الطريق
السبت 3 مايو 2025 12:14 صـ 5 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
للعام الثامن على التوالي.. مستشفى صدر دمنهور تتوج بالجائزة الماسية من المنظمة الدولية للجلطات الكابتن باسم عجيبة يشارك في أكبر مونتاج للمدينة الطبية بجامعة عين شمس شاهد| تاريخ نقابة الصحفيين المصرية.. حصن الوعي والحرية وأعرق كيان صحفي في الوطن العربي فيديو| رصد آخر تطورات الأوضاع في انتخابات نقابة الصحفيين العارف بالله طلعت يكتب.. طريق البناء والإنتاج شحاته زكريا يكتب ترامب.. مائة يوم من الارتباك والصدامات الهلال الأحمر: الأوضاع في غزة كارثية.. ونطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل شاهد| أجواء المشهد الانتخابي وعملية التصويت داخل نقابة الصحفيين فيديو.. انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين بالإسكندرية منذ عشر سنوات.. 3000 من حاجزي الوحدات السكنية فى مشروع ”بوسيدى عبد الرحمن” يناشدون الدولة بالتدخل لإنقاذهم من الوعود الكاذبة محافظ الغربية يتابع تنفيذ قوافل المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة بزفتى شاهد| بدء التصويت في انتخابات نقابة الصحفيين

شحاتة زكريا يكتب: التاريخ لا يغفر.. فهل نتعلم؟

شحاته زكريا
شحاته زكريا

التاريخ لا يُعيد نفسه لكنه لا يغفر أيضا لمن يكرر أخطاءه. الذين يظنون أن بوسعهم القفز فوق الحقائق ، أو دفن القضايا العادلة تحت أنقاض النسيان لا يدركون أن الزمن قد يكون بطيئا في استرداد الحقوق ، لكنه لا يتوقف عن المطالبة بها. والعدالة، مهما تأخرت، تجد طريقها في النهاية.

نحن اليوم أمام مرحلة فارقة، حيث تختلط الحسابات السياسية بالمآسي الإنسانية وحيث يُعاد رسم الخرائط ليس بالحوار بل بالنار. هناك من يظن أن بإمكانه فرض واقع جديد بقوة السلاح وهناك من يراهن على ضعف الذاكرة الجماعية وهناك أيضا من يحاول إقناعنا بأن المصالحة لا تحتاج إلى إنصاف وأن إعادة الإعمار يمكن أن تُبنى فوق جراح مفتوحة دون أن تلتئم.

لكن هل يمكن إعادة الإعمار قبل أن تتحقق العدالة؟ هل يمكن أن نتحدث عن تعافٍ حقيقي دون أن نحدد أولا من كان السبب في الكارثة؟ أم أن المطلوب هو طي الصفحة قبل قراءتها والتظاهر بأن شيئا لم يحدث، وكأن التاريخ بلا ذاكرة؟

إن مشاهد الدمار التي تملأ العيون اليوم ليست مجرد أنقاض مبانٍ بل هي شواهد على عجز العالم عن فرض قواعد عادلة. وعندما يصبح القتل مسألة أرقام، والخسائر مجرد بيانات، والمجازر تُناقش ببرود شديد كأنها قضايا تقنية ، ندرك أن الضمير الإنساني ليس في أفضل حالاته.

لكن مهما حاولوا لا يمكن تطبيع الألم ، ولا يمكن أن يصبح القهر مشهدا عاديا في نشرات الأخبار. لن يكون هناك استقرار حقيقي ما لم تكن هناك عدالة حقيقية. الذين يتحدثون عن إعادة الإعمار عليهم أولا أن يسألوا أنفسهم: لمن سنعيد البناء؟ لمن ستُفتح الطرقات من جديد؟ ومن الذي يضمن ألا يُهدم كل شيء مرة أخرى عندما تتغير الموازين؟

هناك من يظن أن السياسة فن الممكن وأن القفز فوق المبادئ مهارة ضرورية لمن يريد البقاء. لكن هؤلاء ينسون أن كل خطوة تُتخذ بعيدا عن العدالة تخلق ثغرة في المستقبل ، وكل قرار يتجاهل الحقائق يؤسس لجولة جديدة من الفوضى.

نحن لسنا بحاجة إلى خطابات مطمئنة بقدر ما نحتاج إلى قرارات صادقة. ولسنا بحاجة إلى مسكنات مؤقتة بقدر ما نحتاج إلى حلول جذرية. قد يكون من السهل عقد المؤتمرات وإصدار البيانات لكن السؤال الأهم: ماذا بعد؟ كيف نضمن أن ما نُعيد بناءه اليوم لن يُهدم غدًا؟ كيف نحول العدالة من شعار إلى واقع؟ وكيف نجعل التاريخ شاهدًا على تصحيح المسار، لا على تكرار الأخطاء؟

التاريخ كما قلنا لا يغفر والتحدي الحقيقي ليس في إعادة الإعمار ، بل في إعادة الحقوق إلى أصحابها ، وإعادة الاعتبار للعدالة، وإعادة الثقة في أن هذا العالم لا يزال قادرا على أن يكون أكثر إنسانية.