الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 11:14 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أقدم مصور في القوات المسلحة: صورت تحركات العدو.. وإسرائيل زرعت متفجرات على شكل أقلام وساعات في ”بحر البقر”

أقد مصور في القوات المسلحة
أقد مصور في القوات المسلحة
القاهرة

يفتقد تلك الذكريات، بين صور الحرب، ونصر أكتوبر 73، كان لها مذاق خاص، فقد عاصر تلك الفترة وماقبلها من حروب، ليُسطر بين طياتها أجمل وأقوى الذكريات، لعنفوان الصبا، ولإرادة أمة، بين صور العساكر والضباط، وخاصة الصور التي التقطها ليكشف تحركات الضباط الإسرائليين ويُسلمها للجيش المصري، ليس ذلك فقط، بل كل الأسرار التي التقطتها أذناه وعيناه، والمعلومات الهامة عن تلك الفترة التاريخية المهمة في تاريخ الوطن.

قرر "أحمد خالد" الخروج عن صمته بعد 45 عاما، ليتحدث عن مهنته كأول مصور في القوات المسلحة، والذي يُعتبر من مؤسسي وحدة التصوير عام 1965، ليكشف عن أسرار تلك المهنة وأهميتها في ساحة المعارك الحربية التي خاضتها مصر، الغريب في الأمر أن "أحمد خالد" لا يُحب الظهور أمام الكاميرا أبدا، كما أن وطنيته وعشقه لمصر ولتربية الحمام جعله يرفض العمل كمصور لدى الكونجرس الأمريكي، بعد أن حاول البعض تجنيده للعمل بالخارج، بسبب موهبته وشكله الجذاب، ولكن بالإنتماء للوطن قرر المواجهة بسلاحه القوى "عدسة الكاميرا" ليُسطر بها أقوى ملحمة وكانت من وسائل القضاء على العدو المُحتل.

اختيار أول مصور في القوات المسلحة

جاء اختيار أحمد خالد لما يتمتع به من شكل جذاب، فعيناه الزرقاوتان وشعره الذهبي، رشحه للعمل في تلك المهمة الصعبة، ربما حتى لايتم اكتشاف مهتمه الصعبة.

يقول أحمد خالد: "بعد الخمسينيات وتحديدا بعد ثورة 1952 والتي قامت ضد الملك فاروق، كان عمري 15 عاما، واُتيحت لي الفرصة للاطلاع على ماكينات التصوير الحديثة والمستوردة من ألمانيا فى مقر القوات المسلحة، وهو نفس التوقيت الذى تم تأسيس وحدة المجموعة 39 قتال –التي تم إنشائها عقب نكسة 67- على يد اللواء مصطفى كامل واللواء إبراهيم الرفاعي، كانت الضرورة مُلحة لتشغيل أو توظيف رجل مدنى لتصوير بعض الأماكن الحيوية التى تم الاستيلاء عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لتحريرها من قبل (الفدائيين) بالجيش المصرى وقصفها بالطائرات، وفى تلك الأثناء كنت مشغولاً باكتشاف ماكينات التصوير ووقع الإختيار عليً لموهبتي فى التصوير".

يضيف خالد: "كنت أستمتع كثيرا أثناء قيامي بتصوير مقرات وأماكن العدو لكى يتم سحقها بالطيران المصرى أو القضاء عليهم من قبل أفراد وضباط الجيش كانت متعة بالنسبة لى ولم يكتشفنى أحد من العدو ولم ينتبه أحد لتحركاتى أثناء التصوير وهو أمر ضرورى أن تعمل فى الخفاء لتنفيذ تلك المهمات السرية الخطيرة".

تأسيس وحدة تصوير فى القوات المسلحة

يستطرد " أحمد خالد" موضحا أن فترة تدريبه فى القوات المسلحة استمرت لمدة 3 سنوات إذ قام فيها بإعداد كوادر ومصوريين من عساكر الجيش أنفسهم للمساهمة فى النهوض بقسم التصوير، بالإضافة لتأسيس وحدة للتصوير فى مطار القاهرة وذلك لتتبع العناصر والجواسيس القادمين من الخارج، لم يتوقف الأمر عند ذلك بل تم تأسيس وحدة للتصوير فى غزة لمراقبة العدو الصهيونى، إذ أن كل الوحدات كانت وحدات سرية تتبع جهاز الاستخبارات لتسهيل مهمة ضرب وتدمير المواقع التى يتمركز بها الإسرائليون.

قصة بيع الملك فاروق "ضباط الطيران الوطنيين" لإسرائيل

يحكي خالد قصة الطيارين المصريين قائلاً: "كانت إسرائيل تتوغل فى مصر بشكل غير طبيعي، وكان الطيران المصرى يدمر ويقصف مواقعها بتكنيك عالى، فى تلك اللحظة طلبت إسرائيل من الملك فاروق تسليم الضابطين ومنهم (أبو اليزيد) لأنهم من أمهر ضباط الطيران الذين قاموا بقصف مواقع حيوية وتدمير البنى التحتية لمواقع العدو، وبالفعل قام الملك فاروق بتلبية نداء الإسرائليون وسلم الطياريين مقابل أموال بخسة لاتساوى حياة أو مهارة هؤلاء الضباط، ومن ضمنهم طيار له صلة قرابة بى اختل عقله من كثرة التعذيب وأصبح يهذي بكلمات غير مفهومة وظل فى إسرائيل حتى وفاته، أما الطيار (أبو اليزيد) فقد مات من التعذيب من هنا كانت الضرورة للانقلاب على الملك فاروق بعد ماتبين تعامله المباشر مع الإسرائليين وخيانته للوطن".

