شحاته زكريا يكتب: سيناء.. المعركة الرابعة من أجل الحياة

فى الخامس والعشرين من أبريل كل عام لا نكتفى بالاحتفال بعيد تحرير سيناء ، بل نجدد عهد الوفاء لكل قطرة دم روت رمالها الطاهرة ، ولكل يدٍ بنت وشيدت ، ولكل عقل آمن بأن التنمية هى الامتداد الطبيعى للنصر.
لقد خاضت مصر ثلاث معارك كبرى على أرض الفيروز: معركة الكرامة العسكرية فى أكتوبر 73 ، ومعركة السيادة السياسية فى مفاوضات كامب ديفيد ، ثم معركة الدبلوماسية القانونية لاسترداد طابا ، لكن تظل المعركة الرابعة هى الأكثر طولا وتأثيرا إنها معركة التنمية
تلك المعركة لم تبدأ فقط بعد طرد الإرهاب ، بل كانت تختمر فى وجدان الدولة منذ سنوات حتى انطلقت بكل قوة وإصرار تحت قيادة تؤمن أن لا أمن بدون تنمية، ولا سيادة بدون سكان ولا مستقبل بدون استثمار شامل فى الأرض والإنسان.
فى سيناء باتت المعادلة واضحة: تأمين الأرض لا يكتمل إلا بتعميرها. ولهذا لم يكن تعديل الترتيبات الأمنية لاتفاقية السلام مجرد نجاح تفاوضى ، بل إعلان سيادة كاملة تبعته خطوات عملية لبسط الأمن وفرض السيطرة العسكرية على كامل الحدود الشرقية.
لكن الأهم أن الدولة لم تتوقف عند استعادة السيطرة بل مضت فى تنفيذ مشاريع استراتيجية تربط سيناء بعمقها الوطنى من أنفاق الإسماعيلية والسويس إلى الطرق العابرة، إلى مدن جديدة وموانئ عصرية وزراعة مليونى فدان وإنشاء ثلاث جامعات حكومية تليق بأبناء سيناء وتعيد توزيع الثقل السكانى.
المشروع الأخطر والأهم هو تحويل سيناء من منطقة عبور إلى منطقة جذب ، بمستهدف سكاني يتجاوز 6 ملايين مصري بحلول 2030. هذا ليس فقط خيارا تنمويا بل هو خيار سيادى يقطع الطريق على كل المخططات المشبوهة، من التهجير إلى التوطين.
اليوم ونحن نعيش الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء ندرك أن المعركة لا تزال مستمرة لكنها لم تعد بالبندقية وحدها، بل بالفكرة والمصنع والحقل والمدرسة ، فإعمار سيناء هو الجدار الأول ضد الإرهاب والرسالة الأقوى لمن يحاول النيل من مصر فى الجنوب أو الغرب أو الشرق.
تحية لكل من حمل السلاح بالأمس ولكل من يحمل المعول والقلم اليوم .. تحية لأرض لا تزال تكتب تاريخها بأيدى المصريين.