الشيخ إمام.. 105 سنوات على ميلاده «لا أقدر أنساك ولا لي غنى»

"يسبق كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين معنا.. عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معنى" كلمات تعرف صوت صاحبها الذي يخترق قلبك بمجرد سماعها، هو ظاهرة فنية ومتفرد وهب حياته للغناء الذي أدخله السجن، هوعاشق وطنه الذي لا يملك سوى "عوده" يدندن على أوتاره "مصر يما يا بهية" هو لا أحد يشبه روحه وصدقه كانت أغانيه يسمعها المارة في الشوارع ويرددونها خلفه وبات "مغني الشعب" هو الإستثنائي الشيخ إمام.

ولد إمام محمد أحمد عيسى في 2 يوليو 1918، في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة عانت من الفقر ولم يعش لها من الذكور سوى هو وشقيقه وشقيقته بينما مات قبل ولادته 7 من أشقائه، فقد "إمام" بصره إثر إصابته بالرمد وهو في شهوره الأولى وعانى في طفولته، كانت بصيرة الطفل أقوى من بصره وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا، وكانت والدته تصطحبه معها في أفراح ومناسبات القرية ويندس وسط السيدات ويردد خلفهن أغاني الحج والأفراح وهو ما جعل قلبه يتعلق بالغناء والموسيقى.

بعد وفاة والدته عاش في حي الغورية بجوار أبناء قريته في "حوش قدم" وهز في الـ11 من عمره، وبات قارئ يتلو آيات الذكر الحكيم في المحال والبيوت، حتى قادته الصدفة أن يتقابل مع الشيخ درويش الحريري أحد من كبار علماء الموسيقى، وعندما سمع صوته أعجب به "الحريري" وعكف على تعليمه الموسيقى وكان يصطحبه في جلسات الإنشاد والطرب التي يحضرها شيخ الإنشاد الديني علي محمود، والشيخ محمود صبح واحد من كبار الملحنين، وتعرف على الشيخ زكريا أحمد الذي أعطاه ثمن "عود" ونصحه بتعلم العزف وتعلم على يد العواد كامل الحمصاني اتخذه الشيخ زكريا مستشارًا موسيقيًّا ولكن حدثت القطيعة حين عرف أنه يقوم بتسريب أغاني أم كلثوم.

تعلم الشيخ إمام العزف على العود وبات يؤلف الكلمات ويلحنها، وشاءت الأقدار أن يتعرف على المطربة فايدة كامل وغنت من ألحانه "حي على الفلاح" ومن كلمات الشاعر فؤاد قاعود، وذاع صيته في الأوساط الفنية والثقافية حتي جاء اللقاء الذي أحدث نقلة في مشوار الشيخ إمام عندما ألتقى أحمد فؤاد نجم وعاش معه في غرفته في "حوش قدم" وكتب له نجم "أنا أتوب عن حبك أنا" لتكون البداية ويغنيها وهو جالس بجانبه على المسرح في 1962.

كون ثنائي مع رفيق دربه وتوالت الأغاني أبرزها "عشق الصبايا" وكما لازمه في غرفته الضيقة في "حوش قدم" لازمه في السجن عندما دخله الشيخ وأبو النجوم بسبب الأغاني السياسية التي تتخذ طابع السخرية منها أغنية "نيكسون بابا" التي كتبها نجم على خلفية زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون إلي مصر، وقصيدة "الفول واللحمة" التي أدخلتهما السجن لمدة سنة، وقصيدة "بقرة حاحا".

يقول نجم عن رفيق دربه "أنا كنت عينه وهو كان صوتي" ولم تتوقف أغاني إمام ونجم أبرزها "شوف الحكاية" والتي غنتها فايدة كامل في ثاني تعاون لها مع الشيخ إمام، كان نجم يكتب الأغاني العاطفية لصديقه منها "ساعة العصاري" التي غنتها ليلى نظمي ويتبعها بأغان وطنية تلهب حماس الجمهور أبرزها "مصر ياما يا بهية، دولا مين ودولا مين، يا غربة روحي، جيفارا مات، كل عين تعشق حليوة".

لم يتوقف صوت الشيخ إمام على صديقه نجم وغنى لعدد كبير من الشعراء أبرزهم "فؤاد قاعود، سيد حجاب، توفيق زياد، زين العابدين فؤاد" وكتب له نجيب شهاب الدين "يا مصر قومي وشدي الحيل" وغنى من ألحانه عددا كبيرا من المطربين أبرزهم فايدة كامل وولحن لـ لبلبة أغنيتان هما "الخواجة" و"شعبان البقال" وغنى له محمد رشدي "دلي الشيكارة، والغربة"، ووصل رصيده إلي 300 أغنية وثقت الإذاعة معظمها.

توترت العلاقة بين الشيخ إمام ونجم واتجه الأخير إلي كتابة تترات المسلسلات، بينما ظل "إمام" في بيته الذي ضربه زلزال 1992 وسكن في غرفة جديدة تبعد نحو 50 مترا عن بيته القديم وكان لا يغنى إلا في المناسبات الخاصة حتى توفي في 7 يونيو 1995 ودفن في تربة الشيخ عبد السميع بيومي القارئ والمنشد حسبما أوصى، رحل "إمام" وبقيت أغانيه ملء السمع وصوته باق لا يغيب وكانك تسمعه للتو وهو يغني "وأن كان أمل العشاق القرب أنا أملي في حبك هو الحب.. وإن غبت سنة أنا برضه أنا لا اقدر أنساك ولا لي غنى".

اقرأ أيضًا: بعد تصدره التريند.. من هو ابن البعبع «جان رامز» الذي خطف الأنظار من أمير كرارة؟