الطريق
الخميس 28 مارس 2024 12:16 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

د. السيد محمد راشد يكتب: اتبرع ومسيرها تتشرع

 راشد
راشد

 

الدول الرأسمالية الحرة تخطط لتوجيه الاستثمارات إلى مناطق معينة وإلى أنشطة معينة دون إجبار أو إلزام أحد.

.  مثال يراد عمل محطات خدمة سيارات ومطاعم وكافيهات على الطرق .

قم برصف الطرق المهمة والتى تكون عليها كثافة المرور مرتفعة في جميع الأوقات، سوف تجد مئات من الطلبات المقدمة لعمل محطات وقود وكافيهات ومطاعم، وشركات تتقدم لوضع إعلانات الطرق وسوف تجنى أرباحا هائلة.

كل اللى إنت عملته رصف الطريق أما الباقي فسوف يقوم به راغبو الاستثمار فى هذا المجال وسوف تكسب أموالا طائلة نتيجة لهذا العمل دون التأثير على أحد لو طلب العون من أحد.

يراد بناء مدارس في منطقة يكثر فيها رجال الأعمال كل اللى هتعمله قرار وزارى.

من يقوم ببناء مدرسة ويسلمها للجهه المختصة تكتب باسمه.

سوف تجد مئات من رجال الأعمال يتقدمون لبناء المدرسة من أجل نيل هذا الشرف.

وقد تم بناء العديد من المدارس فى عهد الرئيس مبارك بهذه الطريقه كل اللى الحكومة هتعمله تنظيم طلبات ومتابعة طالب الخدمة ووضع المواصفات والرسومات والشروط.

وشرف كتابة المدرسة باسم رجل أعمال سوف يظل طول العمر، ويذكر أن فلانا ساهم في تعليم وتنوير أجيال أبناء هذه المنطقة هذا غير الأجر والثواب من الله.

عندما أراد السادات نشر المدارس الأزهرية فى رئاسة الشيخ عبد الحليم محمود للأزهر وعد بضم العمال والمدرسين  إلى المعاهد المقامة عن طريق التبرعات.

تسابق الكثير من الناس إلى بناء المعاهد الأزهرية  وانتشر التعليم الأزهرى دون أن تتحمل الحكومة مليما.

وزارة الأوقاف كانت بتقوم ببناء المساجد من الألف إلى الياء أما الآن فتركت العملية لرجال الأعمال لبناء المسجد من الألف إلى الياء نظير إشراكه فى تعيين عمالة المسجد وقد قام رجال الأعمال ببناء العديد من المساجد تحت شروط ومواصفات وزارة الأوقاف، ليكون مسجدا على اعلى مستوى والكل يتقدم وهو يطلب الأجر والثواب من الله عز وجل بس الوزارة تخلص ورق الضم إلى الأوقاف.

وهناك الحوافز الضريبية التى تمنح لتشجيع الاستثمار فى مناطق معينة وقد استخدمها السادات فى التشجيع على تعمير المدن الجديدة.

وهى عبارة عن إعفاء من الضرائب لمدة معينة إلى أن يتحول رجال الأعمال إلى الاستثمار فى هذه المناطق، وكل دا تحت اسم التخطيط التأشيري الذي تستخدمه الحكومة لتوجيه رجال الأعمال إلى نشاط معين وإلى منطقة معينة عن طريق حوافز الاستثمار.

حتى الإنفاق على الشواطئ والمتنزهات يستخدم فيها التخطيط التأشيري من أجل أن يكتب فلان هو من قام بهذا العمل أو توضع لافتة على الشاطئ تقر بأن هذا العمل قام به رجل الأعمال فلان.

ولو سمحت الحكومة لرجال الأعمال بشراء قطارات مترو تعمل على خطوط المترو من اجل ان يقال هذا لفلان وهذا لفلان تحت إشراف الهيئة فسوف تجد من يقوم بهذا العمل الجبار المكلف وتسير أعتى الدول الرأسمالية على هذا النظام.

