الطريق
الجمعة 3 مايو 2024 08:34 مـ 24 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مثقفون: ”البوكر” و”نجيب محفوظ” لهما حسابات وتوجد محاولة لاستبعاد مصر

منذ حصول الكاتبين بهاء طاهر ويوسف زيدان على جائزة البوكر العربية، لم يفز أي أديب مصري بتلك الجائزة طوال 12 عامًا، ونفس الحال ينطبق على جائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأمريكية، وذلك منذ خمس سنوات كاملة.

وأكد مثقفون، في تصريحات لـ "الطريق"، أن جائزتي البوكر العربية ونجيب محفوظ لهما حسابات أخرى، مشيرين إلى أن هناك محاولة لاستبعاد المشهد المصري والتقليل من قوته، خاصة وأن أغلب الجوائز تقوم الآن على فكرة التوزيع الجغرافي.

وأضافوا أن هناك مراضاة للأطراف على حساب المركز المصري، خاصة أننا نرى غياب المحكمين المصريين في جائزة البوكر العربية، وإن وجدت فالاختيار رمزي مشوب بعلامات استفهام كثيرة.

محاولة لاستبعاد المشهد المصري والتقليل من قوته

من جانبه، أكد الروائي صبحي موسى، أنه ليس هناك تراجع لحظوظ الرواية المصرية، وهي موجودة في كل الجوائز، لكن المشهد المصري أكبر وأغنى من كل هذه الجوائز، مما يجعل طموحاتنا كبيرة.

وأضاف، نشعر بالاعتداء والظلم ومحاولة الاستبعاد للمشهد المصري والتقليل من قوته، خاصة وأن أغلب الجوائز تقوم الآن على فكرة التوزيع الجغرافي.

وأشار إلى أن مصر ليس بها غير جائزة أو اثنتين، الأولى هي جائزة ساويرس، لكنها مصرية خالصة، حيث أن المنافسة فيها بين المصريين فقط، ولا تعطى انتشارا عربيا.

أما الثانية، فهي جائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأمريكية، وهذه للأسف تعطى بالصداقات والمعارف، مثلما تعطى بالتناوب، وفشلت منذ ظهرت جوائز الخليج في تقديم أسماء أو أجواء منافسة أو حتى ترجمة جيدة تحقق أي نوع من الحضور لأصحابها.

وأكد أن جوائز وزارة الثقافة هي جوائز موظفين، حتى وإن وصلت إلى أسماء جيدة فإنها تفشل في الترويج لها، أو تقديمها للواقع العربي بشكل جيد، وغالبا تسودها المجاملات، ومن ثم يبدو الواقع الثقافي المصري مهيض الجناح، ومتلهف لأي جائزة عربية، مما يجعل المانحين العرب يتحكمون في الثقافة، ويجعل مصر بلدا بلا حضور يتوازى مع حجمها الطبيعي.

وتابع: للأسف مصر بحاجة إلى أكثر من عشر جوائز أخرى، تكون كلها من مؤسسات خاصة أو موكولة لمؤسسات خاصة، ويفضل أن تحصل على شركة مع جوائز عالمية، والا تنحصر في كونها مصرية فقط، فهذا الانغلاق يضر بمصر ولا يفيدها.

وتساءل، لماذا لا تدخل المؤسسات الاقتصادية والشركات الكبيرة في مصر إلى منح هذه الجوائز؟، حيث أن همهم رعاية الأندية ولاعبي الكرة، ولا وجود للثقافة والفكر في مخيلتهم، أعتقد أن على الدولة أن تحثهم على ذلك كي يرفعوا عن كاهلها عبئا لم تعد منشغلة به ولا قادرة عليه.

صبحي موسى

هل هو موقف من لجان التحكيم ضد الكتاب المصريين؟

من جانبها، تساءلت الكاتبة الدكتورة عطيات أبو العينين رئيس لجنة السرد بنقابة اتحاد كتاب مصر، هل هو موقف من لجان التحكيم ضد الكتاب المصريين؟.

وواصلت، هل هي سياسة أمريكية لتغييب دور المثقف المصري من على الساحة العربية؟، هل سياسة الشللية والمصالح امتدت أيضا إلى دور النشر الأمريكية؟

وأضافت، أسئلة كثيرة تدور برأسي ورأس كل كاتب ومثقف مصري وعربي .. ولكن لا تحاول أن تقنعني أنه لا يوجد كتاب مصريون يستحقون الفوز، فمن الطبيعي أن يختفي الكتاب المصريون في دورة من الدورات.

وتابعت: لكن من غير الطبيعي أن يختفوا من الجائزة على مدى أكثر من عقد في جائزة البوكر وخمس سنوات في جائزة نجيب محفوظ التي تحمل اسم أعظم كاتب مصري، بل وعربي أيضا بل ينافس الكتاب العالميين فلقد وصل إلى العالمية باستغراقه في المحلية، فهل من البديهي ألا يوجد خلال الفترة السابقة أي من الكتاب تتوفر فيه شروط ومعايير الجائزتين؟.

