الطريق
الخميس 9 مايو 2024 07:50 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن رفعت المحجوب يكتب: بين المنتج والمستخدم يفتح الله

أيمن رفعت المحجوب
أيمن رفعت المحجوب

اعتمدت أغلب المدارس الاقتصادية فى تحليل علاقة المنتج بالمستهلك على أساس أن دائرية الإنتاج لا تتوقف فحسب على تيارات مستخدمات الإنتاج الجارية (أي عوامل الإنتاج)، بل تتوقف أيضًا على المخزون من المواد الأولية ومن السلع غير منتهية الصنع (أي السلع الوسيطة)، وعلى الآلات والمباني (أي رأس المال الثابت) وعلى المخزون من السلع الاستهلاكية.

وعليه فقيام أى نشاط اقتصادي (من جانب المنتج) يتوقف على تيارات من المستخدمات الجارية، ويقتضى أيضًا مستخدمات إضافية من صناعات رأس المال.

وهذا ما يؤكد أن أي تغير في رأس المال العامل للاستثمار (بسبب تقلبات سعر الفائدة وأسعار العنلات الأجنبية)، يرج معايير التوقعات الخاصة بعلاقات الإنتاج، وبالتالي يفسد نموذج المنتج والمستهلك، القائم على العرض والطلب وآليات السوق التي تؤدى إلى "الثمن العادل و الربح العادل" في النظام الرأسمالي الحر غير المستغل.... !!!!!!

ولأن رأس المال يعتبر مستخدمًا للمنتج المستقبلى لأي نشاط اقتصادي، فهو عنصر أساسي في العلاقة الفنية بين رأس المال في فترة والمنتج فى فترة أخرى (كجزء كبير من تكلفة الإنتاج)، ومعنى ذلك لا بد منا أن ندخل ما يسمى "بمعامل رأس المال" أي بعبارة أبسط
(ربط قدر رأس المال المتطلب لأى استثمار بالمعدل الجاري لمنتج هذا الاستثمار) لنحدد به ما يلزم من مبانٍ وآلات لإنتاج وحدة واحدة من منتجات أى استثمار جارٍ أو جديد.

ويتوقف "معامل رأس المال" هذا على الأوضاع الفنية فى الاقتصاد، أي أن الوضع الفنى يحدد الكمية اللازمة من كل نوع من أنواع رأس المال المطلوب لوحدة من منتج معين أو لزيادة هذا المنتج أيضًا (أى تؤدى إلى زيادة تناسبية أو نقصان تناسب في رأس المال، حسب درجة توافره والمحدد بسعر الفائدة على الاقتراض).

والأمر هنا متشابك، لأن أي زيادة في استثمار ما يتطلب زيادة في الطلب على مختلف الأنشطة الاقتصادية الأخرى وذلك من خلال أثر (مضاعف الاقتصاد).


وعلى هذا فإننا نواجه هنا وفي مصر حالة من حالات تطبيق من تطبيقات "معجل الاستثمار القومي" والذي اعتمد فى تفعيله الرئيس والموسسة العسكرية، كبديل مؤقت للقطاع الخاص، في ظل توتر سوق عوامل الإنتاج وعدم استقرار أسعار أدوات الإنتاج وتخوفا لقطاع الخاص مرحليا..............!!!!!!.

لذا نوجه نظر الحكومة فى الفترة القادمة (مع بداية العام الجديد وكثرة التكهنات ) إلى أن المستخدمات الإضافية في أي استثمار تحمل فى سبيل إنتاج سلعها رؤس أموال اضافية للتوسع فى إمكانيات الإنتاج الخاص بها لكي تسد متطلباتالسوق المحلي وتنافس على التصدير.

فنأخذ مثلاً صناعة الحديد في مصر، نجد أن إنتاج ألف طن حديد يتطلب من خلال حساب معامل رأس المال، كمية محددة من المباني ومختلف الأجهزة ومخزون الفحم وغير ذلك في أي مرحلة لإنتاج ألف طن حديد جديدة.

أما إذا أردنا زيادة المنتج فلا يكفى أن يزداد تيار المواد الأولية وكل مستخدمات الإنتاج الجارية الأخرى بما يتفق الزيادة المطلوبة فقط .....!!!!!.


بل و لابد من زيادة رأس المال، وهو ما يتوقف على مخزون رأس المال المملوك للمستثمر ومدى توافر رأس المال لدى البنوك بسعر مناسب، وكلاهما يتوقف على أسعار الفائدة، وكلنا يعلم أن "الفائدة هى ثمن النقود " فى اسواق النقد .

ويمكننا أن نرد إضافات رأس المال المطلوب إلى مجموعة معاملات أخرى مثل الاستثمار في هذه الصناعة وما يطلبه من منتجات القطاعات الأخرى (أى مستخدمات صناعة الحديد)، وهل عنصر الزمن المتاح سوف يحقق الكفاءة الإنتاجية فى الوقت المناسب أم لا..؟؟؟؟؟؟.

الأمر الذي يفرض عنصر الزمن في تحليل مختلف الاستثمارات وعلاقتها المتبادلة، وإذا أمكن أن نتوصل إلى هذا الحل فى شكل رقمى فإنه يمكننا الاجابة على أسئلة مختلفة تفسر لنا سير معدل الاستثمار المحلي والأجنبي فى مصر خلال الفترة المقبلة من عام 2023 .

ولكن المؤكد أن هناك ربطًا واضحًا بين رأس المال اللازم لكل استثمار، والمعدل الجارى للإنتاج، والذي لا يتوقف فقط على إدماج أيضًا معاملات رأس المال (أي ربط علاقة تكوين رأس المال في فترة ما بالمنتج المنبثق عنه في فترة أخرى).

وفي النهاية ننبه إلى أن آخر الدراسات الاقتصادية حول دفع معدلات الاستثمار ومحدداتها فى برنامج أبحاث جامعة "هارفارد" ركزت على دراسة وتحديد العلاقات القائمة بين الجهاز الانتاجى وإمكانيات الاقتصاد الانتاجية.

وخلصت إلى أن العلاقات بين رأس المال والإنتاج لا تقتصر على حاجات رأس المال الثابت فحسب بل تدخل في اعتبارها أيضًا كل المشاكل الناتجة عن العلاقات بين المنتج الجارى والمخزون من المواد الأولية والمواد التامة وغير تامة الصنع، أي جانب تكلفة العمل وسعر الفائدة.

ثم وضعها جميعًا في "مصفوفة معاملات رأس المال" حتى يتحدد بدقة معدل الاستثمار الحالى والمتوقع في أي دولة، عسى أن تأخذ الحكومة المصرية كل هذه الاعتبارات فى معالجة منظومة الاستثمار لندفع بالاقتصاد إلى الأمام ، فى ظل كل هذه متغيرات عام 2022/2023 التي ضربت الاقتصاد العالمي، والاقتصاد المصري بصورة أكثر عنف بسبب ضعف الجهاز الإنتاجي المحلي.