وفاء أبو السعود تكتب: عقول الماضي تغلق باب المستقبل

عقول الماضي تتحكم في الحاضر وتغلق باب المستقبل والدولة العميقة تسيطر وبشده، تسير مصر بخطوات ثابته ومدروسة وفق رغبتها في تحقيق التنمية والتطور واتباع الاساليب الحديثة في كافة المجالات لتتواكب مصر مع الزمن الحالي، وتتواكب كذلك مع حضارتها السباقة على العالم والتي لو كنا سيرنا على نفس النهج لكنا تسودنا العالم وتواكب كذلك مثيلاتها من الدول المشابهة
ولكننا نصطدم كل يوم بعقول تتمسك بالماضي العتيق وبالعشوائية وعدم الانضباط وتقاوم التطور بكل قوتها ليس عن سهو او عدم درأيه، بل متعمدة. وذلك لرغبتها الأكيدة باستمرار الوضع على ما هو عليه ظننا منها انه الوضع الأمثل من ناحية ومن ناحية اخري ان تحقق لنفسها استفادة ومصالح ماديه او معنويه
سأحكي لكم واقعه تكرر حدوثها خلال فترة الثلاث سنوات السابقة في إحدى المنشآت الحكومية التي يوجد بها بعض الخلل او التقصير في قيام الموظفين بأعمالهم اليومية تجرأ أحدهم وثار على تلك الاوضاع المشينة والفوضى غير الخلاقة وقرر ان يعبر عن ثورته بتصوير فيديو لبعض المهازل رغبا منه بتغيير وتصحيح الاوضاع وتعديل الحال بما يتناسب ويتواكب مع امالنا وطموحاتنا لتلك الفترة التي وان لم نحسن استخدام كل قدراتنا الفكرية والبشرية لن يكن لنا مكان في هذا العالم المتصارع
وفي حادثه منهم وجدت صاحب الفيديو بعد ان صور الفيديو لنقل الواقعة كما هي اي انه نقل الحقيقة بلا اي تزييف ولا تهويل فالصورة والفيديو توثيق للواقع كما هو حتى انه ومن شدة ايمانه بالرغبة في التغيير صور نفسه صوت وصوره اي انه وبكل سهوله يمكن التعرف عليه، ولعلمي بما تخفيه الاحداث طلبت منه عدم نشر هذا الفيديو لإخفاء مصدره، وتصوير فيديو اخر لا يظهر فيه الا انه كان له من الشجاعة ان يتخذ قرار قاطعا بنشر الفيديو كما هو.
ونزولا على رغبته قمت بنشر الفيديو، ولكن لم يتعد الأمر سوي سويعات قليله لأجد نفس هذا الشخص يطالبني بسرعة حذف الفيديو والا سيتعرض لكم من الجزاءات والتهديد والعقاب واحتراما لرغبته وخوفا على اكل عيشه قمت بخذف الفيديو.
والسؤال الذي يشغل البال متى سيتغير هذا المناخ؟؟ ومتى سيكون هناك بيئة عمل صالحة تسمح للقائمين على العمل بالتعبير وبحريه عن اي اجراءات والإشارة الي وجود بعض الاخطاء او السلبيات سعيا لتصحيح الاوضاع واصلاح الخلل.
حقيقة الامر اننا وحتى الان لم يتوفر لنا المناخ الملائم والبيئة السوية رغم كل ما تم اتخاذه من اجراءات. فأما ان تكون فاسد مع الفاسدين وترضخ لسطوتهم وتسير في دروبهم وعلى خطاهم وترضي بواقع مرير وسوء اوضاع او ستحارب وبكل قوة وتسلط عليك جيوشهم حتى تستسلم وتستجيب ويتغير مسارك او تترك المكان لعُمارة شريطة ان لا تفتح فاك باي حال من الاحوال.
الي متى سيكون لتلك العقول السيطرة والهيمنة والي متى ستكون تلك العقول هي الصخرة التي يتحطم عليها امالنا في غد أفضل، ان ملف الاصلاح في مصر ليس في ادخال الحاسب الالي ولا باتباع أحدث الاساليب العلمية في الادارة ولا في الميكنة، رغم اهميتها وضرورتها، ولكن مشكلة مصر الأزلية في تلك العقول المتحجرة التي تضرب الحق بالباطل وتؤد الطاقات البشرية وتحرق الأفئدة وتدفن الكفاءات وتنكل بأصحاب الضمائر وتجعل ممن يرغب بالإصلاح عظه وعبرة للأخرين ان فكر وقرر ان يعمل عقله ويحاول ساعيا للتغير
تلك العقول التي لا يصلح معها لا اصلاح، ولا تعديل ولا تغيير ولا ميكنة فهم قادرين على اختراق القانون وبكل جراءه او تطويع البيئة والظروف لخدمة انفسهم وفقط.