الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 04:37 صـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

البيضة والحجر.. عالم الدجالون والاستثمار فى تجارة الـ”جالا جالا”

دجل- تعبيرية
دجل- تعبيرية

خبير قضائى يفجر مفاجأة: لا يوجد نص قانونى بتجريمهم.. والطب النفسى: شبكة معلومات لاستقطاب ضحاياهم.. والإفتاء: من الموبقات

شحن كروت الموبايل أسهل طرق دفع «الفيزيتة».. وفقرات مخصصة بالقنوات الفضائية.. وصفحات على «فيسبوك»

 

لجأ الإنسان إلى أعمال الدجل والسحر والشعوذة، منذ قديم الزمن بسبب فشله فى التعامل مع مشكلات واقعه، ما يدفعه إلى وضع سره وإنفاق ماله على مجموعة من الدجالين الذين برعوا فى استثمار آلام البسطاء فى تجارة لا ينضب معينها، نجحوا خلالها فى إيهامهم بشفاء أمراضهم ورد أحبابهم ومنحهم المال والبنين.

ولم يقف خيال الدجالين وفئة المشعوذين على حدود الطرق القديمة التى كان يستقطبون بها ضحاياهم من خلال بعض النسوة الخبيرات فى إقناع البسطاء بقدرات الشيخ الخارقة و«كشف الحجاب» عنه، وعلاقاته بعالم الجن الذى يخاويه ويستغله فى قضاء حوائج زبائنه، بحسب زعمه، وعلى نحو ما جاء بفيلم «البيضة والحجر» الذى جسد فيه شخصية الدجال «مستطاع» الفنان أحمد زكى (إنتاج 1990).

وصار الدجالون الآن يستقطبون زبائنهم من خلال صفحات مخصصة على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، و«تويتر»، وتطبيق «واتس آب»، ووصل الأمر إلى تخصيص فقرة إعلانية على عدد من القنوات الفضائية لمن يسمونهم المعالجين الروحانيين الذين تخصصوا فى فك السحر ومعرفة لغة النجوم وقراءة الطالع وفك وقف الحال.

وابتدع الدجالون أساليب غير تقليدية فى الحصول على الأجرة التى لم تعد كما كانت عليه تسلم نقدا باليد، وإنما أصبحت بوسائل أكثر تطورا، مثل تحويل رصيد لرقم معد سابقا، أو إرسال رسائل «s.m.s» بعدد مرات معينة لأرقام محددة من خلال «الكنترول» الخاص بالقناة.

«الطريق» رصدت فى هذا التقرير بعضا من جوانب هذا الخطر الذى أخذ يدق ناقوسه بسبب غياب الوعى والثقافة الدينية، ولم تعد ممارسة طقوسه البدائية تقتصر على الطبقات الشعبية، وإنما تعدتها إلى سيدات مجتمع ورجال اعمال الطبقات الراقية الذين أصبحوا مؤخرا ضمن زبائن الدجالين.

وكانت آخر هذه الحوادث ما ضبطته مباحث الإسكندرية، منذ أيام قليلة، عندما ألقت القبض على أحد الدجالين المتهمين بابتزاز السيدات وإقناعهن بإرسال صورهن العارية له، مقابل مساعدتهن على فك أعمال السحر.

وأثبتت التحقيقات أن المتهم طلب من المجنى عليها تصوير نفسها عارية وبملابس النوم لإرضاء الجن الذى يقوم بتسخيره لإخراج الشرور من جسدها، ثم بعد ذلك قام بإخبارها أنه يحبها وأنه سوف يقتل زوجها ليتزوجها، وعندما رفضت قام بتهديدها بالصور واتفق معها على مقابلتها أسفل كوبرى العامرية، لإعطائها الصور مقابل دفع مبلغ مالى.

 

القانون: لا توجد مادة تعاقبهم

المستشار هانى مصطفى، يفجر مفاجأة من العيار الثقيل يؤكد فيها أن القانون المصرى لم ينص على عقوبة لممارسة الدجل والشعوذة، وإنما أدرجها ضمن نصوص المادة 336 من قانون العقوبات على أنه «يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول وكان ذلك لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة، أو إحداث الأمل بحدوث ربح وهمى، أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا له، وليس له حق التصرف فيه، وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة».

وأشار الخبير القانونى إلى أن من شرع فى النصب على أحد الضحايا، لكنه لم يتم جريمته لأى سبب خارج عن إرادته، فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وقد تغلظ بعض العقوبات بالمتابعة الجنائية للجانى بعد قضاء فترة العقوبة، بأن يكون تحت ملاحظة قسم الشرطة التابع له لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين.

الطب النفسى: شماعة لتعليق الفشل

وعن سبب لجوء بعض السيدات إلى أعمال الشبشبة والشعوذة وقدرة الدجال على استقطابهن والتأثير فيهن وسلب عقولهن، يقول الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إن السبب فى هذا يرجع إلى قدرة الدجال على دمج بعض المعلومات غير الصحيحة مع المعلومات الصحيحة، لكى تقع الضحية تحت تأثيره، وامتلاكه شبكة من المعاونين يمدونه بأكبر قدر من المعلومات عن زبائنه، ما يجعل «الزبون» مسلوب الإرادة أمامه.

ويستطرد الدكتور فرويز الحديث عن جذور المشكلة بضعف ثقافة الطب النفسى فى مصر، ما يدفع البعض إلى الاستحياء من الذهاب إلى الطبيب النفسى واللجوء إلى أحد المشعوذين لحل مشاكله، كما يلعب الفقر عاملا حاسما فى رواج تجارة الشعوذة والـ«جالا جالا»، والتى ينظر فيها البسطاء إلى الدجال على أنه شخص مقدس، وما يقول إلا صدقا، خاصة عندما يجد البعض فى كلامه «شماعة» يعلقون عليها فشلهم فى إدارة حياتهم.

الإفتاء: حرام شرعاً

وقفت دار الإفتاء المصرية موقفا حاسما من الذهاب إلى السحرة والدجالين، الذى ينطبق عليه الحديث النبوى «اجتنبوا السبع الموبقات»، ومنها السحر.

وأكد العلماء على أن السحر حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة، وكون له حقيقة ثابتة لا يعنى كونه مؤثرا بذاته، ولكن التأثير هو لله تعالى وحده، وأشارت دار الإفتاء، إلى أنه يحرم على الإنسان أن يذهب إلى الدجالين أو يعتقد أن العراف أو المشعوذ أو الساحر هو الذى ينفعه أو يضره.