الإذاعة المصرية.. سنوات من الإبداع يقتلها غياب المضمون

احتفلت الإذاعة المصرية طوال الأيام الماضية، ببدء بثها لأول مرة في 31 مايو 1934، واحتفت بأمجاد زمنها الجميل، عندما كان الراديو جزءًا أساسيًا من حياة المصريين اليومية، حيث كان الأفراد يلتفون حول ذلك الصندوق الخشبي السحري لتشكل برامجه، يوما بعد يوم، وعي كثير من الأجيال التي قام على أكتافها الوطن.

هنا القاهرة

عبارة الانطلاقة التي تحمل مشاعر الانتماء إلى الوطن، أولى الكلمات التي نطقت بها الإذاعة المصرية على لسان مذيعها الرائد أحمد سالم في افتتاحها عام 1934، وتم اعتماد تلك العبارة لبدء إرسال كل الإذاعات المصرية التي انطلقت في السنوات التالية.

انطلاقة الإذاعة المصرية

ومع انطلاقة الإذاعة، تعاقدت مع عدد من الفنانين للغناء عبر أثيرها، وفي مقدمتهم الفنانة ليلى مراد التى اتفقت على الغناء مرة كل أسبوع، وكانت أولى الحفلات الغنائية التى قدمتها للإذاعة فى 6 يوليو عام 1934، كما عرفت الإذاعة أيضا مونولوجات الفنان إسماعيل يس، الذى ظل يلقى المونولوج طوال عشر سنوات (1935 1945).

الرواد الأوائل

أحمد سالم أول مذيع في الإذاعة المصرية، وكان من أوائل الإذاعيين المصريين، وهو أحد سبعة تولوا مسؤولية الإذاعة الوليدة، ووضعوا أسس العمل بها، وهم: محمد سعيد لطفي باشا، محمد فتحي، علي خليل، أحمد كمال سرور، مدحت عاصم، وعفاف الرشيدي.

العصر الذهبي للإذاعة المصرية

رعان ما نجحت الإذاعة المصرية لتكون جزءا هامة من يوم المصريين، ومصدر الترفيه والتثقيف الأول عندهم، وثمة برامج إذاعية سُجّلت في الأربعينيات إلا أنها لا تزال تعيش فى وجدان الناس حتى الآن، وحفر كثير من عمالقة الإذاعة المصرية أسماءهم وأصواتهم في أذهان وآذان المستمعين على مر السنين.

اقرأ أيضا| بعد تدهور حالتها الصحية.. شيرين عبد الوهاب تطالب بالدعاء لـ رجاء الجداوي

أشهر برامج الإذاعة المصرية

ساعة لقلبك
برنامج المنوعات الشهير "ساعة لقلبك" بدأ في عام 1953، ويعتبر أحد أهم العلامات في تاريخ الإذاعة المصرية، تخرج منه أهم نجوم وكتاب الكوميديا والفكاهة في مصر، وعلى رأسهم: يوسف عوف وأحمد طاهر وأمين الهنيدي وأنور عبد الله ومحمد يوسف وعبد المنعم مدبولي وفؤاد المهندس ومحمد عوض وخيرية أحمد وجمالات زايد ومحمد أحمد المصري المشهور بأبو لمعة وفؤاد راتب المشهور بالخواجة بيجو ونبيلة السيد وأحمد الحداد وغيرهم.

على الناصية
برنامج "على الناصية" أشهر برامج إذاعة البرنامج العام، كانت تقدمه آمال فهمي، واعتاد المستمعون أن ينتظروه في الواحدة والنصف بعد ظهر يوم الجمعة، وبدأ البرنامج عام 1957، وعُرضت من خلاله مشكلات المجتمع، وواجهت بها المسئولين، واستمر لمدة تجاوزت 50 عامًا.

كلمتين وبس
برنامج "كلمتين وبس" بدأ عام 1968، تقديم الفنان فؤاد المهندس، واهتم بعرض سلبيات المجتمع بأسلوب درامي، وكان يبدأ كل صباح في الساعة الثامنة إلا خمس دقائق يوميا، كتابة أحمد شفيق بهجت وإخراج يوسف حجازي، واستمر عرضه لمدة 35 عامًا.

همسة عتاب
برنامج "همسة عتاب" كان يُبث يوميًا فى تمام الثامنة والنصف صباحًا بإذاعة البرنامج العام، من إخراج رضا سليمان، وواهتم البرنامج بعرض شكاوى المواطنين في قالب درامي.

ربات البيوت
"ربات البيوت" هو أهم وأشهر برامج المرأة في الإذاعة المصرية، وتتابع على تقديمه العديد من المذيعات، أمثال: صفية المهندس وجمالات الزيادي، وكان يتضمن فقرات شهيرة مثل "خالتي بمبة" و"عيلة مرزوق أفندي".

غنوة وحدوتة
"غنوة وحدوتة" هو أحد أشهر برامج الأطفال في تاريخ الإذاعة لمقدمته الشهيرة أبلة فضيلة التي تربى على صوتها الأجيال.

تسالي
"غمض عنيك وامشي بخفة ودلع.. الدنيا هي الشابة وأنت الجدع".. بداية برنامج "تسالي" الشهيرة لمقدمته الإذاعية القديرة إيناس جوهر على إذاعة الشرق الأوسط، من كلمات صلاح جاهين.

