الطريق
السبت 20 أبريل 2024 02:06 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«بايدن» بين شقي الرحى.. وضغوط أمريكية على أوابك+ لزيادة إنتاجها من النفط.. تفاصيل

جو بايدن الرئيس الأمريكي
جو بايدن الرئيس الأمريكي

تواكب الفترة القادمة وحتى بداية شهر يناير، موسم الأعياد في الولايات المتحدة، لكن أزمات السوق العالمي وزيادة معدلات التضخم، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، لن تجعل تلك الفترة الموسمية سهلة سواء على الأمريكيين، أو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

اقرأ أيضا: انخفاض أسعار الذهب خلال تعاملات مساء اليوم السبت 27/11/2021

مع تفاقم حدة التضخم، وارتفاع أسعار النفط، نتيجة قلة المعروض وزيادة الطلب خاصة مع موسم الشتاء، طالبت إدارة بايدن منظمة أوبك+ أن تزيد إنتاجها من النفط، ليس فقط لسد العجز في المعروض وإنما لإغراق السوق بهدف تقليل الأسعار، في محاولة للخروج من أزمة ارتفاع البنزين الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية والتي وصلت لأعلى مستوى لها منذ 7 سنوات.

يجب هنا أن نرى التعارض التام بين مطالبات بايدن بزيادة إنتاج النفط، في حين أنه كان منذ شهر في قمة المناخ في جالاكسو، حيث أقسم بايدن والمشاركين في القمة أن يحاربوا الوقود الأحفوري سواء كان نفط أو فحم أو غير ذلك.

أمريكا تهدد وأوبك "لن نرضخ"

لعل من أسباب مطالبات بايدن بزيادة إنتاج النفط، هو ارتفاع سعر البترول في أمريكا منذ بداية عام 2021، حتى وصل إلى أعلى مستوى له منذ 7 سنوات بسبب ارتفاع سعر النفط الخام، والذي تخطي في الأيام الأخيرة حاجز الـ85 دولار للبرميل، مما أثر بالسلب على باقي السلع وارتفعت أسعار المنتجات والخدمات في أغلب القطاعات، وهذا يزيد الضغط على المستهلكين، ويرفع معدل التضخم.

يرى المواطنين في الولايات المتحدة أن مفتاح الأزمة هو منظمة أوابك+، مما دفع الحكومة الأمريكية مطالبتها قبل اجتماعها الأخير أن تزيد من انتاجها من النفط الخام.

لكن لم يستمع تحالف أوابك+ إلى الإدارة الأمريكية، والتزم بخططه الإنتاجية، التي تستلزم زيادة الإنتاج تدريجيا.

وتحولت المناشدات إلى تهديدات، حيث حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إقامة تحالف يضم أمريكا والصين والهند وكوريا الجنوبية، عن طريق إقناع هذه الدول بالوقوف معا ضد تعنت أوابك+.

أسباب الخلافات والمواجهة بين أمريكا و أوابك+

بدأت المواجهات بين الولايات المتحدة وأوابك+، منذ سنة ونصف تقريبا، وتحديدا في أوائل مايو 2020، عندما وصل أسطول من ناقلات النفط السعودية إلى سواحل أمريكا.

يتضمن هذا الأسطول 18 ناقله، وتحمل الناقلة الواحدة حوالي 2 مليون برميل، وكانت في طريقها للمصافي الأمريكية، ولكن حينذاك اتهم عدد من السياسيين في أمريكا، ومنهم: دونالد ترامب، والسيناتور الجمهوري KEVIN CRAMER، أوابك+، أنها تحاول إغراق السوق بالنفط، بهدف ضرب مصالح المنتجين الأمريكيين، من خلال تخفيض سعر النفط، على رغم من أن انخفاض سعر النفط في صالح المستهلك الأمريكي، لأن سعر البنزين سينخفض.

فقد وصل سعر برميل النفط من الخام الأمريكي في مايو 2020، إلى ما يقرب من 30 دولار، ووصل سعر البنزين في أمريكا إلى 1.96 دولار للجالون الواحد، لكن هذا السعر المنخفض لم يكن في مصلحة منتجي النفط الأمريكيين، لأنهم كانوا يريدون أن يظل السعر مرتفع حتى لا يتعرضوا للخسارة وربما للإفلاس.

وتخطى سعر النفط في الفترة الأخيرة حاجز الـ85 دولار في أكتوبر 2021، لكن هذا الارتفاع الجنوني لم يكن في صالح الإدراة الأمريكية، لذلك تحاول الضغط على أوابك+، لزيادة الإنتاج من النفط.

ارتفاع سعر النفط يسقط عن بايدن شعبيته

أدى ارتفاع سعر النفط إلى ارتفاع سعر البنزين، مما يشكل ضغط كبير على المستهلكين من المواطنين في أمريكا.

