الطريق
السبت 4 مايو 2024 08:36 صـ 25 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في اليوم العالمي للغة العربية.. أدباء: العربية تعيش أزمة تاريخية لكنها لن تنهار

شهدت اللغة العربية تراجعا واضحا، تمثل في ما حدث بمحيط الأسرة وانتهاء بخطايا التعليم، وصولًا إلى لغة الشارع حوارًا وغناء وفنا، إذ تسربت لغة جديدة علينا لكي تضعنا أمام حقيقة مؤسفة هي أن اللغة العربية تعيش في أزمة حقيقية.

وأكد أدباء أن إهمال اللغة العربية جريمة تاريخية، تشارك فيها الشعوب والمسؤولون، معبِّرين عن خشيتهم أن يأتي يوم لا نجد فيه كلمة عربية في الشارع.

وطالب الأدباء في تصريحات خاصة لـ «الطريق»، الدولة بالتدخل من أجل إعلاء اللغة العربية كلغة استراتيجية تنقل أيدولوجية عربية وإسلامية للعالم كله، فالحل -من وجهة نظرهم- يتعلق بتكثيف دور الدولة لتشجيع تعلم اللغة العربية.

معاطي: اللغة العربية تعاني من أزمة تاريخية

من جانبه، قال الكاتب والسيناريست الدكتور صلاح معاطي، إن اللغة العربية تعاني من أزمة تاريخية تهدد وجودها ومن ثم تهدد الهوية.

وتابع أن أسباب هذه الأزمة عديدة ومتنوعة، ومنها التداخل بين اللغة الفصحى واللغة العامية في الخطاب الإعلامي: فالإعلام بمختلف وسائله لصيق الصلة بالجمهور العربي، فهو الأداة الأولى والأهم للتثقيف والمعرفة والتعلم، وكلّ التركيز في قنواته ووسائطه بالعامية، لذلك فاللغة الفصحى تتلاشى، دون أن ندري نتيجة هذا التداخل.. الذي قد يكون مقصودا بحكم طغيان العولمة وأهدافها غير البريئة من تذويب الهويات وتقلص الانتماءات.

ولعلّ ما يزيد من صعوبة الأزمة تراجع البرامج الدينية والعلمية والثقافية أمام طغيان برامج التوك شو وبرامج التسلية الرخيصة وأغاني المهرجانات.. في الوقت الذي اختفى فيه رجال الوعظ والإرشاد الذين كانوا ينتقون لغتهم وألفاظهم، بالإضافة إلى ثقافتهم الموسوعية.

وأضاف: باتت وسائل الاتصال والإعلام الغربية والأجنبية على حدٍّ سواء، بفعل قوة انتشارها، وازدياد تأثيرها في المتلقي العربي، تمثّل شبه مرجعية ثقافية ولغوية لا تقلّ أهميةً عما سواها من المرجعيات القائمة المورثة. ولعل المقلق -في ما نحن فيه- الشكل الموصول بفاعلية هذه (المرجعية الجديدة)، وقدرتها على القيام بتوجيه جمهورها وتطويره لغويًا؛ لأن أهدافها التسويقية، وخلفياتها الاستهلاكية، ومنطقها الربحي، وفلسفتها التجارية، تكاد تطغى على همومها اللغوية، مما يؤدي إلى انتهاك حرمة اللغة الفصيحة واللسان الرصين.

وأشار إلى أن انتشار اللغة الحديثة، وهي استخدام حروف الإنترنت وبعض الأرقام بديلا عن الحروف العربية، ومن ثم استخدام بعض الألفاظ الغريبة والمستوردة بديلا عن الألفاظ الفصحى والعامية على السواء، يُمثل هدمًا للهوية العربية.

كذلك وجود أكثر من لغة في المجتمع الواحد كلغة النخبة والمثقفين، ولغة العامة، ولغة العشوائيات أو لغة "التكاتك" إذا صح استخدامها، تعدد اللغات واللهجات في المجتمع الواحد يعمل على تشتت وتفتيت الهويات، بما يقضي على المجتمع..

وتابع: بناءً على ذلك، فإن التفريط في اللغة العربية في المجال الإعلامي هو تفريط في الهوية العربية والعمق التاريخي والحضاري، وما يستتبع ذلك من أصالة وثبات.

واختتم أنه من هنا يمكن التنبيه إلى أنه لا بد أن تمارس وسائل الإعلام في المجتمع العربي دورها في التحصين الثقافي واللغوي، والوعي الحضاري، وتقدم النماذج التي تبني الشخصية، وتحمل الرسالة، وتثير الاقتداء، وتحسن التعامل مع الإعلام الغازي وتواجهه، وتشعر الأمة بالاستفزاز والتحدي الذي يجمع طاقاتها، ويبصرها بطريقها، ويسهم في صمودها، وأهمها الحفاظ على اللغة العربية.

