستريح بضع دقائق وينهض يطلب من الجميع استئناف التصوير، وعندما يطلب منه صديقه مدير التصوير سعيد الشيمي أن يفكر في صحته ويستريح كان يرد "بكرة يا سعيد نشبع راحة".

13 عاما بلا توقف هي عمر "الطيب" في السينما صنع خلاله 20 فيلما كان 9 منها من نصيب بطل أول أفلامه نور الشريف، وعندما جاء الفيلم الأخير "جبر الخواطر" مع شريهان وكان قد اشتد عليه المرض لينال من قلبه الذي لا يسكنه حب السينما، وحتى يرى فيلمه النور كان يسابق الزمن في التصوير وحتى يجد طاقة وحرية أكثر قرر أن يدخل لغرفة العمليات لإجراء عملية صمام في القلب.

كان يرى أن تلك العملية من وجهة نظره "دور برد" فيقول لمساعده محمد ياسين بمنتهى الهدوء: "يا محمد معلش مش هقدر أصور السبت الجاي هنأجل التصوير للأسبوع اللي بعده لأني عندي مشكلة بسيطة رايح أغير صمام القلب"، ولكن الموت كان أقرب له من أن يعيش حتى يرى آخر أفلامه وتوفي في 23 يونيو 1995.

وعرض "جبر الخواطر" بعد وفاته بـ3 سنوات بعد أن تولى المونتير أحمد متولي عملية مونتاج الفيلم.

48 عاما هي عمر عاطف الطيب الذي خطفه الموت من السينما والأفلام التي انتصر فيها للغلابة والمهمشين وجمهوره الذي مازال يحفظ جملته التي كان "الطيب" يرددها "لا شئ يبهرني في هذا العالم إلا زوجتي والسينما".

اقرأ أيضًا.. عاطف الطيب.. «البرئ » ملك الواقعية ومخرج الغلابة