وأكدت، أظن أنه من الواضح بهذا الشكل أن هناك رسالة معينة يحاولون تصديرها للعالم بأسره بل والعالم العربي، أتمنى أن ينتبه إلى هذا التوجه الخطير القائمون على الجائزة، فليس من المعقول أن تغيب مصر أم الحضارة والثقافة طيلة هذه الأعوام عن الجائزتين، نحن نكتب وننافس ونملك أدواتنا ولدينا العديد من الأقلام الجادة الذين يبرعون في الكتابة بكل المقاييس.

عطيت أبو السعود

الجوائز العربية باتت تراعي التمثيل الجغرافي:

ويرى القاص والمدون أحمد طوسون، أنه في تقييم الأعمال الأدبية مهما وجدت المعايير الموضوعية تظل الذائقة الشخصية الفيصل في اختيار الأعمال الفائزة وبخاصة عند تقارب مستوى الأعمال المتنافسة.

وأضاف، علينا أن نراجع أسماء المحكمين في جائزة كالبوكر العربية لنكتشف ببساطة غياب الأسماء المصرية وإن وجدت فالاختيار رمزي مشوب بعلامات استفهام كثيرة، ففي إحدى دورات الجائزة يتم اختيار إعلامية شابة وتجاهل كبار الكتاب والنقاد المصريين في الاختيار.

من جانب آخر نلمح أن عدداً من الجوائز العربية باتت تراعي التمثيل الجغرافي في الاختيار وتتجاهل المعايير الموضوعية والفنية.

وأشار طوسون، إلى أن الإعلام المصري ساهم بتجاهله الاهتمام بالأدباء المصريين ما بعد جيل ستينات القرن الماضي ووقوفه عند أسماء بعينها أدى إلى غياب التمثيل المصري في كثير من المحافل الثقافية والجوائز العربية بما يتناسب مع حجمها الثقافي، وبالتالي ساعد في تقزيم التواجد المصري في التنظيم والتحكيم وبالتالي النتائج إذا افترضنا حسن النية وتغليب الذائقة الفنية فقط!.. وأعطى الفرصة لبعض الأسماء التي تفرض سطوتها عربيا لتتحكم في التوزيع الجغرافي للجوائز.

أما بالنسبة لجائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأمريكية بالقاهرة فأمانة الجائزة اعترفت بعد ضجة صاحبت إعلان اسم الفائز بأحد دوراتها أن الجائزة لا تختار وفق معايير التحكيم المتعارف عليها، وأن لها معاييرها الخاصة في الاختيار ومنها منح الجائزة لكاتب مصري في عام ولكاتب عربي في عام آخر.

أحمد طوسون

الضجيج الذي تصنعه الجوائز لا يصنع مبدعا حقيقيا

في ذات الاتجاه، قال الشاعر سالم الشهباني، إن الجوائز دائما لها مانفيستو خاص وشروط يضعها من يقومون عليها, ولا أقصد الشروط المعلنة. لكن غير المعلنة التي تكمن في نوايا وحسابات من يقومون على هذه الجائزة، ولا توجد جائزة نقية من هذه الأهواء والحسابات الشخصية.

وأكد أن مصر مليئة بالمبدعين الكبار الذين ينتصرون للفن وللقيمة الجادة، على حساب التجارية والتسليع.. وسواء جاءت الجوائز تحمل أسماءهم أو لم تجيء، هذا لن يؤثر كثيرا على مشروعهم الإبداعي واستمراريته.

وأشار إلى أن بعض هذه الجوائز بدأت تفقد مصداقيتها عند الكثير من الأدباء. وذلك بسبب هذا التخبط من بعض لجان التحكيم. التي وصل بها الأمر أن ترشح كتاب مقالات ضمن قائمة قصيرة لإحدى الجوائز المهمة في الرواية.

وكذلك الخلط الذي يحدث أحيانا عندما ترى بعض كتابات البوب أرت" وهذا ليس تقليل من هذا النوع الأدبي، وقد وصلت لقائمة جائزة كبرى تختص بالرواية وليست بكتابات "البوب أرت".

وتابع، لن يصح إلا الصحيح وهذا الضجيج الذي تصنعه الجوائز لن يصنع مبدعا حقيقيا.

سالم الشهباني

ميول وانتماءات معلنة

من جانبه، يقول الكاتب محمد صالح رجب، لا تصدق كاتبا يقول إنه غير مهتم بالجوائز، رغم علم الجميع أن النصوص الفائزة بالجوائز ليست بالضرورة الأفضل لأن الأمر يخضع لاعتبارات عديدة كما أن هناك الآن محترفو جوائز أشبه بمحترفي الانتخابات.

