الطريق
الجمعة 29 مارس 2024 10:13 صـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
سيولة مرورية في القاهرة والجيزة.. وانتشار أمني مكثف تحرير سعر الصرف وتأثيره على سوق العقارات.. جمعية رجال الأعمال: تكلفة الوحدات السكنية الجديدة سترتفع مصر والأموال الساخنة.. فرص استثمارية وتحديات اقتصادية في مواجهة الحكومة عضو المجلس القومي للمرأة في حوار لـ«الطريق»: المرأة شهدت العصر الذهبي في عهد الرئيس السيسي مصر أول دولة في العالم تضع استراتيجية... سيدات الأهلي يحققن الثنائية المحلية للموسم الثاني على التوالي ”الحشاشين”.. مسلسل يكشف استخدام الإخوان لمفاهيم السمع والطاعة المطلقة 6 جنيهات.. حملة لتثبيت سعر تعريفة التوك توك داخل سمالوط رئيس الوزراء يؤكد ضرورة وضع أجندة تنفيذية لمخرجات المرحلة الأولى للحوار الوطني رسالة جديدة من نتنياهو لعائلات المحتجزين البترول تسدد 30 مليون دولار جزء من مستحقات شركة كابريكورن إنرجي مصرع شاب على يد آخر في مشاجرة بالمنيا مواد غذائية شائعة يحظر تناولها أثناء تفاقم التهاب المعدة

نص| رواية لن تكتمل

الكاتبة أسماء نجم
الكاتبة أسماء نجم

كانت تجلس القرفصاء في زاوية الغرفة..

عيناها تقولان إنها انتهت من معركة خاسرة لتوها، تبدّل ما بين الجلوس وافتراش الأرض أحيانًا..

بين الصمت وسماع الأغاني، بين نهنهة البكاء وقهقهات الضحك، لا تدرى أتشعر بالسعادة أم الحزن، أهي في قمة الطمأنينة أم شدة الوجل! كانت تتأرجح بين حالين تتقلب بينهما سريعًا، تكاد تتقطع أنفاسها.

اكتفت بالظلام يكسره ضوء القمر المطل من النافذة، بالكاد يصل إلى زاويتها..

تُسدل شعرها على كتفيها، تمرر أصابعها بين خصلاته، أظافرها تنبش بعض الجروح القديمة بفروة رأسها، جروح كانت قد دُفنت واندملت كلما تحسَّستها شقتها بأظفارها من جديد لتنزف ثانية، كأنها تريد أن تختبر مواطن الألم فيها مرارًا، لا يكفيها ألم مرة واحدة، كأنها تجد في تعذيب نفسها لذة!

ليست لذة الألم ذاتها، وإنما ما خلف الألم، الدافع منه بغية التطهر والغفران.

نعذب أنفسنا ظنًا أنه بعذابنا نتخلص من آثامنا.

وهل يغفر الله للمعذبين فقط؟!

إنا نفسد جميع لحظات الفرح ونعيشه عكرًا بشوائب لا متناهية، وكأنه لا يصح أن نعيشه كاملًا سوى في الجنة! نخاف حتى أن نضحك فنستعيذ من الشيطان في أكثر اللحظات مرحًا، وننتظر بترقب كيف ستنقلب لحظتنا هذه لحزن، نحتفى بقدومه حتى وإن لم يأت!

دثرنا باقي مشاعرنا ولا نُظهر سوى أسودها، فماذا عن البقية؟

مشاعرنا في تعددها حكمة؛ فهي ليست مستقلة في ذاتها، إنما جزء من نسيجنا، مما نحن عليه، لا تستطيع أن تكون إحداها فقط، إنك نتاج كثير من المشاعر؛ الحب، الكراهية، الشوق، الامتنان، الخوف، الشغف، الحيرة، وغيرها...

نتقلب بداخلنا، كموج البحر تطفو وتضرب في الأعماق، هي الألوان التي تشكّل الكون من حولنا، فلا يصبغ الكون بلون واحد، وإلا أصبحنا نحن والفراغ سواء.

كانت هناك، تفكر في كتلة المشاعر الهائلة بداخلها، تحاول أن تهضم هذا الكم الكبير منها، ولقد احتاجت إلى كثير من الوقت لتعي حقيقة ما حدث، وأنه لم يكن دربًا من الخيال نسجته بيدها من كثرة الشوق، فلدغت نفسها علها تصحو من الحلم، ولم يحدث!

كانت واحدة من اللحظات الفارقة في عمر الزمان وعمرها، لحظة لا يعود الكون إلى حالته مثلما كان قبلها، حدث يغيّر مجرى التاريخ، يؤرِّخ الزمان بما قبله وما بعده، وككل الاكتشافات التي تُغيّر واقعنا وثوابتنا نقابلها بالإنكار، خدعة يلجأ إليها العقل ليتغلب على ما يفوق قدرته واستيعابه!

لقد أحبّت كل ثانية معه وكرهت نفسها فيها، تشتاق إليه من جديد وتكابر، تود لو عاد بها الوقت لتكون معه، وتبكي في صلاتها من عذاب ذلك الحب، كيف لحبٍ أن يجمع بين أضداد الكون والشعور؟!

شعرت بأن المحبين لا يندمجون في لحظات اللقاء جسديًا، بل روحيًا، هو اندماج أرواح لا أجساد، حاولت أن تتخلص من رائحته العالقة بين ثيابها، وفى مسامها، وتحت أظافرها، لكن هيهات أن نتخلص مما ملأنا الروح به، كيف ينفد وقد ملأت به كيانها لآخر ذرة، كادت تموت عطشا في انتظاره، وما إن أتى حتى غمرت نفسها فيه حد الغرق.

القلب يحدثني بأنها رواية لن تكتمل، ستظل ناقصة الفصول، لن نعرف أبدًا ما الذى حدث بعد ذلك، ورغم ذلك ترى أنه لا ضير من الاكتفاء بذاك الفصل وإن كانت ستموت في آخره، تموت فوق السطور، أو في طرف ورقة كادت تتمزق من فرط حيرة الكاتب في مصيرها، كل ما عرفته أنها أحبت دورها في روايته وأنها راضية عن نهايتها طالما تحمل أنفاسه، وأنها تركت له ذكرى روحها بين شفتيه، وأنها ستظل حاضره وسط أي لقاء بينه وبين النساء من بعدها، سيقبل شفتيها قبل شفاههن، سيتنفس عطرها قبل عطرهن، ستظل في المنتصف دائمًا، حائلة بينهما للأبد.

مسحت دموعها، دموع خالطت كل مشاعرها فلا نقدر أن نعتبرها دموع توبة أو دموع شوق، دموع مفارق أو حتى دموع ندم، إنها كل تلك الأسباب، وخلافها من أسباب.

لو أن الله يغفر للمعذبين فحسب، فلقد نالت من عذابها في ذلك الحب مبلغًا، ولو يغفر للتائبين فهي تتوب في كل مرة تحادثه، لكن ضعفها تجاهه لا يتوب، ولو غفر الله للمحبين فقد أحبته بجلّ ما تملك من شغاف قلبها وروحها..

فاقت على همس صوت يحادثها..

- " ملاذ أمازلتِ يقظة حتى الآن؟"

- "نعم يا أمي وكيف لمن يفقد معناه أن ينام؟"

للتواصل مع الكاتبة