الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 02:37 صـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

كيف هزم الدكتور مصطفى محمود ملحدا وصف مناسك الحج بالوثنية؟

الدكتور مصطفى محمود رفقة الشيخ الشعراوي
الدكتور مصطفى محمود رفقة الشيخ الشعراوي

حوار مع صديقي الملحد كتاب من تأليف الفيلسوف والطبيب مصطفى محمود، صدر سنة 1986، يرد فيه على أسئلة لملحدين عن الدين الإسلامي، وعن تساؤلات مادية قد يطرحهاالعقل البشري في فترة ما.

الكتاب يصف محاورة فكرية بين الدكتور مصطفى محمود وصديق خيالي ملحد، يطرح الأسئلة الإلحادية المعروفة مثل: "هل الله موجود؟" و"من خلق الله؟" ويقوم مصطفى محمود بالإجابة العلمية بشكل منطقي على العديد من هذه الأسئلة.

”يا فرحة ما تمت”.. وفاة شاب سعودى أثناء ذهابه إلى قاعة زفافه

كان من بين أحد النقاط المحورية الهامة في حوار الدكتور مصطفى محمود مع هذا الملحد الخيالي وصفه لمناسك الحج بالوثنية، حيث يرى من وجهة نظره أنها عبارة عن بناء حجري يتمسح المسلمون فيه ويطوفون حوله دون فائدة.

حاول الملحد الخيالي إثبات إدعاءات بأنه لا فائد في رجم المسلمين للشيطان، والهرولة بين الصفا والمروة وتقبيل الحجر الأسود وحكاية رقم 7 مع الطوفات والرجمات والهرولات حيث يزعم أنها بقايا من خرافة الأرقام الطلسمية في الشعوذات القديمة.

الدكتور مصطفى محمود بدأ ينظم إجاباته في هدوؤه وبدأ يجيب:"أن في قوانين المادة التي درسها الأصغر يطوف حول الأكبر، الإلكترون في الذرّة يدور حول النواة والقمر حول الأرض والأرض حول الشمس والشمس حول المجرّة والمجرّة حول مجرّة أكبر إلى أن نصل إلى الأكبر مطلقا وهو الله".

وأكمل:"ألا نقول الله أكبر؟ أي أكبر من كل شيء وأنت الآن تطوف حوله ضمن مجموعتك الشمسية رغم أنفك ولا تملك إلا أن تطوف فلا شيء ثابت في الكون إلا الله هو الصّمد الصامد الساكن والكل في حركة حوله وهذا هو قانون الأصغر والأكبر الذي تعلمته في الفيزياء".

وأردف:"أما نحن فنطوف باختيارنا حول بيت الله وهو أول بيت اتخذه الإنسان لعبادة الله فأصبح من ذلك التاريخ السحيق رمزا وبيتا لله ألا تطوفون أنتم حول رجل محنّط في الكرملين تعظمونه وتقولون أنه أفاد البشرية ولو عرفتم لشكسبير قبرا لتسابقتم إلى زيارته بأكثر مما نتسابق إلى زيارة محمد عليه الصلاة والسلام".

وواصل الدكتور مصطفى محمود سرد إجاباته العلمية المنطقية وقال للمحلد الخيالي:"ألا تضعون باقة ورد على نصب حجري وتقولون أنه يرمز للجندي المجهول فلماذا تلوموننا لأننا نلقي حجرا على نصب رمزي نقول أنه يرمز إلى الشيطان".

وتابع:"ألا تعيش في هرولة من ميلادك إلى موتك ثم بعد موتك يبدأ ابنك الهرولة من جديد وهي نفس الرحلة الرمزية من الصفا".

وأخذ الدكتور مصطفى محمود يعرف معنى الصفا بأنها هي الخواء أو الفراغ رمز للعدم إلى المروة، وهي النبع الذي يرمز إلى الحياة و الوجود من العدم إلى الوجود ثم من الوجود إلى العدم ووصفها بأنها تشبه الحركة البندولية لكل المخلوقات.

أما عن رقم 7 الذي سخر منه الملحد الخيالي الذي بات الواقع يمتلء من أمثاله قال الدكتور مصطفى محمود له:"دعني أسألك ما السر في أن درجات السلم الموسيقي 7 (صول لا سي دو ري مي فا)، ثم بعد المقام السابع يأتي جواب الصول من جديد فلا نجد 8 وإنما نعود إلى سبع درجات أخرى وهلم جرا".

وأكمل:"وكذلك درجات الطيف الضوئي 7 وكذلك تدور الإلكترونات حول نواة الذرّة في نطاقات 7 والجنين لا يكتمل إلا في الشهر 7 وإذا ولد قبل ذلك يموت وأيام الأسبوع 7 ألا يدل ذلك على شيء أم أن كل هذه العلوم هي الأخرى شعوذات طلسمية".

وعن سر تقبيل الحجر الأسود قال الدكتور مصطفى محمود للملحد:"ألا تقبّل خطابا من حبيبتك هل أنت وثني ؟ فلماذا تلومنا إذا قبّلنا ذلك الحجر الأسود الذي حمله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في ثوبه وقبّله لا وثنية في ذلك بالمرة لأننا لا نتجه بمناسك العبادة نحو الحجارة ذاتها وإنما نحو المعاني العميقة والرموز والذكريات".

وأردف:"أما ثوب الإحرام الذي نلبسه على اللحم ونشترط ألا يكون مخيطا فهو رمز للخروج من زينة الدنيا وللتجرد التام أمام حضرة الخالق تماما كما نأتي إلى الدنيا في اللفة ونخرج من الدنيا في لفة وندخل القبر في لفة ألا تشترطون أنتم لبس البدل الرسمية لمقابلة الملك ونحن نقول : إنه لا شيء يليق بجلالة الله إلا التجرد وخلع جميع الزينة لأنه أعظم من جميع الملوك ولأنه لا يصلح في الوقفة أمامه إلا التواضع التام والتجرد ولأن هذا الثوب البسيط الذي يلبسه الغني والفقير والمهراجا والمليونير أمام الله فيه معنى آخر للأخوة رغم تفاوت المراتب والثروات".

واختتم الدكتور مصطفى محمود حديثه بقوله للملحد:"ولو وقفت معي في عرفة بين عدة ملايين يقولون (الله أكبر) ويتلون القرآن بأكثر من عشرين لغة ويهتفون (لبيك اللهم لبيك )ويبكون ويذوبون شوقا وحبا لبكيت أنت أيضا دون أن تدري وتذوب في الجمع الغفير من الخلق وأحسست بذلك الفناء والخشوع أمام الإله العظيم".