وأضاف، أن كل الكُتاب حريصون على التقدير وثقل سيرهم الذاتية بمثل تلك الجوائز، غير أن موضوع الجوائز الثقافية بشكل عام من الموضوعات الشائكة لاسيما تلك الجوائز التي يقف خلفها دول ومؤسسات كبرى ويرصد لها مزايا و مبالغ مالية طائلة.

وتابع: باتت تلك الجوائز ـ في أغلبها ـ وسيلة للاسترضاء والاستقطاب وشراء الولاءات، بالتأكيد لا يمكن أن نشكك في نزاهة المحكمين، لكن المحكمين بشر لهم ميول وانتماءات معلنة والقائمون على تلك الجوائز يدركون ذلك ويوجهون تلك الجوائز عبر اختيار المحكمين مع العلم ان توجيه الجائزة لا يشترط أن يكون لكتاب لهم نفس القناعات و الولاءات، فقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان إضفاء شيء من العدالة على الجائزة أو تحييد بعض الكتاب أصحاب الرؤى المخالفة للقائمين على الجائزة ومن خلفهم.

 محمد صالح رجب

انتهاء عصر السيطرة المصرية على شوارع الجوائز العربية

في اتجاه آخر تماما، يرى الكاتب والناقد إبراهيم حمزة، أنه انتهى عصر السيطرة المصرية على شوارع الجوائز العربية، لأن الطبيعي أن تتشارك الدول العربية الفوز، والاستثناء أن يسيطر الأدباء المصريون وحدهم على الجوائز.

وأضاف، أنه عبر ما يزيد عن ربع قرن منذ انطلقت جائزة نجيب محفوظ ، لم يسيطر عليها المصريون مطلقا، في العام الثاني لها فاز فلسطيني - مراد البرغوثي، العام التالي فازت جزائرية - أحلام مستغانمي- ثم إدوار الخراط، ثم اللبنانية هدى بركات ثم تعود لمصر على يد سمية رمضان ، وهكذا.

وتابع: لا أظن أن الجائزة تتعامل بالمحاصصة بين الدول أو بين دور النشر، فالتعليم في دول الخليج وفى غيرها أنتج مبدعين، وتطوروا بشكل مذهل، في حين انشغل المبدعون المصريون بتاريخهم عن حاضرهم.

وأكد أن الكتابة في وطننا العربي مصدر خسارة مادية غالبا ، والنشر يقتطع من قوت أبناء المبدعين، لذا تأتى الجوائز لتعدل –مؤقتا – كفة الميزان، العالم العربي مليء بالمبدعين، حيث حاورت بعض الفائزين بجائزتي محفوظ والبوكر، ولمست شعورهم القاهر بالغبن والإهمال، حيث قال لى المبدع حمدي أبو جليل ذات حوار "أسعدني أن أنال مالا من جيب نجيب محفوظ، له متعة أخرى .. الإبداع العربي تجاوز فكرة الأفضلية، والعرب تعلموا، وانتهى عصر النجم الأوحد.

إبراهيم حمزة

ليس من الضروري أن يفوز أدباء مصريون بكل الجوائز

ويتفق الأديب أحمد فضل شبلول مع "حمزة" في ذات الاتجاه، مؤكدا، أنه ليس من الضروري أن يفوز أدباء وكتاب مصريون في كل المسابقات والجوائز التي تقدمها المؤسسات والهيئات الثقافية العربية، على اعتبار أنهم الأكثر عددا بحكم التعداد السكاني.

وأشار إلى أن هناك اعتبارات. منها عدم وجود إحصائيات مؤكدة عن نسبة المشاركة المصرية، وحتى إذا وجدت – وأحيانا يعلن عن نسبة مشاركة أدباء كل دولة – فمن أدرانا أن ما تم تقديمه هو الأجود فعلا. فليس كل الأدباء والكتاب المصريين بالضرورة هم الأجود.

ومن هذه الاعتبارات أيضا وجود حركة أدبية نشطة في بلاد عربية أخرى غير مصر، أفرزت كتابا وأدباء - وخاصة في مجال الرواية جيدين - ولم تكن أسماؤهم معروفة لدينا من قبل، وهذا لا يعني عدم وجودهم على الساحة بإنتاج قوي ومهم، ولا أريد أن أذكر أسماء لأنها كثيرة بالفعل.

وقد يكون الكاتب المصري الذي تقدم لنيل الجائزة كاتبا جيدا، ولكن هناك مشاكل طباعية في الشكل الذي صدر به عمله، أو أن مواصفات العمل المقدم لا تتطابق مع شروط الجائزة من حيث الشكل. وقد يكون المضمون مهما ومثيرا ولكنه يتجاوز بعض الحدود التي تقرها لجان الجائزة أو المسابقة.

وأكد أن جائزة نوبل نفسها لها شروط ومعايير ومواصفات يتسم بها الفائز وأعماله، ويجب احترام تلك الشروط والمعايير التي ترتئيها لجان الجائزة أو أصحابها، وإذا لم تكن تعجبنا فلا نتقدم لها.

أحمد فضل شبلول