الطريق
السبت 27 أبريل 2024 11:42 صـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

خوفا من ”بعبع الفيزياء”.. طلاب الثانوية يلجأون للأدبي

29% فقط اختارو القسم العلمي.. والبرلمان يدق ناقوس الخطر

وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم

مخاوف عدة أثارها مراقبون ومتابعون، وعل رأسهم الخبراء التربويين، إثر عزوف طلاب الثانوية العامة عن الالتحاق بالقسم العلمي، إذ لم يلتحق بالقسم العلمي سوى 29% فقط من الطلاب، بينما اختار 71% الالتحاق بالقسم الأدبي، وهو ما اعتبره برلمانيون ناقوس خطر يهدد مستقبل مصر.

وبحسب طلبات الإحاطة التي تقدم بها النواب في هذا الصدد، فإن المعدل الطبيعي والمعروف بين دول العالم أن الطلاب الذين يقبلون على الدراسات الإنسانية واختيار الشعبة الأدبية يتراوح ما بين 25% إلى 30% فقط، بينما المعدل لدينا في مصر فقد تجاوز أضعاف المعدل العالمي.

من جانبها، كشفت الخبيرة التربوية، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، عن أهم الأسباب التي جعلت الطلاب المصريون يعزفون بشكل مبالغ فيه عن الالتحاق بالشعبة العلمية، وإقبال 71% منهم على القسم الأدبي، مؤكدة أن ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية هي السبب الرئيسي وراء تلك الأزمة، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، مشيرة إلى أن هناك فارق كبير بين أسعار الحصص في القسم العلمي عن تلك الأسعار الموجودة في القسم الأدبي، خاصة عندما يتعلق الأمر بمادتي الرياضيات والفيزياء.

وقالت عبد الرؤوف في تصريحات لـ "الطريق"، إن الفرق في أسعار الدروس الخصوصية والحصص مختلف تماما، مشيرة إلى أن الحصة الواحدة في مواد القسم العلمي تصل لـ 250 جنيه أو 300 جنيه، بينما قد لا يتجاوز سعر الحصة في مواد القسم الأدبي 50 جنيه.

وأكدت الخبيرة التربوية أن هذا الفارق الكبير في الأسعار هو أهم الأسباب التي جعلت أغلب الأسر المصرية تختار لأولادهم القسم الأدبي، لأن الأمور المالية ستكون حائلا بين القسم العلمي وبين أبنائهم، مشيرة إلى أن هذا هو الحال بالنسبة لـ ¾ الطلاب أو يزيد، كما أشارت إلى أن البعض كان اختار القسم العلمي ولكن لكثرة الأمور المادية قرر التحويل إلى القسم الأدبي.

وترى عبد الرؤوف أن البعض قد لا يشعر بهذا الأمر، لكن من يراقب أوضاع الدروس الخصوصية وأسعار الحصص في بعض المحافظات التي ترتفع فيها أسعار الدروس، سوف يدرك حقيقة الأمر ويعلم أن الاستمرار في القسم العلمي بالنسبة لكثير من الأسر المصرية هو أمر لا يطاق من الناحية المادية.

ونوهت عبد الرؤوف أن الإقبال الشديد على القسم العلمي، وعزوف الكثير من الطلاب وأسرهم عن القسم العلمي لا يتوقف عند الجوانب المالية - رغم أهميتها - إلا أن هناك أسبابا أخرى ساعدت في تفشي الظاهرة، ومن هذه الأسباب هو العجز الشديد في صفوف المدرسين، الأمر الذي نتج عنه حدوث ندرة في أعداد المدرسين الأكفاء الموجودين في المدارس.

وأشارت عبد الرؤوف إلى أن العجز الموجود في صفوف مدرسين المواد العلمية جاء نتيجة تهرب هؤلاء من العمل بالمدارس الحكومية نظرا لضعف الراتب؛ ومن ثم اللجوء إلى العمل بالسناتر ومراكز الدروس الخصوصية التي تشهد أسعارا عالية وبالتالي مقابل مادي أعلى يساعدهم في تجاوز الأعباء المالية الحالية.

وواصلت الخبيرة التربوية سردها للأسباب التي جلعت الطلاب يعزفون عن الالتحاق بالقسم العلمي، لدرجة أن 71% منهم اختاروا القسم الأدبي، مؤكدة أن أحد الأسباب التي أدت لذلك هي صعوبة الامتحانات الخاصة بالقسم العلمي بصورة يراها البعض تعجيزا للطلاب وانتقاما منهم، علاوة على أن طلاب القسم العلمي يعانون من قلة الكليات المتاحة أمامهم إذا لم يتمكنوا من اللحاق بكليات الطب والهندسة.

يوافقها الرأي، الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، الذي يرى أن من أهم أسباب عزوف الطلاب عن الالتحاق بالقسم العلمي هو الصعوبة الموجودة في المواد العلمية وفي امتحاناتها، فضلا عن عدم وضوح الرؤية أمام مستقبل خريجي هذا القسم، ما يعني أن الطلاب عرضة للصعوبات والضغوطات دون أن يكون لهم مستقبل واضح المعالم، موضحا أن خريجي القسم العلمي لا يتمتعون بمستقبل يختلف كثيرا عن غيرهم من خريجي الكليات الأدبية.

وأوضح مغيث في تصريحات لـ "الطريق"، أن صعوبة المواد العلمية وامتحاناتها جعل من الوصول إلى كليات القمة كالطب والهندسة أمرا شديد الصعوبة، ومن ثم فإن الخيارات والكليات العلمية الأخرى المتاحة أمام الطلاب تكون قليلة، علاوة على أن خريجي هذه الكليات قد لا يجدون فرصة عمل مناسبة لهم، كما لم يتم تعيين إلا القليل منهم – كحال الكليات الأدبية – بل إن من يتم تعيينه قد لا يحصل على راتب مجزي أو مزايا تمكنه من العيش بشكل جيد.

ونوه الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية إلى أن هذه الصعوبة وهذا المستقبل غير الواضح؛ جعل الأمر هو عبارة عن طريقة للحصول على شهادة علمية، ومن ثم يفكر الكثير من الطلاب والأسر في الطريقة الأسهل للحصول على هذه الشهادة، ويكون ذلك من خلال الالتحاق بالقسم الأدبي لا العلمي.

وعن الفارق الطبيعي بين نسبة الطلاب في القسم العلمي والأدبي، أكد الخبير التربوي أن المعدل العالمي يقول إن القسم الأدبي بمفهومنا نحن أو قسم "الدراسات الإنسانية" بالمفهوم العالمي، يكون أقل من نصف أعداد الطلاب الموجودين في القسم العلمي، أي أن في هذه المجتمعات يكون عدد طلاب القسم العلمي أكثر من طلاب القسم الأدبي، وليس كما هو الحال لدينا.

وأكد الخبير التربوي أن هذه النسبة وهذا المعدل العالمي أخرج مجتمعات صحية، وأخرج نظاما تعليميا جيدا ومنظومة طبية جيدة، وهكذا الحال بالنسبة لكافة المجالات في هذه الدول التي لديها مؤشر طبيعي يقول إن أعداد طلاب القسم العلمي هم الأكثر عددا عن القسم الأدبي وليس العكس.