الطريق
الخميس 9 مايو 2024 03:33 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

عاطف الطيب.. «البرئ » ملك الواقعية ومخرج الغلابة

عاطف الطيب
عاطف الطيب

قمحي اللون ذو شارب كثيف وابتسامة ساحرة، قسمات وجهه طيبة تشبه ملامح المصريين، يحمل في قلبه هموم الغلابة وتبكيه أوجاعهم، وحمل على عاتقه قضايا المهمشين واختارهم أبطالا لأفلامه، يخرج حاملا كاميرا تجوب الشوارع والحارات تنقل معاناتهم دون زيف أو تجميل، يبحث بينهم عن بطل أنهكته الحياة لينتصر له على الشاشة، هو صاحب "سواق الأتوبيس" وصانع حدوتة "أحمد سبع الليل" في "البرىء" الذي يساعد "منتصر" ابن الحاجر على "الهروب"، وأبرز مخرجي جيله وملك سينما الواقعية الجديدة، "الطيب" عاطف الطيب.

ولد عاطف الطيب في 26 ديسمبر 1947، بمركز المراغة في سوهاج، لأسرة متوسطة الحال هاجرت من الصعيد واستقرت في حي بولاق الدكرور بالقاهرة، عمل في عدة مهن وهو طالب بالمرحلة الثانوية، وكان يساعد والده في محل الألبان، ويوزعها على السكان قبل أن يلتحق بالمعهد العالي للسينما قسم الإخراج.

عمل خلال دراسته بالمعهد مساعدا في فيلم " 3 وجوه للحب" 1969، مع المخرج محمد بكير وتخرج من المعهد في 1970، والتحق بالجيش لقضاء الخدمة العسكرية التي استمرت 5 سنوات شارك خلالها في حرب أكتوبر 1973، وخلال أداء الخدمة العسكرية قدم أول فيلم تسجيلي له "جريدة الصباح" 1972، بالتزامن مع عمله كمساعد مخرج مع عدة مخرجين أبرزهم شادي عبد السلام في فيلمي "جيوش الشمس، المقايضة" وفي "إسكندرية ليه" مع يوسف شاهين.

عمل "الطيب" مساعد مخرج في عدة أفلام أجنبية وثائقية صورت في مصر، أبرزها "أبو الهول، الجاسوس الذي أحبني، جريمة على النيل، توت عنخ أمون، الصحوة".

كانت السينما في استقبال "الطيب" كمخرج في أول أفلامه الروائية الطويلة "الغيرة القاتلة" 1982 مع نور الشريف، ولكن الفيلم لم يحظى بنجاح كبير، وكانت البداية الحقيقية له في "سواق الأتوبيس" مع بطله المفضل الفنان نور الشريف وحقق الفيلم نجاح مدوي جعله يحتل المركز الـ33 في ثائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية.

وحصل "الطيب" على جائزة العمل الأول في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، بينما نور الشريف اقتنص جائزة أفضل ممثل في مهرجان نيودلهي.

نجاح عاطف الطيب مع بطل أفلامه الأول نور الشريف جعله يتعاون معه في 9 أفلام في مشواره الفني، منها 7 أفلام بعد "الغيرة القاتلة" وسواق الأتوبيس" وهي "الزمار، ضربة معلم، قلب الليل، كتيبة الإعدام، دماء على الأسفلت، ناجي العلي، ليلة ساخنة".

اقترب عاطف الطيب بأفلامه من البسطاء والغلابة يهتم بعرض هموهم ومشاكلهم وحقهم في العيش، واستغل القدرات الأدائية لأبطال أفلامه في توصيل ما يريده عبرهم للجمهور وكون ثنائيا مع أحمد زكي، وكانت البداية من "التخشيبة" 1984، ثم تحفته الفنية "الحب فوق هضبة الهرم" و"البريء" 1986، ودخل الفيلمين في قائمة أفضل 100 فيلم في السينما، ومع "زكي" لم يتوقف إبداع الطيب وقدم له "الهروب" 1991، و"ضد الحكومة" 1992، وفي الأخير أعاد اكتشاف لبلبة وأبو بكر عزت من جديد وأخرج بداخلهم قدرات تمثيلية وأدائية هائلة.

صنع "الطيب" نجومية الكبار وقدم مع محمود عبد العزيز فيلمين من أجمل أفلامه "أبناء وقتلة، الدنيا على جناح يمامة"، ومع نبيلة عبيد "كشف المستور" ومع ليلى علوي "البدرون، ضربة معلم" ومع محمود حميدة "إنذار بالطاعة".

كفاحه من أجل السينما لا يتوقف، وكأنه يعلم أنه لن يعيش طويلا، وبعد أن انتهى من تصوير آخر أفلامه "جبر الخواطر" مع شريهان حتى دخل لإجراء عملية جراحية في صمام القلب.

كان "الطيب" لا يرحم جسده ولا يفكر في صحته بقدر تفكيره في صنع فيلم يأمل أن يرى النور، ولكن الموت كان أقرب له من يعيش ليستمر في إبداعه وتوفي في 23 يونيو 1995، ولم يشاهد "جبر الخواطر" الذي عرض بعد وفاته بـ3 سنوات، رحل عاطف الطيب وترك خلفه 21 فيلمًا تشهد على عبقريته وحبه للسينما التي أرهقت قلبه ويبقي في قلب محبيه وجمهوره حي يرزق.

اقرأ أيضًا.. 32 عاما على «اللعب مع الكبار».. وحيد حامد كومبارس و«علقة ساخنة» لـ عايدة رياض