اقرأ أيضًا: تونس تحتفي بالفن المصري في أيام قرطاج المسرحية (صور)

أبو العينين: كوفيد 19 أكمل على اللغة العربية بعدم ممارستها في المدارس وبين الأسر

من جانبها، قالت الكاتبة والإعلامية الدكتورة عطيات أبو العينين إن اللغة العربية لغة الضاد، لغة القرآن الكريم، والإعجاز اللغوي والبلاغي، للأسف الشديد الآن أصبحت مشكلة بالنسبة لأبنائنا، والسائد الآن إما التخلي عنها نهائيا والتحدث بلغة أجنبية مخالفة تماما، وإما الخلط بينها وبين لغة الفرانكو آراب، أو خلط العربي بالأجنبي، أو النطق بحروف أجنبية، أو التحدث بلغة عربية أو لغة الشارع القحة، حتى كتابة الأعمال الأدبية والروائية والشعرية، نجد أن بعض الكتاب يكتبون القصص والروايات باللغة العامية تماما فهل نعتبر هذا أدبًا؟

وأضافت: إذا كنا نعتبر أن اللغة العربية أزمة بلا حلول، فإنني أرى أن الأزمة في مدارسنا التي غابت منذ زمن وغاب تأثيرها وأكمل الكوفيد 19 على هذه اللغة بعدم ممارستها في المدارس وبين الأسر، بالإضافة إلى الأعمال الدرامية المقدمة بلغة الشارع ولغة البلطجية.

وأكدت أن الحل الناجح لهذه الأزمة بين أيدينا فلماذا نغفل عنه؟ واقترحت:

أولا: علينا العودة إلى القرآن الكريم فهو أساس اللغة.

ثانيا: عودة دور المدرسة والانضباط والحوار الجاد بلغتنا المعتدلة بمرادفاتها العديدة، وتشجيع الطلاب على ممارستها بتخصيص جوائز للنابغين في الشعر والقصة والمقال، كما تربينا على ذلك في مدارسنا، واهتم بنا أساتذتنا وشجعونا سواء في ممارسة اللغة العربية أو اللغات الأجنبية.

ثالثا: اهتمام الجهات المسؤولة عن الدراما بتحرّي الدقة في اللغة المقدم بها تلك الأعمال فلا نهبط إلى القاع ومستوى الشارع بلغتنا فتسود لغة الشارع والبلطجة.

رابعا: المراجعة المستمرة من دور النشر والمؤسسات الثقافية والاهتمام باللغة التي يقدمون بها أعمال الكتاب، لغتنا العربية سهلة وبسيطة ومتعددة المترادفات هي لغة الإعجاز القرآني التي لن تختفي ولن تزول وعلينا الحفاظ عليها ومن يقرأ القرآن. لا بدّ أن تتحسن لغته وأسلوبه وقيمه ويسير على الدرب الصحيح.

خامسا: الأعمال المقدمة للطفل والأنيميشن وحدنا أن المسلسلات المدبلجة نجحت معهم نجاحا كبيرا ويرددونها ويحفظون مفرداتها، فلماذا لا نقدم دراما محلية مصرية بلغة عربية سهلة وبسيطة دون التقعر في اللغة ودون الهبوط باللغة إلى لغة الشارع.

عبد الله: أخطر ما يواجه اللغة العربية محاولة وضعها في خانة الجمود

بينما يرى الكاتب والناقد الدكتور يسري عبد الله، أن اللغة العربية تتسم بقدرة هائلة على التواصل بين حقب زمانية مختلفة، ومراحل متتابعة من عمر الإنسانية، وبالتأكيد هناك تطوّر دلالي يلحق بالألفاظ شأن أي لغة حية، لكن في المجمل فإن هناك حالًا من التماس بين الماضي والحاضر داخلها.

وأشار إلى أن الوعي بخصوصية اللغة وعي بالعالم، واللغة كانت دائمًا هي التعبير عن زاوية النظر إلى الواقع المعيش بتنويعاته المختلفة، ولذلك فإن أخطر شيء يمكن أن يواجه اللغة العربية هو محاولة وضعها في خانة الجمود، والتعامل معها من زوايا قديمة فحسب، فاللغة تحيا في كل ممارسة لغوية، وتتجدد باستمرار في كل كتابة إبداعية حقيقية.

وأضاف، لتنمية الوعي باللغة العربية فإن علينا أن نهتم بحضورها المتجدد داخل المناهج التعليمية، إذ يجب أن يدرس أبناؤنا في التعليم ما قبل الجامعي اللغة في سياقاتها الجديدة، يجب أن يتعرفوا على الشعر حديثه مع قديمه، يجب أن تدرس نصوص روائية رفيعة المستوى الجمالي، أن ننمي التذوق الفني، وفي الجامعة يكون هناك متسع لفلسفة الجمال، ولتجديد الوجدان العام ورفده بقيم إنسانية ووطنية نبيلة.