"فدائى" يُقابل الطيار المختطف.. ويقطع رؤوس وآذان الإسرائليون

يُكمل "خالد" ذكرياته قائلاً: إنه قابل أحد الفدائيين وألقى على مسامعه تلك الكلمات "تحب أجيبلك قريبك الضابط الطيار اللى باعه الملك فاروق من إسرائيل" كانت هذه هى العبارة التى كشفت عن وجود الطيار المصرى على قيد الحياة، ولكن بعد أن إختل عقله من كثرة التعذيب، تلك العبارة ألقاها إحدى الفدائيين على مسامع المصور، لم يقتنع خالد بذلك ولكن "الفدائى" أكد له أن العمليات النوعية التى تتم فى إسرائيل تسمح به بالإطلاع على العديد من المعلومات وأماكن تمركز الإسرائليين فى غزة، وهناك شاهد "الطيار المصرى" وهو يهذى بعبارات غير مفهومة فى المطار الإسرائيلى.

وعلى حد وصف "خالد" كان الفدائى أسود اللون ذو شعر أشعث لم يصدقه خالد قط، إذ قال له: "إنت كداب أنا مش مصدق إنك بتعمل العمليات دى ولا حتى بتقتل حد....!!".

ولكى يثبت له "الفدائى" أنه يقتل الإسرائليين، فتح أمامه حقيبة مليئة بالقطع البشرية الصغيرة وأحجام مختلفة من الآذان البشرية، حينها شعر "خالد" بالقشعريرة تملىء جسده، فقال له الفدائى "صدقت" فقال له خالد "أيوة صدقت".

إنسانية جمال عبد الناصر

تناول أحمد خالد العصير من أمامه وهو جالسا متكئا على الأريكة يتذكر بالصور ماقام به من بطولات عسكرية وتهيئة الفرصة للجيش بضرب مواقع العدو بطريقة فنية صحيحة عن طريق ماكان يفعله بأسلوب سحرى وبكاميراته التى لم يلاحظها أحد طوال فترة خدمتة، ويتذكر"أحمد" موقف إنسانى جمع بينه وبين الرئيس جمال عبد الناصر عندما طلبت إحدى السيدات رؤيته فى منزله فسُمح لها بذلك، وكان طلبها أن يعود لها زوجها من السودان والذى يعمل كمصور مُنتدب فى القوات المسلحة، فأمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعودة زوجها بعد غياب طال سنة ونصف.

قصف الطيران الإسرائيلى ومذبحة بحر البقر

وفي شهادة "خالد" عن تاريخ نصر أكتوبر قال: "بالهاون قصفت إسرائيل الأطفال فى مدرسة بحر البقر كارثة استيقظت عليها مصر، وبكاء وعويل للأمهات، لم تكتفى إسرائيل بذلك بل قامت بزرع متفجرات على شكل أقلام وساعات بجوار مدرسة بحر البقر، وقد انتقمت بتصوير تحركات العدو الإسرائيلي وتم قصفها انتقاما لما حدث في بحر البقر".

الكونجرس الأمريكي والحمام الزاجل

ومن تدمير إلى آخر كانت تلك هى مهمات إسرائيل فى تشريد وقتل وقصف المدنيين المصريين، من ضمنها مدينة بورسعيد والتى دمرتها إسرائيل إلا من "كنيسة" نجت بأعجوبة السماء من القصف المروحى.

فى تلك الأثناء كان "أحمد خالد" بصحبة عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكى لكى يشاهدوا فيه الدمار والخراب الذى حل بالمنطقة، وكان "خالد" يقوم بتصوير تلك المنطقة ويعرض لأعضاء الكونجرس صورا سابقة كان قد التقطها قُبيل القصف على المدينة ليوضح لهم كمية الدمار الذى لحق بالنية التحتية للمدينة.

أُعجب أعضاء الكونجرس الأمريكي بطريقة تصوير "أحمد خالد" وعرضوا عليه العمل معهم كمصور فى أمريكا لديهم، ولكنه رفض لتعلقه وانتمائه لوطنة ولحبه لتربية الحمام الزاجل فوق أسطح منزله.

يسترجع "خالد" ذكرياته ممسكا حمامة بيضاء داخل قفص خشبي كبير قائلا: "كانت لى مغامرات فى التصوير فى الأماكن العسكرية فى مدن القناة وتحديدا فى قرية عامر إذ تمركز الإسرائليون هناك وطلبت من إحدى العساكر متابعة ومراقبة العدو بعد تصويرى المنطقة سلمت الصور لقادة الجيش والذين أعدوا الطيران للقصف، وبالفعل تم تدمير تمركز "الأعداء".

اقرأ أيضا: علاء مبارك ينشر فيديو عن والده في الذكرى 49 لحرب أكتوبر