يعد السبب الحقيقي للأزمة الحالية من نقص المعروض وزيادة الطلب، هي حالات الإغلاق أثناء جائحة كورونا في مارس وأبريل 2020، والتي تسببت في انخفاض سعر النفط ليصل إلى سعر بالسالب، لذلك أدى الإغلاق إلى اتخاذ قرار من جانب مصافي التكرير، بتقليل مشترياتها من النفط الخام، وخفض حجم طاقتها الإنتاجية، عن طريق إغلاق بعض مواقع الإنتاج، إما بشكل مؤقت أو دائم.

وتشجعت الدول بعدما ظهر اللقاح ضد كورونا، على إعادة فتح الدول وإلغاء القيود، وبدأت الحياة تعود مرة ثانية للنشاط في الفترة ما قبل كورونا، ولكن هذا التعافي أعاد الدول إلى السوق العالمي لتغطية احتياجاتها من السلع، مما أدى إلى زيادة مهولة في الطلب مع نقص حاد في المعروض، وبدأت موجة التضخم تنمو بين فترات قصيرة، حيث بدأت في يناير 2021، وكان سعر خام برنت 50 دولار للبرميل، وفي مارس 2021، كسر حاجز الـ65 دولار للبرميل، وفي يونيو 2021، كسر حاجز الـ75 دولار، حتى وصل أخيرا في أكتوبر متخطيا حاجز الـ85 دولار للبرميل.

في الواقع تعتبر هذه الأسعار مكسب للمنتجين، وتعويض عن خسائر فترة الجائحة في 2020، لكنه في نفس الوقت يمثل مشكلة كبيرة للمستهلكين، ولأن أمريكا أكبر مستهلك نفط في العالم، تأثرت بشكل سلبي من جهة أسعار البنزين وباقي المنتجات والخدمات، فقد وصل سعر جالون البنزين إلى ما يقرب من ٤.٧ دولار للجالون الواحد، في أعلى مستوى له في التاريخ.

فمثلا، إذا امتلك مواطن سيارة، سعة خزانها للوقود 14 جالون، بالسعر الحالي سوف يدفع 65 دولار لملئ الخزان، بينما في 2020، كان سيدفع 25 دولار فقط.

ولسوء حظ بايدن، فقد حدث الارتفاع قبل عيد الشكر THANKS GIVING، والذي عادة ما يكون استهلاك البنزين فيه كبير جدا، ومع أخر أسبوع في نوفمبر يبدأ موسم الاحتفالات والأعياد في أمريكا، وتنتهي في يناير القادم، مما يعني أن الأزمة ستتصاعد في ديسمبر، ويتسبب ارتفاع معدل استهلاك المواطنين في أعياد ديسمبر، سيؤدي إلى زيادة معدل التضخم، مما يعني ضعف القوة الشرائية.

تمثل هذه الأزمات تهديدا صارخا لإدارة جو بايدن، وحزبه الجمهوري الذي يستعد في الكونجرس لانتخابات تجديد نصفي مهمة في 2022، مما يوضح أسباب حرص إدارة بايدن على تقليل سعر النفط في أمريكا في أسرع وقت، ولتحقيق ذلك يجب أن يزيد تحالف «أوابك+» ومحركه " السعودية، وروسيا" من إنتاجه من النفط في السوق العالمي بسرعة وبكميات كبيرة.

وكان لدى تحالف أوابك+، اجتماع مهم في 4 نوفمبر لمناقشة زيادة إنتاجها من النفط الخام في ظل ارتفاع الطلب في السوق العالمي، ولكن لم يهتم التحالف بمطالب أمريكا، وقرر الإلتزام بخطته السابقه، برفع الإنتاج تدريجيا، بواقع 400 ألف برميل يوميا.

أحبط القرار إدارة بايدن، لأن هذه الكمية لن تؤثر كثيرا في أسعار النفط، حيث أن الطلب العالمي تجاوز 197 مليون برميل يوميا، والإدارة الأمريكية لا تملك خيارات كثيرة، تمكنها من التأثيرفي السوق العالمي.

3 أوراق ضغط أمريكية ضد أوابك+

الورقة الأولى: مطالبة الدول المستهلكة للنفط بضخ كمية من مخزونها الاستراتيجي

قررت الإدارة الأمريكية الضغط على أوابك+ من خلال ثلاث أوراق ضغط، أولها أنها طالبت الدول المستهلكة للنفط ومنها: الصين واليابان وكوريا الجنوبيه، بضخ كمية من مخزونها الاستراتيجي، لمواجهة ارتفاع أسعار النفط.

لكن هل يمكن أن تؤثر هذه الكمية من مخزون هذه الدول الاحتياطي؟

تملك أمريكا احتياطي من النفط الخام يقترب من 606 مليون برميل، موزعة على عشرات الكهوف الموجودة في أربع مناطق على سواحل لويزيانا وتكساس، وهي كميات تغطي الطلب الأمريكي لمدة شهر.

