محمد دياب يكتب: ترامب ووعوده بين شعارات السلام وألغام السياسة

مع اقتراب يوم 20 يناير يترقب العالم بداية عهد جديد تحت قيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. هذا العهد الذي وعد فيه ترامب بتغيير وجه السياسة الدولية متعهداً بوقف الحروب والصراعات المشتعلة. ومن بين أبرز الملفات الشائكه هى العدوان الاسرائيلى الصهيونى البشع والوحشى على اشقائنا فى غزة
ترامب خلال حملته الانتخابية تحدث بنبرة رجل واثق من قدرته على تغيير قواعد اللعبة. وعد بأن يكون رئيس السلام القادر على نزع فتيل الأزمات من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. بل ذهب أبعد من ذلك عندما زعم أنه لو كان في السلطة لما اندلعت هذه الحروب من الأساس. كلمات أثارت إعجاب مؤيديه لكنها في الوقت ذاته أثقلت كاهله بتوقعات كبرى تضعه اليوم أمام اختبار عسير: هل سيحول هذه الوعود إلى واقع؟ أم أنها ستصبح مجرد شعارات تتلاشى مع ضغوط السياسة؟
الملف الفلسطيني الإسرائيلي يضع ترامب أمام معضلة سياسية وأخلاقية كبرى. العدوان الإسرائيلي على غزة ليس مجرد صراع عسكري بل هو أزمة إنسانية تكشف عن معاناة شعب بأكمله تحت الحصار والدمار. سكان غزة الذين يعيشون في ظروف مأساوية ينتظرون تحركات دولية تعيد لهم الأمل وتخفف من وطأة معاناتهم.
ترامب المعروف بأسلوبه في إدارة الصفقات قد يحاول تطبيق رؤيته التجارية في التفاوض لتحقيق تهدئة بين إسرائيل وحماس. ومع ذلك فإن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتجاوز حدود الحسابات الاقتصادية ويتطلب رؤية شاملة تتعامل مع جذور الأزمة وليس فقط أعراضها.
التاريخ يعلمنا أن الكلمات البراقة التي تُقال في الحملات الانتخابية كثيراً ما تصطدم بواقع السياسة المعقد. الجلوس على كرسي الرئاسة يتطلب شجاعة لاتخاذ قرارات جريئة قد لا تكون شعبية لكنها ضرورية لتحقيق السلام. فهل يمتلك ترامب هذه الشجاعة؟
الأيام القادمة ستكشف عن مصداقية ترامب وقدرته على ترجمة وعوده إلى أفعال حقيقية. هل سيصبح رئيساً يُخلّد اسمه في التاريخ كصانع سلام أم أنه سيسير على نهج من سبقوه مكتفياً بإدارة الأزمات دون حلها؟
في غزة لا ينتظر الناس خطباً سياسية ولا وعوداً براقة. بل ينتظرون خطوات فعلية تخفف من معاناتهم اليومية وتعيد لهم الأمل في مستقبل أفضل.
منذ عقود يشكل النفوذ الإسرائيلي في السياسة الأمريكية عائقاً أمام أي محاولة جادة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فهل يستطيع ترامب بشخصيته غير التقليدية كسر هذه القيود وفتح الباب أمام تسوية حقيقية؟ أم أنه سيخضع لاعتبارات التحالفات والمصالح التي سيطرت على السياسة الأمريكية لعقود؟
ترامب اليوم أمام فرصة تاريخية لإحداث تغيير حقيقي. لكن هذه الفرصة تأتي أيضاً مع تحديات كبيرة قد تُحدد مسار رئاسته بالكامل.
العالم يترقب تحركات ترامب الأولى لكن الأنظار تتجه بشكل خاص إلى غزة. فالشعوب المقهورة لا تملك رفاهية الانتظار الطويل. غزة التي عانت لعقود من الحروب والدمار تنتظر أفعالاً حقيقية تعيد الحياة إلى أراضيها.
ترامب يقف الآن على مفترق طرق. قراراته في الأسابيع والشهور المقبلة ستحدد ما إذا كان سيُذكر كرئيس صنع الفارق أو كزعيم آخر أخفق في مواجهة تعقيدات السياسة الدولية.
العالم يراقب. والشعوب خاصة في غزة تنتظر ليس فقط قرارات ترامب بل أفعاله. فما بين الوعد والتنفيذ يكمن الفارق الحقيقي بين رجل يتحدث عن السلام ورجل يصنعه.
بين وعود السلام وضغوط الواقع يبقى الأمل معلقاً بقدرة ترامب على تجاوز المألوف وصنع التاريخ. فهل ينجح؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.