الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 01:25 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أعطاه 150 جنيه وسمح له بالقهوة والسجائر

حكاية قاسم أمين وكيل نيابة طنطا مع النديم خطيب الثورة العرابية وحكم الإعدام

قاسم أمين
قاسم أمين

بعد فشل الثورة العرابية الوطنية، أطلق البعض عليها اسم "هوجة عرابى"، وبالطبع لم يكن أمام الإنجليز لمحوها تماما سوى تقديم عرابى ورجال الثورة للمحاكمة، وكان من بينهم عبد الله النديم  خطيب الثورة العرابية، والوحيد من رجالها المحكوم عليه بالإعدام، وقد لجأ للاختباء عند أحمد باشا المنشاوى فى قرية "القرشية"، لكن وكيل حكمدار الغربية محمد أفندى فريد، تمكن من القبض عليه.

ومكث "النديم" بين أربعة حوائط بائسا مُكتئبا ينتظر تنفيذ حكم الإعدام عليه، ليس لأنه قتل نفسا بغير نفسا أو أفسد فى الأرض، ولكنه طلب الحرية لبلاده.

و تُفتح أبواب السجن، ويقف الحرس انتباه وينبه عليه بالإستعداد لزيارة وكيل النائب العام، فأوجس النديم فى نفسه خيفةً، ليتفاجئ النديم بأن وكيل النائب العام هو زميله فى الوطنية قاسم أمين، وقد انتقل من نيابة بنى سويف إلى نيابة طنطا، ليبدأ معه التحقيق فى صباح يوم 1891.

 وكما يقولون: "اللقا نصيب"، فذلك اللقاء كان طوق النجاة لعبد الله النديم، ليعد قاسم أمين تقريرا يُسافر به إلى القاهرة ويغير الحكم على النديم من الإعدام إلى النفي.

ويروى الدكتور ماهر حسن فهمى فى كتابه "قاسم أمين"، ضمن سلسلة أعلام العرب، أن قاسم أمين أحسن معاملة النديم وقام له من كرسيه، وأمر بتنظيف مكانه فى السجن، وإضاءته، وأمده بالمال من عنده، وكان التحقيق متجها لمعرفة من آواه وهل كانوا يعرفونه؟

وقال قاسم للنديم: "أنت حر فى كلامك فقل ما شئت"، ثم سافر قاسم إلى القاهرة ليلتمس له العفو اكتفاءٍ بما ذاقه خلال السنوات التسع التى اختفاها، ولم يرجع إلى طنطا إلا بعد أن أصدر رياض باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية قرارا بالإفراج عنه ونفيه إلى الشام ومنحه 150 جنيها ليستعين بها فى منفاه.

 وبقى قاسم فى نيابة طنطا عاما واحدًا قدم فيه هذا العمل الوطنى، وكأنما كانت الأقدار قد هيئته للنديم ليعينه على الخلاص.