الطريق
الخميس 9 مايو 2024 06:39 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

شعبان عبد الحكيم يتحدث لـ «الطريق» عن الراحل «محمود تيمور»: متعدد المواهب الأدبية

الدكتور شعبان عبد الحكيم
الدكتور شعبان عبد الحكيم

حلت أمس 25 أغسطس، ذكرى وفاة الأديب والكاتب الكبير محمود تيمور، والذي رحل عن عالمنا قبل 50 عاما في أغسطس عام 1973، عن عمر ناهز 80 عاما.

ومع ذكرى وفاته، تحدث عنه الكاتب الدكتور شعبان عبد الحكيم، عضو لجنة الأبحاث بمؤتمر أدباء مصر في تصريحات خاصة لـ «الطريق»، قائلا، إن هذه الذكرى لا ينبغى أن تمر مرورًا عابرًا، تقديرًا واحترامًا لروادنا الذين تركوا بصمة فى الحياة الأدبية والثقافية، فمحمود تيمور كان مبدعًا متعددًا المواهب الأدبية، وليس هذا مستغربًا لمثل هذه الشخصية، فعائلته عائلة أدبية بامتياز، والده أحمد تيمور باشا (ولد فى 1871 وتوفى عام 1930 ) أديب وكاتب ترك خمسة عشر كتابًا وكانت له مكتبة خالدة ( تحتوى على ثمانية عشر ألف كتاب ) هذه المكتبة كانت ولا تزال قبلة للكتاب والشعراء، وعمته عائشة التيمورية (1840 – 1902) التى تكفلت بتربية أبيه (أحمد تيمور ) بعد وفاة والدته، كانت شاعرة وتجيد أكثر من لغة (العربية والتركية والفارسية).

محمود تيمور

وأضاف شعبان عبد الحكيم، أن جده إسماعيل باشا تيمور كان من رجال الأدب والبحث، وأخوه محمد تيمور ( 1892- 1921) رائد القصة القصيرة بمجموعته ما تراه العيون عام 1918، وكان رائدًا لفن المسرح فألف عدة مسرحيات منها (العصفور فى القفص والعشرة الطيبة)، هكذا نشأ محمود تيمور فى بيت أدب وعلم ومكتبة متعددة الثقافات والفكر، وعاش الحياة البسيطة لنشأته فى درب سعادة أحد أحياء مصر القديمة، فتشربت نفسه بالبساطة والتلقائية والاحتكاك بالواقع، وأثر ذلك فى تبنيه للمنهج الواقعي فى الفن، فعبر عن هذا العالم فى قصصه القصيرة (مثل الشيخ سيد العبيط – قال الراوى – رجب أفندى) وفى روايته (مثل رواية نداء المجهول – سلوى فى مهب الريح).

وواصل «عبد الحكيم»: ترجع مكانة محمود تيمور أنه القلائل الذين ساهموا فى نشأة فن القصة القصيرة والرواية والمسرح العربى، فأول ما كتب فى مجال القصة القصيرة كانت مجموعته الشيخ سيد العبيط عام 1925، حيث بدايات القصة القصيرة على يد أخيه محمد تيمور عام 1914 فى مجموعته «ما تراه العيون» وبذلك أسهم فى تأسيس هذا الفن مع أخيه، ومحمود طاهر لاشين وعيسى عبيد وشحاتة عبيد فى الربع الأول من القرن العشرين، وكان له دور بارز فى تأسيس فن الرواية بأعماله المتعددة منها ( منها نداء المجهول وسلوى في مهب الريح وحواء الخالدة ) وفي تأسيس المسرح العربي بمسرحيته ( عبد الستار أفندي، المخبأ 13، قنابل ).