وأكد أن اللغة نهر متعدد الضفاف، يتسع للعامي والفصيح، واللغة العربية جدارتها الحقيقية في تنوعها واتساعها وقدرتها الفريدة على التعبير وفقا لخبرة المتحدث وقدراته ووعيه ومحصوله منها، وقدرته على التجديد داخلها أيضا.

اقرأ أيضًا: الاتفاق مع متحف موناكو الوطني لإقامة معرض لمقتنيات مصر

البوهي: يجب تدخل الدولة لإعلاء شأن اللغة العربية

بينما أكد الكاتب الروائي، محمد سامي البوهي، أن اللغة العربية من اللغات التي تنتشر بشكل كبير لارتباطها بالقرآن الكريم، ولكن لأسباب ما فإنها تعاني، وأول المتهمين بإهمالها هم أهلها بسبب طغيان اللهجة العامية على الفصحى.

وتابع: كما أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في المحافل الدولية، ولأن الأجيال العربية الجديدة تأثروا بالعولمة بشكل مباشر وسريع، مما تسبب في إهمالها واندثار القراءة والموهبة اللغوية، كل ذلك أسهم في خلق مشكلة انتشار اللغة العربية.

وأوضح: لكن الحلول موجودة وإن كانت تقليدية، منها اقتراحات بتعريب المناهج في الوقت التي تفزر فيه المدارس الدولية المجتمع المصري والتي تعتبر فيها اللغة العربية لغة ثانية، ومنها تشجيع الأطفال على حفظ القرآن الكريم ولكن مع غياب الكتاتيب وطغيان العالم الإلكتروني، أهمل الاطفال حفظ القرآن الكريم.

وأكد أنه يجب أن يكون للدولة دور للتدخل في إعلاء اللغة العربية كلغة استراتيجية تنقل ايدولوجية عربية وإسلامية للعالم كله.

الشهباني: الأعمال السينمائية قدمت مدرس اللغة العربية بشكل مهين !

وقال الشاعر سالم الشهباني: لا أظن أن اللغة انهارت أو سوف تنهار لأسباب كثيرة، أولاها وجودها بالكتاب الكريم القرآن، والذي يحفظها إلى يوم الدين.

أيضا، عالمية اللغة العربية والتي تنتشر في دول كثيرة تعتنق الدين الإسلامي، وتقرأ هذا الكتاب بلغته العربية الأصلية..

كما أن هناك بعض الجامعات العالمية التي ما زالت تدرس علومها المرتبطة بالقرآن باللغة العربية.

وتابع: أظن أن ما ساعد على عدم انهيار اللغة هو مرونة اللغة العربية، وكثرة مرادفاتها، هذه الميزة غير موجودة في كثير من اللغات.

وأشار الشهباني إلى أن هناك تعاملًا بشيء من المهانة من قِبل بعض المدارس والجامعات التي تعتبر اللغة العربية درجة ثانية.

كما أن بعض الأعمال السينمائية تناولت مدرس اللغة العربية وقدمته بشكل مهين، هذا كله رسخ لمفهوم أن اللغة العربية شيء متدنٍ ويمكن السخرية منه.

نحن من وضعنا في أنفسنا في هذا المأزق وهذه الأزمة، عندما سمحنا أن تُعامل لغتنا العربية بهذه السخرية وهذا المستوى المتدني.

وتابع: أتذكر عندما كنت صغيرًا كنت أحرص على تلقي دورس اللغة العربية بكل انتباه، وكان للمدرس قداسته، أيضًا نحن من تعاملنا مع اللغة العربية بشكل هامشي في حياتنا العادية لا تكاد تجدها سوى في نشرة الأخبار والمكاتبات التي تتعلق بمؤسساتنا.

وهناك، أيضا بعض الأعمال الغنائية التي سخرت من اللغة العربية وجنحت للمتدني من العامية المصرية. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي ذهبت إلى ما هو أبعد من تجاهل اللغة العربية إلى تجاهل اللغة اليومية الدارجة، وأصبح هناك ما يعرف بالفرانكو أرب، والذي تجده في كثير من التعليقات والمحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وختم كلامه: أعتقد أن هذه الأزمة جاءت نتيجة التدني الثقافي الذي يعيشه مجتمعنا في السنين الأخيرة في جميع مجالاته الفنية والثقافية.

اقرأ أيضًا: وفاء ياديس تتطلق معرضها ”سمو” الأسبوع المقبل

موضوعات متعلقة