ويبلغ مخزون الصين الاحتياطي ما لا يزيد عن 920 مليون برميل في اكتوبر 2021، أما اليابان، لديها مخزون في مجموعة مختلفة من القواعد العسكرية والمرافق التابعة للشركات الخاصة، وصل إلى 290 مليون برميل، في سبتمبر الماضي، ولا تملك كوريا الجنوبية مخزون أكثر من 97 مليون برميل، اعتبارا من نهاية أغسطس، أما الهند فلا تملك أكثر من 26 مليون برميل، وهي تحتاج يوميا حوالي 5 مليون برميل، يعني هذا المخزون لا يكفيها أكثر من خمس أيام.

لكن حتى لو نجحت هذه الدول، في ضخ جزء من مخزونها في السوق، فتأثيرها على الأسعار سيكون مؤقت.وسينتهي بسرعة بحسب توقعات الخبراء، لأنه حتى لو ضخت هذه الدول 30 مليون برميل دفعة واحدة، فلن يؤثر في السوق العالمي الضخم، الذي يصل حجم الاستهلاك فيه إلى 100 مليون برميل يوميا، مما يعني أنها مجرد محاوله يائسه للضغط على أوابك+.

الورقة الثانية: قانون منع التكتلات الاحتكارية لانتاج وتصدير النفط

يعد قانون منع التكتلات الاحتكاريه لإنتاج وتصدير النفط، هو الورقة الثانية التي تحاول بها أمريكا الضغط على أوابك+، والمعروف اختصارا بـNOPEC،«NO OIL PRODUCING AND EXPORTING CARTELS ACT»، لم يتم اعتماد هذا القانون حتى الآن، لكن تلوح به الإدارة الأمريكية للضغط على أوابك+.

يساهم هذا القانون في تمكين وزارة العدل الأمريكية، من رفع دعاوي قضائية ضد احتكار أوابك+، بتهمة الاحتكار ومحاولة التأثير والتحكم في أسعار البترول، فتتمكن من طلب تعويضات بمليارات الدولارات.

والحقيقة أن هذا القانون ليس وليد المرحلة، إنما هو مشروع تم طرحه منذ 14 عام، فقد قام بالفعل مجموعة من المشرعين في الحزبين، ومنهم السيناتور الجمهوري CHUCH GRASSLEY، والديمقراطي PATRICK LEAHY، بتقديم نسخة جديدة من مشروع القانون، في محاولة لتمريره، في عام 2007.

وافق على القانون 345 صوت، مقابل 72 صوت في مجلس النواب، وتم تمريره على الكونجرس، مجلس الشيوخ، ووافق عليه 70 صوت، مقابل 23 صوت، لكن رغم موافقة الأغلبية إلا أن القانون توقف في اللحظة، بسبب تهديد الرئيس الأمريكي، جورج بوش، باستخدام حق الرفض VETO، ولن تنجح المحاولات الحالية في تمرير القانون لنفس الأسباب القديمة، وهي معارضة أطراف كثيرة، منها: وزاره الخارجية الأمريكية، ومعهد البترول الأمريكي، وغرفة التجارة الأمريكية، بسبب تداعيات القانون وتأثيراته على العلاقات الدبلوماسية من جهة، وعلى السوق العالمي من جهة أخرى، لذلك فإن الورقة الثانية لمجرد التلويح بالتهديد.

الورقة الثالثة: مناشدة منتجي النفط الأمريكيين

هناك اقتراحات، تشير إلى أن بايدن يمكنه أن يعتمد على المنتجين الأمريكيين، لكنه لم يجرؤ على التطرق لهذه الفكرة، بسبب رضاء المنتجين أنفسهم عن ارتفاع الأسعار الذي يحقق لهم ربح كبير، إلى جانب أن هذه الشركات مدرجة بالبورصة، وبالتالي فهي تحت ضغط المساهمين، والذين يريدون جني الأرباح.

والحقيقة أن مشكلة بايدن الرئيسية في الفترة الحالية، هي أنه دائما ما يعلن منذ توليه الحكم في أمريكا، أنه بطل المناخ، من خلال دعمه لتشريعات تكافح الوقود الأحفوري وتدعم مصادر الطاقة النظيفة.

وبالتالي إذا طالب المنتجين المحليين، بزيادة الإنتاج من النفط، فهذا سيظهره بموقف المشجع لهذه الصناعة، مما يسضعه في إحراج سياسي، في ظل مشاكل التضخم، إضافة إلى ضعف شعبيته التي تظهر في استطلاعات الرأي والتي تسوء يوم بعد يوم، فقد عملت رويترز، استطلاع رأي في 17 نوفمبر 2021، وجاءت نتائجه بـ 49% من الأمريكيين، غير راضين عن إدارة بايدن، وهي أسوأ نتيجه له منذ دخوله البيت الأبيض.

موضوعات متعلقة