أيمن رفعت المحجوب يكتب: الإنسان في نظام الكون

ليس الإنسان بدعاً في الكائنات الحية ، وليس الإنسان بمعزل عن النظام الكوني ، بل هو مخلوق يمكن "استنتاجه" من النظام الكوني دون عناء كبير.
فإذا كانت الكائنات الحية بشكل عام هي تجسيم لقوانين الحياة ، فإن زيادة التعقيد في تركيب الحيوان جعلته قابلاً للقوانين الانسانية وأصبح الإنسان هو تجسيم هذه القوانين.
والمقصود بزيادة التعقيد في الانسان هو نمو الجهاز العصبي، المخ وملحقاته من غدد وأعصاب، نمواً بالغاً، وعلى ذلك يكون الفهم الحق للإنسان متوقفاً على فهمنا للمخ الانساني فهماً كاملاً.
وهو ما يتطلب دراسة المخ من عدة جهات ، من حيث هو عضو له فسيولوجيا خاصة به وعلاقة هذه الفسيولوجية بسيكولوجية العقل ، وهل هذه الفسيولوجية تصلح تفسيراً كاملاً لهذه السيكولوجيا أم لا؟.
ثم من جهة أخرى ندرس المخ كجهاز تتصل به الصفات الانسانية الخالصة التي تقوم على الإحساس بالمعنويات مثل تقديرنا للجمال وخضوعنا للقوانين الخلقية ، وموقف هذه القوانين من عمل المخ ، وهل شخصية الانسان يمكن أن تكون أيضاً من عمل هذا العضو ثم بعد ذلك يجب أن ندرس المخ من حيث هو جهاز المعرفة.
وعليه إذا تم لنا هذا كله، نستطيع وقتها أن نضع الانسان موضعه الحق في النظام العالمي (أو الالكتروني).
وإذا أردنا أن يكون بحثنا هذا منظماً، فلا مناص من البدء ببحث إمكانية إثبات أن المخ من حيث هو عضو في جسم الانسان، هل يؤدي وظيفته كالكبد والقلب سواء بسواء؟، هل قادراً على القيام بكل ما هو انساني خالص أي بعبارة أخرى هل يسمح تركيب المخ له أن يقوم بوظائف الذاكرة والخبرة والعلم والحكمة والادارة ثم الحب وتقدير الجمال والايمان والضمير، كلهم معاً ؟
الحق أن الله سبحانه وتعالى خلق المخ بتركيبة تسمح خواصها له بذلك كله فعلاً ، فلا داعي لغرض وجود قوى أخرى غامضة غريبة عن ما نعرف من قوانين الكون كالنفسي مثلاً.
أما إذا كان تركيب المخ لا يكفي لتفسير الخواص الانسانية العليا ، فلا بد من فرض وجود قوى خارجية (فأنا لا ندري لها مكاناً في الجسم ) تجعل الانسان انساناً ، إلا القدرة الالهية وليست الطبيعة الأم كما يتصور بعض العلماء والفلاسفة الجُهل.
أستاذ الاقتصاد السياسي والمالية العامة
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
جامعة القاهرة