الطريق
الخميس 9 مايو 2024 07:13 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

د.أيمن المحجوب يكتب .أعياد الثورة وموسم الحصاد

اليوم ونحن نحتفل بأعياد الثورة، والشعب ما زال ينتظر حصاد ثمارها، اسأل نفسى لماذا لم تتحقق
"العدالة الاجتماعية" بعد فى مصر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

رغم مضى أكثر من ١٣ عام على قيام الثورة، وتعاقب أكثر من ثمانية وزارات ودخول وخروج أكثر من مائة وزير لتحقيق أهداف الثورة وطموحات الشعب ، والتى كان أحد أهم أسباب قيامها "العدالة الاجتماعية"، فمتى يبدأ موسم الحصاد إذن؟!!!!!!!
.
قد يرى البعض أن الطريق لتحقيق العدالة الإجتماعية من المنظور الإقتصادى فى مصر ليس باليسير بعد ثورة يناير 2011 وبعد 30 يونيو عام 2013. ولكن الحق أنه بعد ما انتهت إليه السياسات المالية و النقدية فى النظريات العلمية المعاصرة وما لحقها من تطور عميق فى التطبيقات العملية فى الدول المتقدمة فى هذا المجال، أدى إلى أن أصبحت تهدف إلى تحقيق ثلاثة أغراض متكاملة واجبة التنفيذ، وأصبح الطريق أكثر وضوحا لصانع القرار الاقتصادى والسياسى فى مصر للوصول إلى الغرض المنشود وتحقيق الاستحقاق الاقدس "العدالة الاجتماعية".

فهذه الأهداف الثلاثه المتكاملة تتلخص في:
أولا ؛
ضمان تخصيص أفضل للموارد القومية، وذلك عن طريق تحويل جزء من هذه الموارد من الأفراد إلى الدولة
(أى التحول من إشباع الحاجات الخاصة إلى إشباع الحاجات العامة)،
ثانيا ؛
ضمان استخدام آليات السياسة المالية لتوزيع أفضل للدخل القومى بين مختلف الفئات الاجتماعية وأنحاء الاقليم،

ثالثا ؛
ضمان استخدام أفضل لمعدل نمو اقتصادى وتحقق التوازن الاقتصادى بمعناه العادل وليس الاقتصادى المجرد من الإنسانية.
ووجه التكامل هنا بين هذه الأغراض الثلاثة أنها تهدف معا إلى تحقيق ما يعرف "بالرفاهة الاقتصادية"، إلا أن كلا من هذه الأغراض قد يعوق الآخر فى بعض الحالات.
ومثل ذلك (لغير العارفين بعلم الاقتصاد وتعقيداته)،
التعارض بين السياسة الخاصة بتخصيص الدخل القومى للجهات الفردية وللجهات العامة، فقد تؤدى سياسة إعادة توزيع الدخل القومى فى مصلحة الطبقات غير القادرة (لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية) والتى تستهلك أكثر
مما تدخر، قد تسوق البلاد إلى انخفاض فى معدلات الادخار، وبالتالى الاستثمار، وأخيرا ينخفض معدل النمو الاقتصادي.

وأمام هذا الوضع يجب على واضعى السياسة المالية فى البلاد، وهم بصدد رسم سياسة إعادة توزيع الدخل القومى بغرض تحقيق العدالة الاجتماعية حقا وليس شكلا لتوزيع ثمار الثورة على الكل، أن ترسم هذه السياسة فى ضوء ما يترتب عليها من آثارها فى النمو والتوازن الاقتصادى، وفى تخصيص الموارد القومية للإشباع الخاص وللإشباع العام (وليس أحدهم على حساب الآخر).

و بصدد هذا الموضع لم يكن من الممكن تلخيص السياسة الاقتصادية المحققة للعدالة الاجتماعية فى مجرد رفع مستوى الدخل القومى (كما يرى البعض)، بل كان من الضرورى أيضا، أن تتمثل أيضا فى حسن توزيعه بين
مختلف أنحاء الاقليم والفئات الاجتماعية.

فإن كانت الرفاهة الاقتصادية هى الهدف النهائى لكل نظام اقتصادي، لا يمكن أن تتحقق بمجرد رفع الدخل القومي، بل وتستلزم أيضا حسن توزيعه بما يحقق أكبر رفاهة جماعية ممكنة للمجتمع ككل،لا حكرا لطبقة على حساب الأغلبية من أفراد الشعب (كما كان الحال قبل الثورة حيث وصلت معدلات النمو من 2008 حتى 2010 فى مصر إلى أكثر من 7% سنويا)، ولم يشعر بها جموع الشعب، وهذا هو إسقاط كامل للمعنى الحقيقى للعدالة الاجتماعية سواء من المنظور الاقتصادى أو الاجتماعى أو حتى السياسي.

وعليه يجب على أى حكومة رشيدة (الحالية أو القادمة)، وهى تستخدم إعادة توزيع الدخل القومى كسياسة لرفع مستوى الطبقات الفقيرة وإحداث تقارب بين مختلف الطبقات فى المجتمع، واعتبارها إحدى أهم أدوات تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن تراعى نقطة التوازن بين ما يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة وخفض معدلات البطالة دون ارتفاع فى الأسعار.

و هو ما سوف يحقق رفع معدلات الادخار والاستثمار دون خفض معدلات الاستهلاك للطبقات الفقيرة، لتضمن لهم
"حد الكفاية" كما نص الدستور الجديد ، حتى نلحق بالمجتمعات المعاصرة ونحقق "الرفاهة الاقتصادية"
و"العدالة الاجتماعية"، دون أن نقع فى أحد الخيارين ،
كما هو الحال الآن.......!!!!!