الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 02:22 مـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

قوى الظلام والأزمة الاقتصادية

ألقت الأزمة الروسيةـ الأوكرانية بأعباء ثقيلة على الاقتصاد العالمي وليس المصري فقط، وتسببت في أزمات بالعديد من الدول المتقدمة كألمانيا وبريطانيا خاصة فيما يتعلق بالتضخم وتوافر السلع.

أنتجت الأزمة أسوأ فقر في بريطانيا من 30 عامًا حتى أن 550 بنكًا للطعام التي تساعد الفقراء حذرت رئيس الوزراء بوريس جونسون، من اقترابها من "نقطة الانهيار" لعجزها عن مواجهة ارتفاع عدد المحتاجين.

تتسارع معدلات ارتفاع الأسعار عالميا، وتعدى 8% بأمريكا أقوى اقتصاديات العالم، بينما تشهد ألمانيا أقوى الاقتصاديات الأوروبية ارتفاع سعر الخبز بواقع 7.1% والزيت النباتي بنحو 30%، وأصبح سلعة نادرة في بعض المحالات التجارية حتى بات المواطن لا يستطيع شراء أكثر من زجاجة زيت وكيلو دقيق من المحال التجارية.

لم تشهد مصر في المقابل نقصًا في السلع الغذائية التي يتم طرحها في جميع المحال التجارية ، لكن المشكلة في ارتفاع أسعارها نتيجة التضخم المرتبط بالسلع المستوردة من الخارج والتي قفزت بسبب تأثير ارتفاع الوقود وأعباء الشحن على أسعار السلع.

الأحزاب السياسية عليها دور كبير في الفترة الحالية في توعية المواطنين بأسباب الأزمة الاقتصادية الحالية، ونقل مخاوفهم وتساؤلاتهم للدولة المتعلقة بتوقيت تراجع الأسعار، وكيفية تعاطي الاقتصاد المصري مع تداعيات ارتفاع الوقود والتضخم العالمي.

الاحتياطي النقدي تراجع للمرة الأولى منذ 20 شهرًا بقيمة بلغت 3.91 مليار دولار لمواجهة صدمة الأسواق الدولية والحفاظ على استقرار الأسواق المصرية، وتغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي، وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية.

لكن الدعم الخليجي للاقتصاد المصري في الظروف الراهنة بما يزيد على 20 مليار دولار سواء في صورة استثمارات أو ودائع، يعمل على استقرار الاحتياطي النقدي وكذلك سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، والتي تعطي أيضا رسالة ثقة للمستثمرين الأجانب بقدرة مصر على تجاوز الأزمة الراهنة مثلما تجاوزت أزمة كورونا.

تتبنى الحكومة سياسة واضحة نحو التشغيل، فالمشروعات القومية لم تتوقف أبان أزمة كورونا أو الحرب الأوكرانية الروسية، بهدف استمرار دفع النمو الاقتصادي، والتشغيل لجعل بيوت المواطنين مفتوحة.

في الفترة الحالية، يشيع طيور الظلام ودعاة الشر مناخا من الإحباط والتشكيك في الاقتصاد المصري ووصل بهم التآمر إلى الإدعاء والترويج بأن الاقتصاد المحلي يواجه مخاطر الإفلاس، رغم تأكيد البنك الدولي أن توقعات معدل نمو الاقتصاد المصري لا تزال إيجابية رغم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة، حيث جاءت نتائج توقعات معدل النمو للعام المالي 2021-2022 في كل من تقريري إبريل ويناير 2022 مسجلة 5.5%، مقابل نتائج توقعات تقرير أكتوبر 2021 والتي سجلت 5%.

تنسف التقارير الدولية إدعاءات قوي الشر، فتقرير الإكونوميست المجلة الاقتصادية المرموقة أكد أن الأزمة الأوكراني لها بعدين على الاقتصاد المصري أولهما في أسعار القمح المرتفعة التي تستدعي زيادة الإنفاق على الواردات لكن هناك بعد آخر في ارتفاع أسعار الطاقة بصورة كبيرة، مما سيؤدى لزيادة عائدات صادرات الغاز المصري والتي من المحتمل أن تفوق تكاليف استيراد القمح.

حققت مصر فى فترة كورونا نموا بنسبة 3.6%، فكانت الاقتصاد الأعلى نموا فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بينما كان النمو في غالبية الاقتصاديات بالسالب خلال الفترة ذاتها، لكن الأمر يتطلب الاستفادة من الفترة الحالية في إعادة التخطيط للاقتصاد المصري مستقبلاً.
ومن منطلق دور الأحزاب في تقديم مقترحات للحكومة لتجاوز الأزمة الحالية وتجنب حدوثها مستقبلاً، نطالب الحكومة بالتركيز في الفترة المقبلة على ملف الصناعة وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج خاصة السلع الوسيطة التي تدخل في إنتاج سلع نهائية.

يجب التوسع في نشاط الأسمدة التي تعاني من نقص حاد في العالم كله وتوفيرها بأسعار مخفضة للمزارعين من أجل تشجيعهم على التوسع في الإنتاج وتقليل أعباء الإنتاج وأن تقلص الدولة حلقات تداول السلع ما بين المستهلك والمزارع والتي تكون السبب الرئيسي في ارتفاع كثير من الخضروات والفاكهة.

واطالب هنا بضرورة الاهتمام بالمحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والزيوت فلا يليق بمصر التي كانت تطعم الإمبراطورية الرومانية أن تظل المستورد الأول للقمح في العالم، وأن تستورد نحو 90% من زيوتها من الخارج سواء تامة الصنع أو بذور من أجل عصرها واستخلاص الزيوت منها.

وفي الوقت ذاته اشيد بالمشروعات القومية المصرية في مجال الزراعة، وفي مقدمتها المشروع القومي لاستصلاح المليون ونصف مليون فدان، ويشمل المشروع 13 منطقة فى 8 محافظات، والمشروع القومي للغذاء وإنشاء 100 ألف صوبة زراعية، لبناء مجتمعات زراعية تنموية متكاملة، وسيادة مفهوم الجودة الفائقة للمنتجات الطازجة محليا، الخالية من الملونات، بجانب مشروع الدلتا الجديدة الذي يقام بمنطقة محور الضبعة لزراعة أنواع المحاصيل كافة، على مساحة 1.5 مليون فدان.