واستطرد «شعبان»: عندما كان المسرح فى هذه الفترة يقوم على التمثيل، فقد كان يكتب المسرحيات باللغة العامية لتكون قريبة للفهم ، ومعبرة عن الواقع، فنحن في حياتنا اليومية نتحدث باللغة العامية، وهذه لازمة من لازمات الاتجاه الواقعى، وكما استمد محمود تيمور موضوعاتِه من واقع الحياة المصرية والحياة العربية، استمدَّ أيضًا من تاريخ العرب والمصريين فله من المسرحيات التاريخية مسرحية «ابن جلا»، وهو الحجاج بن يوسف الثقفي ومسرحية «حواء الخالدة»، وبطلاها عنتر وعبلة ومسرحية «اليوم خمر» المستمدة من تاريخ الشاعر الجاهلي امرؤ القيس ومسرحيته «صقر قريش» عن عبد الرحمن الداخل أول خلفاء بني أمية في الأندلس ومسرحية عن الفتاة العربية «عوالي»، وكل ذلك إلى جوار مسرحياته القصيرة والطويلة المستقاة من واقع الحياة المعاصرة.

ولفت إلى أن محمود تيمور كتب بجوار القصة والرواية، الشعر، وله ثلاثة وخمسون قصيدة منها: شاب يحتضر، ضحكات طفل، الليل، دمعة عين، اللقيط، القلب، الشاعر الغضبان، النفس.. إلخ

وقال شعبان عبد الحكيم: اتصف شعره بطابع إنساني رقيق، يتصف برتاقة اللفظ، وروعة الخيال، وصدق المشاعر، وهذه ملامح رومانسية فى شعره، ومما نجده – أيضًا – من ملامح رومانسية فيه من التأمل والحزن، وهذا ملمح من ملامح الرومانسية، كقوله فى قصيدة «شاب يحتضر»:

فوق سرير الموت نام الذى زال ابتسام العيش عن ثغره
قد ودع الآمال لا يرتجى منها سوى الراحة فى قبره.. إلخ.

وأوضح: ومن سمات الرومانسية فى شعره الحزن يقول فى قصيدة «البلبل الصامت»: فارقت ربع الحى بالأمس وغدوت طى صفائح الرمس

غادرتنا والليل معتكر والقلب نهب مخالب اليأس
يقول فى قصيدة الذكرى
تهزُّ قلبى بعد رقدته كالريح هزت جانب العلم
تمشى الهوينى فى جوانبه كالفجر يطرق حالك الظلم.

وأكد: فنان متعدد المواهب والعطاء ترك للمكتبة العربية واحدًا وسبعين كتابًا، ونال احترام الجميع، فهذا عميد الأدب العربى يقول شهادته عنه بلغ محمود تيمور مكانة أدبية عظيمة فها هو الأديب طه حسين يقول عنه: فإذا قيل إنك أديب مصري ففي ذلك غض منك، وإذا قيل إنك أديب عربي، ففي ذلك تقصير في ذاتك، وإنك لتوفى حقك إذا قيل إنك أديب عالمي، بأدق معاني الكلمة، وأوسعها، وأعمقها، ولا أكاد أصدق أن كاتباً مصرياً- لم يكن شأنه- قد وصل إلى الجماهير المثقفة، وغير المثقفة، كما وصلت أنت إليها؛ فلا تكاد تكتب، ولا يكاد الناس يسمعون بعض ما تكتب- حتى يصل إلى قلوبهم، كما يصل الفاتح إلى المدينة التي يقهرها فيستأثر بها الاستئثار كله، وكرمته الدولة بجائزتها التقديرية في الأدب عام 1962، ومن قبل جائزة الدولة في الآداب عام 1950، وبوسام الدولة في العلوم والفنون عام 1963.. إلخ، وترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم.

واختتم: هكذا يثبت لنا التاريخ أن الإبداع الجميل يخلد ويخلّد صاحبه، ويصبح تراثًا وفخارًا للأمة، ويجب علينا تقدير عظمائنا وتذكرهم بمنجزاتهم وعطائهم المتفرد.

اقرأ أيضًا: وزيرة الثقافة ومحافظ السويس يفتتحان الدورة الأولى لمعرض الكتاب