الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 06:59 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

النقد البناء والنقد الهدام بين النصائح والتشهير

عزت جبر
عزت جبر

يتفنن الكثيرون في توجيه سهام النقد لكل من حولهم والانتقاص من قيمة أي شىء يقال أمامهم، لتبدو وكأنها هوايتهم المفضلة، فهم دائما يعترضون ولا شيء يعجبهم أو يثير اهتمامهم، وفي أحيان كثيرة ليس لديهم مبرر حقيقي لمواقفهم، فقط يريدون إبداء رأيهم المخالف حتى وإن كان هذا الموضوع لا يمسهم من قريب أو بعيد.. في الوقت نفسه يستاء الكثير ممن تم توجيه النقد لهم من أشخاص ربما لا يعرفون شيئا في الحياة إلا الانتقاد، بعد أن أصبح شغلهم الشاغل؛ ولا يمكن أن يدلوا بحديث أو يدلوا برأي أو يدخلوا في نقاش إلا ليكون الهدف الأساسي والرئيسي هو الانتقاد وأنني أتعجب من القدرة التي تمتلك هولاء المنتقدين وكيف يبحثون عن أي نقطة سلبية سواء في الشخص أو الموضوع أو الفكرة التي طرحت ليحولوها إلى انتقاد سريع وكأنهم يكرهون أن يروا أي شيئا إيجابيا.

ولعل هذا النموذج من الأشخاص نجده منتشرا وبكثرة في المجتمع، حيث هناك أشخاص لا يحبون إظهار الجوانب الإيجابية، إنما دورهم في منع من أمامهم بالتقدم للأمام، فيكون كل همهم وهدفهم وشغلهم الشاغل انتقاد الآخرين بغض النظر عن مدى صحة هذا الانتقاد.

ويقول خبير علم الاجتماع الأستاذ الدكتور حسين الخزاعي الفريحات عميد كلية الأميرة رحمة بجامعة البلقاء بالمملكة الأردنية الهاشمية أن السبب الرئيسي في قيام بعض الأفراد في المجتمع بالانتقاد، يعود في المقام الأول إلى ضعف الشخصية وعدم قدرة الأفراد على القيام بنجاحات، وهو نوع من الغيرة والضعف. إلى جانب أن التنشئة الاجتماعية تلعب دورا كبيرا في ذلك، كما أن النمط المعيشي والتقليل من جهد الآخرين وعدم إبراز أي نجاح لهم والأنانية والانتقاص يؤثر في ممارسة الشخصية لهذا السلوك.

ويضيف أن هناك أسرا تمارس الانتقاد بشكل ملحوظ وأمام الآخرين بالمقابل هناك أشخاص لا يتحملون هذا الانتقاد مما يولد مشاجرات ومشاكل بين الأفراد.

وفي ذلك يرى المستشار النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة أن هذه النوعية من الأصدقاء لديهم مشكلة في محاولة إبراز الذات بشكل خاطئ، ويبحثون دائما عن نقد الآخرين وكأنها الطريقة الوحيدة التي يثبتون فيها وجودهم. ويشير إلى أنها حالة من عدم الثقة بالنفس كونه يكون قد تعرض لحياة مضطهدة ويسقط ما مر عليه على شكل اضطراب نفسي، مبينا أنه لا يمكن أن ينتقد نقد بناء لأنه مر في حالات حرمان شديدة وعنف وعزلة ونبذ من الناس.

لذلك يحاولون بشكل مستمر إثبات وجودهم بهذه الطريقة، ودائما يتصدون لأي موضوع بغض النظر عنه من أجل توجيه الأنظار لانفسهم، إلا أنهم يشعرون من دواخلهم بأنهم أشخاص سلبيون.

ويضيف مطارنة أن التعامل مع هذه الفئة من الناس يجب أن يكون بالتجاهل وعدم المجاملة، كونهم أشخاصا يعانون من عدم الاتزان النفسي وتدني مفهوم الذات لديهم ما يجعلهم يسقطون مشكلاتهم النفسية جميعها على الآخرين من خلال الانتقاد المستمر.

