الطريق
الأحد 8 ديسمبر 2024 09:06 صـ 7 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

تامر أفندي يكتب: كسانتيب لـ«منتظري» الميكروباص: «كلهم لمؤخذة»

تامر أفندي يكتب
تامر أفندي يكتب

ليسوا كما تراهم.. ليس هناك نموذجاً مثالياً.. لا أحد صحيح.. ثمة علة مخفية.. البعض اعترف بها.. والبعض زيفاً وكذباً تباهى.. فلا تتماهى.. لا تتماه في أحدٍ.. كن أنت.. فأنت أنت لتصل إليك.. فقد كنت أنت وأنت في لحظة البدء ثم افترقت، وها أنت تقطع رحلة العودة لتلتقي بك، فخذ من عقول "المارة" ما شئت لكن إياك أن تفقد عقلك.. بوصلتك.. فطرتك.. خيطك الممتد إلى روحك.. فلا معنى للرحلة إذا وصلت ولم تجد في نهاية "المضمار" أنت.

من فوائد طابور انتظار الميكروباص تلك الفسحة من الوقت التي تجعلك تذهب بعقلك دون جسدك إلى حيث شئت دون أن تٌحرك قدميك.. بجواري عاملان استهواهما "مقاطع الريلز" وبوستات السخرية.. ضحك أحدهما وهو يقول للآخر: "ما تزعلش بقى يا عم مش إنت لوحدك، حتى مرات سُقراط غرقته بالميا، شوف الصورة ولا نطق بكلمة".

تبسمت ووجدتها فرصة للهروب من "الانتظار".. فقلت لهما: لا أعرف إذا كانت الصورة لسقراط وزوجته أم لا، لكني قرأت أن السيدة "كسانتيب"، ألقت بدلو ماء على زوجها الفيلسوف سقراط، وكان رده: "كم من مطر خفيف غلب رياح عاتية".. فانبهرا لأنني أعرف "الواقعة" وأعرف اسم زوجة "سقراط".. لكني عدت لأصدمهم.. ما أود أن أقوله أن صمت سقراط على "كسانتيب" لم يكن لحكمة بل كان لـ«علة» فقد كان الفليسلوف الشهير "مثلياً" "وهذه احتاجت إلى تفسير وتوضيح، لأن بينها وبين عكسها أو كسرها "ألفاً" في منتصفها». لذا يا رفيقا الانتظار لا يجوز أن تتخذا سكوت "سقراط" نموذجاً للحكمة في هذه "الواقعة".. وفي العموم لا يجوز تناقل المواقف والأحداث والكلمات إلا بمعرفة كل ملبسات حدوثها.. ومهما حاولنا سيكون هناك جزء مخفي في الغيب.. فلا تُطلق حكماً نهائياً ولا تتخذ أحداً نموذجاً دون انتقاد أو بالأحرى لا تجعل لك "ولياً".

انضم آخرون إلى حلقة "انتظار الميكروباص"، فلا ننكر أننا شعب "نُحب التقصي وتثيرنا الروائح".. ولأنني صرت «كبائع عطور في سوق للكير»، أذهب وأعود كل يوم ببضاعتي لا أحد يشتري مني في الطريق ولا في أماكن العمل، اللهم إلا من واحد أو اثنين يبتاعوا حرفاً لجبر الخاطر، وجارنا الذي أضع عنده "جوال الكلام" قبل أن أدخل البيت، فيشتري مني خجلاً ما يكفيه لتركيب كلمتين هما مجمل حديثنا يومياً.. تفرح أمي أني رجعت وقد بعت كل بضاعتي، فتطلب مني أن أستريح قليلاً ثم على مهل أُعد حروفاً للغد، "زكائب الحروف" تزيد عند الجار وأخشى أن يُلقيها في "الشارع" فيفتضح أمري، ولا أجُيد حرفة غير الحرف لأفعلها.. وأترفع أن أبيعه خُردة وكان لي من الله "آية ومنحة"..

نكزني أحدهم في كتفي ونكزني آخرون على "الفيس بوك".. وغيرهم في قلبي.. لم أرد ولو لمرة النكز لأن تعريفه عندي غير ما عرفه "مارك".. "لعنة الله على من قلبوا وحرفوا وجرفوا.. على آية حالة يا أيها المنتظرين الميكروباص، لم يكن سُقراط وحده هو من إذا فرغ من فلسفته ذهب إلى "خرابته" فقد عدد "دزموند موريس" الكثير من الأسماء البارزة في كتابه "الرجل عارياً".. هذا بخلاف ما كان قبل كتابه في التاريخ وما بعده ومن أعلن ومن لم يُعلن بدءً من رؤساء دول مروراً بمختلف الفئات والطوائف وصولاً إلى "شواذ الموالد والقطارات".. فكثير هم .."لمؤخذة".. فخذ ما ينفعك واترك ما يضرك.. ولا تنبهر ولا تنخدع ولا تنتظر "الميكروباص" أكثر من ذلك فلا معنى لمجيئه بعد "فوات المواعيد".