محمد دياب يكتب: كشف العلاقات الحقيقيه في زمن المصالح
إن العلاقات البشرية بما تحمله من ود حب وأخلاق تبدو أحياناً وكأنها ساحات اختبار لأعماق النفوس. فالمواقف الصعبة والشدائد والخصومات ليست سوى مصابيح تسلط الضوء على ما يكمن خلف الأقنعة التي يرتديها البعض. الحقيقة الصارخة هي أن الزيف
لا يلبث أن ينكشف وتظهر النوايا الحقيقية عاجلاً أم آجلاً
المتصنعون سواء في الود أو الحب أو الأخلاق يعطون انطباعاً زائفاً بالاهتمام والاحترام؛ يبدون وكأنهم لطفاء في الظاهر لكن النية الحقيقية وراء هذا اللطف قد تحمل خبثاً دفيناً. هذا التناقض بين الظاهر والباطن سرعان ما يُفضَح في مواجهة المواقف الصعبة. فالود المتصنع ينكسر أمام الشدائد والخصومات تكشف الأخلاق الزائفة
إن من يتظاهرون بالود هم أكثر خطورة من الأعداء الصرحاء. العدو الصريح يمكن توقعه والتعامل معه بحذر بينما المتصنع يخفي نواياه الحقيقية تحت ستار الود وهو ما يجعل صدمته أعمق وأشد ألماً حين يظهر على حقيقته
الأيام كفيلة بأن تكشف كل شيء. قد يستغرق الأمر وقتاً ولكن المواقف هي المعيار الحقيقي لاختبار العلاقات. في خضم الشدائد تبرز النوايا وتختفي الأقنعة. المواقف الصعبة لا تقف عند حد كشف الود المتصنع بل تتعداه إلى كشف أولئك الذين يرتدون قناع المحبة. فالمصالح الشخصية غالباً ما تكون هي الدافع الخفي وراء الكثير من العلاقات وحين تنتهي هذه المصالح ينتهي معها الحب الزائف
قد يكون من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالخذلان أو الألم حين يُخدع من شخص أحسن الظن به. لكن في الحقيقة خروج هؤلاء من حياتنا ليس خسارة بل هو مكسب. فالله يعوضنا خيراً عن كل من يغادرنا والعوض الإلهي لا مثيل له
لا تحزن على خروج هؤلاء من حياتك. كن على ثقة أن الله يبعد عنك ما لا يناسبك ويقرب لك ما هو خير لك. حين تتساقط الأقنعة يظهر الجوهر والجوهر هو ما ينبغي أن نبحث عنه
في نهاية المطاف لا يكمن الحل في البحث عن الحب أو الود في العلاقات بل في البحث عن الثقة. الثقة هي الأساس الحقيقي لكل علاقة ناجحة ومستدامة. بينما قد يتظاهر الجميع بالحب فإن المواقف والأوقات الصعبة تظهر من يستحقون هذه الثقة بالفعل
فالطريق ليس لمن سبقك بحب زائف بل لمن صدقك. ومن هنا علينا أن نكون منتبهين إلى من نمنحهم قلوبنا وثقتنا لأن المواقف والشدائد كفيلة بأن تكشف الخداع والزيف
في النهاية اريد ان اقول بأن العلاقات الحقيقية لا تحتاج إلى أقنعة لتزدهر بل تنمو بالصدق والشفافية. إن كشف الزيف والخداع هو بمثابة تحرير للروح من القيود الوهمية التي كنا نعتقد أنها علاقات متينة. لا تندم على من اختاروا الرحيل عندما سقطت أقنعتهم بل اعتبر ذلك فرصة جديدة لبداية نقية مع أشخاص يستحقون مكاناً في حياتك
الحياة ومضة خاطفة فلا تهدرها مع من يتلونون خلف أقنعة الزيف والخداع. اجعل الصدق ميثاقك والثقة أساس كل علاقة تبنيها فليس للباطل جذر يستقيم. لا تحزن على من اختار الرحيل ففي أفولهم حكمة لا يفقهها إلا قلب يثق بأن الغد يحمل خيراً أعظم مما مضى. ارتقِ بثبات وكن على يقين أن كل غياب هو مشهد افتتاحي لفرصة جديدة تكتب بها فصولاً أبهى لحياتك