في حين يذهب اختصاصي العلاقات الأسرية أحمد عبدالله إلى أن هذا النمط من الشخصية يرى أن الانتقاد يعطيه قيمة ما، حيث إنه يقدم لمن حوله خدمة معلوماتية نقدية تصحيحية. هذا الشخص القيم عنده مختلفة فهو يرى انتقاداته تصحيح مسار، وملاحظاته مهمة، فهو شخصية في بعض الأحيان تسعى للكمال في كل شىء وهذا يجعل التعامل معه أمر غير سهل.

وهناك كثير من الأشخاص يتقبلون الانتقاد إذا تم تغليفه بقالب إيجابي، أما إذا كان سلبي المضمون وسلبي الأسلوب فهذا أمر ينذر بحدوث الكثير من الصدامات المجتمعية.

الفرق بين النقد البناء والنقد الهدام

1. النقد البناء يستخدم أساليب علمية.. بينما النقد الهدام يقوم على السب والتجريح الشخصي.

2. الناقد البناء يقدم نقدا متخصصا وعلميا، قائما على دراسة تخصصه.. بينما الناقد الهدام ينتقد أفكارا لا يلم بها ويتكلم في غير مجاله.

3. الناقد البناء يحرص على نصيحة الأشخاص ويُلمح قبل أن يصرح .. بينما الناقد الهدام يتعمد فضيحة الأشخاص. 4.

4. الناقد البناء هدفه الحقيقة المجردة وتحسين الأوضاع.. بينما الناقد الهدام همه أن يكسب الموقف ويثبت أنه انتصر في النهاية.

5. الناقد البناء هو الذى يؤكد على إيجابيات الفكرة وتوضيح سلبياتها.. بينما الناقد الهدام لا يرى في أي فكرة سوى الجانب السلبي فقط.

6. الناقد البناء يرى أن رأيه يمكن أن يؤخذ به، ويمكن معارضته.. بينما الناقد الهدام يرى أن رأيه بمثابة حكم نهائي غير قابل للنقض.

7. الناقد البناء هو الذي يرحب بجميع الآراء المطروحة ويناقشها.. بينما الناقد الهدام غير مستعد لسماع رد صاحب الفكرة.

8. الناقد البناء له رأي موحد حول الفكرة بغض النظر عن صاحبها.. بينما الناقد الهدام لديه ازدواجية، فهو ينتقد حسب مكانة الأشخاص.

9. الناقد البناء يركز على الفكرة.. بينما الناقد الهدام يوسع النقد إلى موضوعات أخرى.

10. الناقد البناء يحاول أن يقدم بدائل للتطوير.. بينما الناقد الهدام لا يهمه تقديم حلول.

11. الناقد البناء يعتبر النقد مرحلة من مراحل العمل والإنجاز.. بينما الناقد الهدام يقف عند النقد فقط.

12. الناقد البناء يفصل بين الفكرة وبين غيرها من الأفكار التى لا علاقة لها بالموضوع.. بينما الناقد الهدام يكرر نقد نفس الموضوع في أماكن وأوقات لا علاقة لها به.

13. الناقد البناء ممكن أن يتقبل الأفكار الإيجابية الأخرى لنفس الشخص الذي انتقده.. بينما الناقد الهدام إذا انتقد شخصا فإنه يرفض كل أفكاره الأخرى مهما كانت إيجابية.

متى يكون النقد مرفوضا ؟

عندما يتجاوز الناقد حدود الأدب، خاصة إذا كانت ألفاظ المنتقد جارحة، وتسىء إلى الشخص نفسه ولأهله.. لا إلى فكرته أو مشروعه.

عندما يتجاوز النقد إلى الهجوم على المقدسات، كالإساءة إلى الله ورسوله، أو إلى أهل بيته وإلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

عندما يكون النقد بأسلوب غاضب، ويمتهن كرامة الشخص.

عندما يكون النقد بلا مناسبة، حينئذ سيكون النقد في غير مكانه.

والخلاصة: أن الّذي يبصر عيوب الآخرين ولا يحدّق في عيوبه، هو إنسان غائب عن نفسه.