تلجأ المستشفيات إلى طرق أخرى وهى من قبيل التخطيط التأشيري تقوم الدولة ببناء مرحلة من مراحل بناء مستشفى وتجمع تبرعات من المواطنين لاستكمال باقي العمل وتأسيسه وشراء المعدات الطبية وكل من يساهم أو يتبرع يبتغي الأجر والثواب من الله.

وقد قامت وتقوم وزارة الصحة ببناء العديد من مستشفيات علاج السرطان فى مناطق مختلف يتركز فيها هذا المرض وتنجح فى بنائها بالتبرعات وتكون على أعلى مستوى من التجهيزات.

ومع تضخم حجم التبرعات وتشعب وتعدد أوجه الإنفاق يتم سرقتها والتلاعب بها كما لو كانت أموالا حكومية.

 بس مش معنى كده إن الحكومة تشيل أيدها من هذا الموضوع يجب أن تقوم بتوصيل المرافق والطرق والخدمات كى تشجع على الاستثمار فى هذه المستشفيات.

ومن أغرب ما صادفت قام أحد أبناء بلدتي ببناء مستشفى وكان أخى يشغل منصبا هاما وقد وجد رجل أعمال مستعد لتجهيز المستشفى بكافة الأجهزة والمفروشات وطلب مقايسة من وزارة الصحة وكانت 5ملايين وكان الكلام ده من 30 سنة وكان الخلاف على الآتى الوزارة ترغب في استلام المبلغ وتقوم هى بالشراء وهو يرغب في أن يقوم بالشراء تحت إشراف الوزارة وهو مصر على رأيه وهم مصرون على رأيهم فقام بسحب العرض ولما سئل قال المبلغ ده معظمه هيكون مكافآت لمديرين كبار وعمولات من شركات وهيضيع على البلد والمستشفى مش هيتم والأفضل أوفر فلوسي إلى شيء هام.

والمستشفى بقالها 30 سنة وأصبحت مسكن أشباح وبعد كده اشتغلت فى تطعيم الأطفال ضد الأمراض وهى اللى كانت هتجهز للعمليات وبغرفة إنعاش وفيها كذا سرير للحالات الحرجة.

الرقابة على الأموال الحكومية والتى يراجعها الجهاز المركزى تكون أقل عرضة للتلاعب بها غير أموال التبرعات التى يتلاعب بها الجميع ويتم توجيهها حسبما يشاؤون.

دا حتى رجال الأعمال دخلوا في عمل محطات تحلية مياه الشرب بعد ان امتدت يد الإهمال إلى محطات مياه الشرب الحكومية ومفيش صيانة ولا تنظيف شبكات وأصبحت المياه لا تطاق وسبب من أسباب انتشار الفشل الكلوى فى الريف وتقام هذه المحطات ملحقة بالمساجد وتعتمد على المياه الجوفية  التى تنشأ لخدمة المسجد.

أما وأن الدولة قد اعتمدت على التبرعات فى إنشاء المشروعات العامة فيجب أن تشرف عليها لجهات الرقابة وتحال جرائمها إلى نيابة الأموال العامة لأنها أصبحت مصدر ثراء  لمستفيدين كثر ويتفننون فى صرف هذه الأموال فى الإعلانات والمكافآت ويرغبون في أن تستمر إلى مالا نهاية حتى بعد أن تستلم الحكومة المستشفيات.

وهناك جمعيات خيرية كثيرة دخلت إلى هذه اللعبة من أجل الحصول على أموال التبرعات وصرفها على الإعلانات وكبار الموظفين وما يتبقى يتم توزيعه على الفقراء إن كان فيه فقراء.

وجمعيات تجمع الملابس المستعملة وتقوم بإصلاحها وبيعها وتحقق مكاسب خرافية وأصبحت هذه الجمعيات مراكز قوة بالأموال التي تحصل عليها من هنا وهناك وهي تستغل ان فاعل الخير معندوش وقت للسؤال والمتابعه وتلعب على هذه النقطة.

لازم الجهاز المركزى يقوم بالإشراف على التبرعات التي تتلقاها هذه الجمعيات ومراقبة أوجه الإنفاق التي أنشئت الجمعية من أجلها.

أما أن تصبح الأمور بهذه الحالة فهذا ما لا نرضاه جميعا.