لغتنا الجميلة
"أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي".. هكذا كان يبدأ "لغتنا الجميلة" برنامج شهير للشاعر فاروق شوشة قدّمه بدايةً من عام 1967، ليبهر المستمعين بمئات الحلقات الراسخة في الوجدان.

اقرأ أيضا| من ”التخشيبة” إلى ”الهروب”.. أحمد زكي وعاطف الطيب ثنائي فني لن يتكرر

رؤساء الإذاعة المصرية

-سعيد باشا لطفي أول رئيس للإذاعة المصرية من عام 1934 حتى 1947.
-محمد بك قاسم من 1947 حتى عام 1950.
-محمد حسني بك نجيب من 1950 حتى عام 1952.
-عبد الحميد فهمي الحديدي من 1966 حتى 1969.
-محمد محمود شعبان من 1972 إلى 1975.
-صفية زكي المهندس من 1975 إلى 1982.
-فهمى عمر من 1982 حتى 1988.
-أمين بسيوني من 1988 إلى 1991.
-حلمي مصطفي البلك من 1991 إلى 1994.
-فاروق شوشة من عام 1994 حتى 1997.
-حمدي الكنيسي من 1997 إلى 2001.
-عمر بطيشة من 2001 إلى 2005.
-إيناس جوهر من 2005 إلى 2009.
-انتصار شلبي من 2009 إلى 2011.
-إسماعيل الششتاوي من 2011 إلى 2013.
-عادل مصطفى من 2/7/ 2013 إلى 19/ 7/ 2013.
-أخيرا عبد الرحمن رشاد ثم نادية مبروك، وحاليا محمد نوار.

أشهر المذيعين

وعلى مدى تاريخ الإذاعة المصرية، حمل الكثير من المذيعين على عاتقهم نشر الثقافة والإبداع بين جموع الشعب المصرى، ومن أبرزهم: محمد محمود شعبان "بابا شارو"، صفية المهندس أول صوت نسائي إذاعي انطلق ليس فى الإذاعة المصرية فحسب، بل في إذاعات المشرق العربي كله، وجدى الحكيم، جلال معوض، نجوى أبو النجا، أمنية صبرى، آمال العمدة، على خليل، طاهر أبوزيد، نادية توفيق ،صالح مهران، أحمد سعيد، سناء منصور، هالة الحديدى، محمد مرعى، سلوان محمود، صبرى سلامة، آيات الحمصانى، سامية صادق، نادية صالح، أحمد الليثى، عبده دياب، محمد يوسف، جمالات الزيادى، إكرام شعبان، على فايق زغلول، محيى محمود، إمام عمر، نجوان قدرى، إيناس جوهر، وغيرهم من رواد وأساتذة ورموز الإعلام المصري.

عصر تراجع الإذاعة المصرية

لا يخفى على أحد أنه من الصعب حاليا تحديد إذاعتك المفضلة لمتابعة البرنامج الذي يقدم مضمونا أو فكرة قد تفيدك في حياتك العملية والشخصية أو تتفاعل معها عبر الهاتف أو إرسال رسائل نصية أو لسماع الأغاني الجديدة أو القديمة التي تعيدك لأيام الطرب الجميل أو لنشرة إخبارية تُطلعك على ما يحدث حولك من قضايا مهمة، حيث تم تقليص المعلومات الإخبارية والثقافية بشكل عام، والاستعاضة عنها بالسمة الترفيهية والنكات، ما أسهم بشكل غير مباشر في انخفاض الوعي الثقافي والسياسي بما يدور حولنا من أحداث في كل وقت.

أبرز التحديات التى تواجهها الإذاعة حاليا، بحسب عبدالرحمن رشاد، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، تتمثل في المنافسة الشرسة مع بقية وسائل الاتصال، في ظل التقدم التكنولوجي المذهل، مشيرا إلى أن الضعف المهني للقائمين على العمل الإذاعي، من أكبر التحديات أيضاً التي تواجه الإذاعة، لافتا إلى أنه كان مقدم البرامج الإذاعية في السابق رفيع الثقافة، متميزاً صوتياً على عكس الفترة الحالية.

الإذاعي الكبير حمدي الكنيسي يقول إن الواسطة تسربت بمرور الوقت إلى منظومة العمل الإذاعي، خاصة بعد دخول القطاع الخاص في المجال، لافتا إلى أن من يجلس أمام الميكروفون أصبح لا يلتزم بأي قواعد، وتحول الأمر إلى جلسات لمذيعين لتبادل الضحكات، ما أساء إلى العمل الإذاعي.

نفس الأمر أكدته السيدة نادية مبروك رئيس الإذاعة المصرية السابق، قائلةً إن "المذيع الآن عشان ينجح ويشتهر لازم يضحك وينكت"، معربة عن أسفها لحال بعض الإذاعات التي تفتح الباب لأشخاص عديمي الخبرة.

هل تعود الإذاعة لسابق عهدها؟

ورغم ما تعانيه الإذاعة المصرية، إلا أنه لا زال كثير من المستمعين ما يجدون في الراديو الونس والخيال الذي لا تكبحه فرامل الصورة المرئية والصديق الهامس بلا فضول.

وبشهادة كل خبراء الإعلام وكبار مذيعي الإذاعة ونماذج عصرها الذهبي، تظل قوة ناعمة للإعلام وأحد أهم وسائطه، والحل فقط في تقديم محتوى هادف يجذب المستمع، يقدّمه مذيع مثقف يقف على أرض صلبة.