الطريق
الثلاثاء 6 مايو 2025 04:16 صـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
مصر تفوز بكأس البطولة الأفريقية للووشو كونغ فو بعد حصد 50 ميدالية كلية القرآن الكريم بطنطا تحتفي بأبنائها الخريجين من الأئمة الجدد دفعة الإمام محمد عبده فعاليات المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية حول ”التواصل والتمكين والحماية للنساء والفتيات من العنف السيبراني محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان ندوة عن ” البناء الفكري وتصحيح المفاهيم” محافظ دمياط يزور قرية الوسطاني ويشهد توزيع المساعدات على المواطنين المتضررين من الأمطار إسرائيل على شفا الانقسام.. تصدعات داخل الجيش والمجتمع ضد سياسة نتنياهو لميس الحديدي ترد على منتقدي موقفها من أزمة الكلاب الضالة: لدينا قانون ولن أغير موقفي منتخب البرازيل يصل القاهرة لمواجهة فراعنة اليد ودياً القاهرة تستضيف مؤتمر الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة.. عرض تفصيلي رئيس نقابة البترول يؤدي واجب العزاء في والدة المهندس خالد استعداداً لعيد الأضحى.. تكليفات عاجلة والأسواق تحت الرقابة محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء والأسواق تحت الرقابة الدائمة

محمد دياب يكتب: رمضان 2025.. موسم العبادات أم موسم التناقضات؟

يقترب رمضان من نهايته، وكالعادة تتسابق الأسواق إلى اجتذاب الزبائن بآخر عروض الملابس والكعك، في مشهد متكرر كل عام، حيث يتحول الشهر من موسم للتأمل والعبادة إلى سباق محموم نحو الاستهلاك. وبينما يسافر البعض إلى مكة بحثاً عن صفاء الروح في العشر الأواخر، يستمر آخرون في السهر أمام المسلسلات الرمضانية حتى مطلع الفجر، وكأن العبادة عند البعض لا تكتمل إلا مع وجبة درامية دسمة.

لكن في زاوية أخرى من العالم الإسلامي، حيث لا وقت للمسلسلات ولا المال لكعك العيد، يمضي الفلسطينيون شهرهم وسط القصف والحصار، يأكلون فتات الخبز بينما تجلس ملايين العائلات أمام موائد عامرة بما لذ وطاب في غزة، لا توجد "تخمة رمضانية"، بل هناك جوع وقتل وتشريد، وصمت عربي مدوٍّ يغطيه ضجيج الإعلانات التي تتنافس على من يقدم مائدة الإفطار الأفخم

منذ متى أصبح رمضان مجرد "كرنفال"؟ موسماً تملأه المسلسلات والإعلانات أكثر من القرآن والعبادة؟ قبل سنوات، كانت الدراما الرمضانية جزءاً من الوعي القومي، تقدم مسلسلات مثل رأفت الهجان ودموع في عيون وقحة، فتجعل الشعوب تعيش مع رجال المخابرات المصرية في معاركهم السرية ضد العدو. أما اليوم، فقد تحولت الدراما إلى صناعة هدفها الأول "التريند"، حتى لو كان المحتوى فارغاً من أي قيمة.

لماذا لا نجد مسلسلاً رمضانياً واحداً يتناول الحرب على غزة؟ لماذا لا يُعرض على شاشاتنا شيء عن المقاومة، عن المجازر، عن أطفال يموتون جوعاً تحت الحصار؟ هل أصبحت القضايا المصيرية "غير مناسبة" لموسم الإعلانات والربح؟ في المقابل، لا تتردد هوليوود يوماً في توظيف الدراما في خدمة قضاياها، فتغرس في أجيالها صورة البطل الأمريكي المنقذ، بينما نحن نحول رمضان إلى سوق استهلاكي، لا يذكرنا بالمآسي إلا في خطبة الجمعة ثم نعود لمتابعة المسلسل التالي


ما حدث لنا؟ كيف أصبحنا أمة تحتفل في جزء منها بينما يُباد جزء آخر؟ كيف تتراص أطباق الطعام حتى التخمة على موائدنا، بينما لا يجد أطفال غزة قطرة ماء؟ في وقت ينشغل فيه البعض بالتفنن في أطباق الإفطار والسحور، يقضي الفلسطينيون يومهم بين البحث عن الطعام والاحتماء من القذائف، ويودعون في كل فجر شهيداً جديداً

لكن الأكثر مرارة أن مشاهد المجازر لم تعد تُحدث الصدمة ذاتها. أصبحنا نشاهد القصف كما نشاهد أي مسلسل، نحزن قليلاً، نضع تعليقاً متعاطفاً، ثم نعود لمتابعة يومنا وكأن شيئاً لم يكن. هل أصبح الدم العربي رخيصاً لهذه الدرجة؟ أم أننا اعتدنا مشاهد الموت حتى تحولت إلى مجرد أخبار عابرة؟


المشكلة ليست في الأكل، ولا في الدراما، ولا حتى في الترفيه. المشكلة في أن هذا الشهر الذي يفترض أن يكون موسماً للعودة إلى الله، أصبح موسماً للتناقضات الكبرى البعض يتحدث عن التقوى بينما حساباته المصرفية تتضخم على حساب الفقراء، والبعض ينفق الملايين على الزينة الرمضانية لكنه لا يتبرع بجنيه واحد لإطعام جائع. وبينما يعتكف البعض في المساجد، يظل آخرون عاكفين على هواتفهم، يتابعون آخر "التريندات"، في انتظار مدفع الإفطار وكأنه نهاية سباق الصيام وليس محطة للتأمل والتغيير.

رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام، بل هو صيام عن التناقضات، عن الاستهلاك المفرط، عن تجاهل معاناة الآخرين، عن اعتبار العبادة مجرد واجب موسمي نؤديه ثم نخلع ثوبها مع أول أيام العيد. فماذا لو جعلنا هذا الشهر نقطة تحول حقيقية، لا مجرد طقس سنوي نمارسه دون أن يترك فينا أثراً؟

لعلنا نستيقظ.. قبل أن يصبح رمضان مجرد ذكرى لما كنا عليه يوماً.

موضوعات متعلقة