الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 08:29 مـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

ماذا بعد مقتل البنا ومحاكمة راجح؟!!

أثارتني قضية مقتل الشاب محمود البنا، على يد زميله محمد راجح، كما أثارت الرأي العام كله، وحركت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لتدشين هاشتاج يطالب بـ #إعدام_راجح.

وأكثر ما أثارني شخصيًا ليس فقط بشاعة الطريقة التي قتل بها محمود، ولكن إصرار القاتل على تنفيذ جريمته حتى أن رؤيته للدماء لم تردعه من استكمال ما شرع به وأصر على تنفيذ ما جاء لأجله.

إلي هنا قد يبدو المشهد دراميًا حزينًا.. ولكن لنتوقف لحظة ونسأل أنفسنا.. هل جريمة قتل محمود ستكون الأخيرة، وهل إعدام راجح سيحل جميع مشاكل المجتمع المصري وسيعود الحكم بالنفع على الجميع؟ فهي ليست المرة الأولى وبالطبع لن تكون الأخيرة.

 أعلم أن بعضًا من حديثي سوف يغضب البعض، خاصة الذين يجدون في الإعدام شفاء لنفس والدة محمود أولاً، وقصاصًا عادلاً للمجتمع الذي إنتفض بأكمله، ولكن لندع هذا القرار للقضاء المصري الذي بمجرد النطق بحكمه لا يمكن لأحد التعليق عليه إحترامًا لعدالة المحكمة.

أما بالنسبة لي بعد التأثر بقصة مقتل الشاب محمود البنا ورؤية الصور التي نشرت على مواقع التواصل المختلفة عقب طعنه والدماء تسيل منه.. فذهبت بتفكيري لشباب هذا الجيل، فقد سبق ورأينا قضايا أبشع من هذه وإنتهي الحكم بإيداع الأطفال للأحداث نسبة إلى أعمارهم فقط وليس نسبة لبشاعة الجرائم التي ارتكبوها. ولكن يبقى السؤال ماذا بعد مقتل البنا ومحاكمة راجح؟!! وماذا عن قضايا التحرش والإغتصاب.

 القضية ليست شخصية بل مجتمعية.. فإذا أردت تحليل الشباب في المجتمع يمكنك التجول في أحد أيام الأعياد أو المناسبات وستجد فصيل ليس بالقليل - أرفض إطلاق لقب ذكر عليهم- لأن أفعالهم لا علاقة لها بالذكورة أو الرجولة، فمن رضى أن يخرج للمجتمع بسروال "ساقط" وارتضى على نفسه أن يداعب الهواء خصلات شعره المنسدل على كتفيه، لا يستحق أن يطلق عليه ذكرًا حتى أنني في بعض الأحيان أظن أن التي تسير أمامي بهذه المواصفات أنثى ولا أنصدم كثيرًا عندما يتضح لي أنها ليست كذلك.

 وإذا ذهبت للبحث في السبب وراء هذا المستوى الذي أصبح عليه شباب اليوم وحتى لا يساء فهم أهدافي فلن أتحدث في هذا المقال عن الشابات وأفعالهن لنترك الحديث عنهم لوقت لاحق، ولكن أشعر أن رغبة الأهالي في تلبية رغبات الأبناء الذين لا يقدرون المجهود المبذول من الأسرة لكسب لقمة العيش هو السبب الرئيس وراء التدني الأخلاقي لشباب هذا الجيل، فضلاً عن أفلام البلطجة والتقليد الأعمى لكل ما يشاهدونه في السينما والتليفزيون وإتخاذ البلطجي مثلاً أعلى وتقليد طريقته في الأزياء وقصات الشعر.

 وهنا أذهب للتساؤل ماذا سيحدث إذا أصدرت مصر في أحد الأوقات قرارًا بالتعبئة العامة فهل ستجد رجالاً يدافعون عنها، أم سيقذفون العدو بالعلكة "اللبانة".

وقادني تفكيري إلى حل أتمنى أن يلقى استحسانًا وتأييدًا شعبيًا، لماذا لا يتم تجنيد الشباب إجباريًا من سن معين، فدائمًا وأبدًا كان الجيش المصري مصنعًا للرجال، لماذا لا يدخل جميع الشباب عقب المرحلة الثانوية للقوات المسلحة ويدرسون التخصصات التي يرغبون فيها، فيتعلمون ويعملون ويصبحون نافعين لبلدهم وأنفسهم؟.

أعلم أن هذا الحل يحتاج إلى ميزانية ضخمة، ولكن إذا وفرنا موارد التعليم الجامعي الخاصة بأعداد الطلاب الذكور من مخصصات وزارة التعليم العالي وتم منحها للقوات المسلحة لتغطية تكاليف هؤلاء الشباب من الممكن أن يساهم في خفض التكاليف، كما أن عملهم بالهيئات والمصانع والمستشفيات الخاصة بالقوات المسلحة سيدر دخلاً ويدير عجلة الإنتاج فيتعلم الشاب المسئولية في سن صغير ويتشكل معها وعيه تجاه بلده ومجتمعه فيمكننا بذلك القضاء على التطرف الفكري والأخلاقي معًا.

قد يكون خيالي قد ذهب إلى أبعد مما يجب، ولكن على أقصى تقدير من الممكن تطبيق فكرة الأنشطة الصيفية ومعسكرات التدريب للشباب والفتيات ليتعلموا فيها الحرف والاعتماد على النفس واستغلال أوقات الفراغ في الإنتاج، ومن هنا سيتاح تعديل سلوكهم وتأسيس شخصيات مسئولة يمكن الاعتماد عليها في المستقبل، وتكون إحدى شروط الالتحاق بالجامعات والوظائف، بما يسهم في خفض معدلات الجريمة بين الصغار من شباب اليوم الذين هم رجال المجتمع في الغد.