محمد دياب يكتب: بشار الأسد.. وصمة عار على جبين الإنسانية!

جرائم ضد الإنسانية... عبارة تتردد في أروقة المحاكم وفي صفحات الأخبار لكنها تحمل بين طياتها وجعاً أعمق وأشد. وجع الشعوب التي عاشت الويلات على يد الطغاة والمجرمين. إنها تذكرة دائمة بمعاناة لا تُمحى وحقوق سُلبت وكرامة دُسّت تحت أقدام المستبدين
حين أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال نتنياهو لم تكن مجرد خطوة قانونية بل كانت صرخة ضد الصمت الدولي الذي طال أمده. ومع ذلك السؤال الذي يطرح نفسه : "وأين بشار الأسد؟" هل سقط هذا الملف من حسابات العدالة أم أن ازدواجية المعايير لا تزال تُلقي بظلالها على الساحة الدولية؟
ما فعله بشار الأسد ونظامه بحق الشعب السوري لا يمكن تصنيفه إلا كجرائم بشعة هزت ضمير الإنسانية إن تبقّى شيء منها. القتل الجماعي والتعذيب في أقبية السجون واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين وتهجير الملايين وتدمير وطن بأكمله. هذه ليست تجاوزات عابرة أو أخطاء فردية بل منهج مُتعمّد لإبادة كل من يجرؤ على الحلم بمستقبل مختلف
كيف يمكن أن تُغفر جرائم أودت بحياة مئات الآلاف؟ كيف يمكن الصمت على مأساة الأطفال الذين قضوا نحبهم تحت الأنقاض أو الذين جُرفت طفولتهم في مخيمات اللجوء؟
إن التخاذل الدولي في محاكمة بشار الأسد لا يُعبّر فقط عن عجز في تطبيق العدالة بل يُشكّل خيانة صريحة لضحايا نظامه. عندما تظل الجرائم دون عقاب فإن ذلك يعطي الضوء الأخضر للطغاة الآخرين بأن الجرائم تُنسى بمرور الزمن
العدالة هنا ليست مطلباً وطنياً سورياً فقط بل هي ضرورة عالمية لحماية الإنسانية من تكرار هذه المآسي. إن غض الطرف عن الجرائم في سوريا هو بمثابة شهادة وفاة للضمير الإنساني وخطوة إلى الوراء في مسيرة بناء عالم يحكمه القانون لا الفوضى
ولكي يتحقق العدل يجب أن تبدأ الخطوة الأولى بتوثيق كل جريمة مهما بدت صغيرة. هنا تقع المسؤولية على عاتق الحقوقيين والصحفيين والناجين أنفسهم. شهاداتهم وأدلتهم هي سلاح ضد النسيان وضمانة أن العدالة ستصل يوماً ما حتى لو طال الزمن
يجب أن تُشكَّل لجنة دولية محايدة تتولى جمع الأدلة والشهادات وتوثيق الجرائم بشكل دقيق ومنهجي. على المجتمع الدولي أن يدعم هذه الجهود دون تردد لأن العدالة لا تتحقق بالتصريحات بل بالأفعال
محاكمة بشار الأسد ليست مجرد مطلب شعبي أو سياسي بل هي ضرورة أخلاقية. هي رسالة لكل الطغاة بأن عصر الإفلات من العقاب قد انتهى. هي انتصار لدموع الأمهات ولآمال الأجيال القادمة التي تستحق أن تعيش في عالم أكثر عدلاً وإنسانية
على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته بجدية. يجب أن تُفتح المحاكم ويُستدعى الجناة وتُسمع أصوات الضحايا. لأن العدالة مهما تأخرت تظل مطلب الشعوب ونداء الحق الذي لا يخفت
محاكمة بشار الأسد هي أكثر من مجرد خطوة قانونية هي لحظة فارقة تُكتب في التاريخ لتؤكد أن الطغيان مهما طال فإن مصيره السقوط أمام إرادة الشعوب.