الطريق
الإثنين 5 مايو 2025 09:42 مـ 8 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
تصريحات تليفزيونية لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ورئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «المالية» تُطلق مشروعها القومى «أنت أولاً» بالشراكة مع «الوطنية للتدريب» وزير الشئون النيابية يحضر جلسة مجلس الشيوخ بشأن مناقشة سياسات الدولة في تجديد الخطاب الديني ومكافحة التطرف الديني وشئون الوقف الخيري ︎رئيس هيئة الدواء المصرية يعقد اجتماعًا افتراضيًا مع نظيره الزامبي رئيس الوزراء يناقش الترتيبات الخاصة بعقد المنتدى المصري الأمريكي المقرر أن تستضيفه مصر نهاية شهر مايو الجاري وزارة البترول تؤكد أن جميع المنتجات البترولية بما في ذلك البنزين المسوق محليًا تخضع لرقابة وفحوصات دورية دقيقة ︎وزيرة التعليم اليابانية عن العاصمة الإدارية الجديدة: أحد أبرز المشروعات القومية الكبرى التي تعكس رؤية مصر وزير الشباب والرياضة يشهد مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة والمجلس القومي للطفولة والأمومة وزير الأوقاف يشهد مناقشة مشروع قانون تنظيم الإفتاء أمام لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب ترامب: أردوغان دعاني لزيارة تركيا وسيأتي إلى واشنطن تفكيك أم صدام؟.. ترامب يلوّح بموقف صارم تجاه النووي الإيراني نقابة المهن التمثيلية تنعى الفنان القدير نعيم عيسى

ثقافة اللفظ وثقافة العلم

د. أيمن رفعت المحجوب
د. أيمن رفعت المحجوب

يقول 'هربرت ماركوز' إن الانتقال الانقلابي العميق الذي انتقل به الإنسان المعاصر في الدول المتقدمة علما وتقنية وصناعة من عهود طويلة كانت معرفته خلالها كلاما في كلام، وانتقلت إلي عصره هذا الذي أصبحت فيه المعرفة التي تستحق هذه التسمية أجهزة بالغة الدقة، مقياس
الانتقال والسرعة وضبط الاتجاهات، ولنقل الصوت والضوء والصورة، ولتحريك الطائرات والغائصات والصواريخ، واختصارا قد انتقل إنسان هذا العصر من معرفة 'اللفظ' إلي معرفة 'الأداء'.
لم يكن العالم في السابق يبلغ من علمه حدا يجاوز إحسانه للكتابة والقراءة ولا يغير من هذه الحقيقة البسيطة أن يكون الموضوع المكتوب أو المقروء فلسفة قيمة أو أدبا رائعا فلا تكاد تجد فرقا ظاهرا من حيث القدرة علي تغير وجه الأرض بحضارة جديدة بين تلاميذ المدارس وكبار المفكرين فكلا الفريقين علي حد سواء يكتب ويقرأ لكن لا تحركت طائرة بتلك الكتابة والقراءة ولا غاصت غائصة ولا نطق مذياع أو ظهرت صورة والتفرقة بين نوعي المعرفة تصدق علينا نحن العرب ألف مرة إذا صدقت علي شعوب أخري مرة واحدة لأن عبقرية العرب كانت في لسانهم لم تكن اللغة في ثقافة العرب أداة للثقافة بل كانت هي الثقافة نفسها فأنت مثقف بلغ القمة إذا أنت أجدت الإلمام باللغة في مفرداتها وفي نحوها وصرفها وفي رواية نثرها وشعرها فإذا جاء علينا عصر يركز ثقافته في أجهزة وأنابيب ومعامل ومصانع أسقط في أيدينا لأن بضاعتنا شعر ونثر ونحو وصرف ومفردات لغوية ومترادفات وهي كلها أدوات لا تقوي علي صنع إبرة في جهاز صغير جدا.
والمشكلة الآن هي كيف نتحول من ثقافة 'اللفظ' إلي ثقافة 'العلم' والتقنية والصناعة.
وأوضح أن ذلك لم يكن بالرجوع إلي التراث القديم لسبب بسيط وهو أنه مثل هذه التحديات لم تصادف أسلافنا حتي نتوقع منهم أن يضعوا لها تصورات فالموضوعات التي تدور حول أرجاء الحياة المعاصرة لم تكن موضوع النظر عند الأقدمين.
وإنه لبعثرة للجهد أن نحلل الماضي كله لالتماس الجواب ولكن يجب أن نضع صوب أعيننا هذا السؤال: إلي أي حد نستطيع أن نجد العون علي حل معضلاتنا العصرية عند أسلافنا؟ ولو وجد أنه لا عون يمكن أن يستمد من هؤلاء الأسلاف، يصح هنا قول الغزالي إن أدوية الشفاء تختلف باختلاف الداء وكم من دواء ينتفع به مريض ويستضر به آخر وكانت الدعوة إلي إحياء التراث دعوة تغري السامع بنغمتها الجذابة لكنها لا تنطوي علي نتيجة عملية سوي ما يجده محترفو الدراسة الأكاديمية النظرية فيها من رياضة للذهن والحفاظ علي الأثر بعد العين.
ولكن ولكي نطرق كل الأبواب يجب أن لا نستبعد كل أفكار الأسلاف حتي ولو كانت وليدة مشكلاتهم، في تراثهم أفكارا يمكن أن نبتعثها ونعلق بها الرجاء معتمدين علي شرائح زمنية ارتفعت فيها ثقافة السلف إلي أوجها.
ففي بعض الظروف قد يكون هناك مطمع في الرجوع إلي الماضي بعد مفارقته.