الطريق
السبت 27 أبريل 2024 01:54 صـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

كش بجم

قد يبدو من أول وهلة أنه زعيم مهاب وقائد لا يشق له غبار، لكنه في حقيقته ضعيف وأجوف، هوايته اعتلاء المنابر وإطلاق التهديدات، لكن سرعان ما يتراجع ثم ينسلخ منها بشخصية الضعيف الذليل، خاصة إذا ما كان يواجه خصما قويا أنيابه لا تخشى الصخر، هذه هى حقيقة فارس تركيا المزيف رجب طيب أردوغان وحاله على مدار الأيام الماضية.

خرج الأردوغان خلال الأيام الماضية معلنا عن قراره إرسال قوات تركية إلى ليبيا، وفقا لاتفاق «دبر بليل» مع حكومة السراج الخائن، وإصراره على غزو ليبيا، وأعقب ذلك إعلانه بدء إرسال القوات بالفعل، وتصور الجميع أن الرجل قوى وينفذ ما يقوله قبل أن تنكشف حقيقته الهزيلة وينكشف زيفه بأنه رجل يثرثر ويتكلم أكثر مما يفعل، وهوايته اعتلاء المنابر وخداع مؤيديه من قطعان الشياه والإبل والإخوان.

كان يمكن لأردوغان أن يتمادى فى قوله بغزو ليبيا وإرسال قوات عسكرية إلى هناك ليسفك دماء الليبيين ويستولى على ثرواتهم ويسبى نساءهم ويعيث فى الأرض فسادا، لولا أنه اصطدم بحالة أكبر منه ومن دولته اسمها «مصر»، تلك الدولة التى أتت ثم أتى من بعدها التاريخ، مصر التى تمتلك من قديم الزمان مفاتيح الأزمات والحل، مصر التى تعقد بنواصيها الأمور، مصر أول قوة عسكرية منظمة فى التاريخ وأول جيش نظامى علم الآخرين فنون التشكيلات والقتال، هنا اصطدم الفحل التركى بالجغرافيا والإنسان والتاريخ، وراح الجميع يحذره «إياك ومحاولة إغضاب مصر والاقتراب من بوابتها التاريخية فى البحر المتوسط»، قالوا له إن مصر مقبرة واسعة لكل الغزاة لاتزال تتسع للجميع، أخبروه بأن ها هنا تنتهى أطماع الطامعين وتموت أحلام أصحاب الغزو، قالوا له لا تاريخ هنا سوى ما أرادت مصر، ولا شىء يمر إلا بإذن مسبق من حتحور، ولا شىء ينفذ إلا بتأشيرة ملك ملوك الأرض، تحتمس الثالث.

أردوغان تركيا المتصابى اصطدم رأسه بحائط صلد من الجرانيت الفرعونى، وأيقن أن العبور إلى ليبيا غازيا فعل انتحار، فمصر هنا تحكم من آلاف السنين، لا مناص من التقهقر، وحاول بدبلوماسية "التراجع" عن تصريحاته، فوحدات «الجيش المجيشة» صارت «مستشارين» للتنسيق، و«القوات» أصبحت «خبراء» بعدد الأصابع والسيطرة على المتوسط، محض أحلام، كما تراجع عن الارسال الفورى للقوات إلى قوافل بالتدريج مهمتها العمل على الاستقرار والتنسيق.

هذا هو أردوغان الذى استوعب أخيرا التاريخ ج وفهم رسائل المناورات المصرية بالذخيرة الحية فى المتوسط، كما استمع للعقلاء من مستشاريه «المصريون لا يمازحون فى أمنهم القومى»، كما استمع لنصائح الغرب «إياك والاشتباك مع المصريين فى البحر والبحرية المصرية لو أرادت منع السمك من العبور فيه لفعلت»، لتتجلى هنا ثقافة وحضارة وقوة الأمم التى مثل مصر، التى تسبح فى  دماءها جينات الزعامة والرهبة، ولديها قائد لا يتهاون ولا يراهن ولا يمازح فى الحفاظ على هيبة وشكل وعنفوان وقوة الدولة المصرية.

زورا وبهتانا يحاول مسيلمة تركيا الكذاب أن يقنع الشعب التركى المسلم بأن غزو ليبيا ونهب ثرواتها يصب فى مصلحة الدولة التركية، ليخرسه أحدهم قائلا له أرسل ابنك بلال إلى هناك للقتال إذاً بدلا من التمتع بأموال وثروات الشعب التركى، ليتوقف الكائن التركى عن الثرثرة بعدما كشف الشعب التركى حجم كذبه ونفاقه وقبل كل ذلك ضعفه الكبير، وخلق مزيد من الأعداء لتركيا فى الإقليم.