الطريق
السبت 20 أبريل 2024 09:24 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: كيف يمكن للاتحاد الأوروبي إنهاء المأزق السياسي في جورجيا؟

أرشيفية
أرشيفية

سلَّط تقرير للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الضوء على الاستقطاب السياسي وتفشي الفساد وتراجع الديمقراطية في جورجيا، مضيفًا أنه رغم أن جورجيا كانت من أكثر دول أوروبا الشرقية موالاة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية منذ حربها ضد روسيا في عام 2008، فإن الأوضاع الراهنة التي تشهدها البلاد تُنذر بعودتها لدائرة النفوذ الروسي مجددًا.

وأشار التقرير، إلى تقارب روسيا مع سياسات حزب "الحلم" الجورجي، الذي صعد إلى سدّة الحكم عام 2012، مستدلًا على ذلك باستقباله للنائب البرلماني الروسي "سيرجي جافريلوف"، المؤيد لاستقلال المناطق الانفصالية في جورجيا "أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية" عام 2019، بالبرلمان الجورجي، والسماح له بإلقاء كلمة باللغة الروسية.

وأفاد التقرير، أن زيارة المُشرع الروسي أفضت إلى توترات سياسية جمة في البلاد؛ حيث تمخض عنها خروج جماعات مُنددة بسياسات الحزب الحاكم الموالي لروسيا، كما طالب الجورجيون المؤيدون لأوروبا بإجراء انتخابات جديدة، ورغم إجراء تلك الانتخابات عام 2020، فإنها لم تفضِ إلى إحداث التغيير المنشود؛ حيث فاز حزب "الحلم" بالانتخابات مجددًا، وذلك في ضوء جُملة من العيوب التي شابت العملية الانتخابية.

وأوضح التقرير، أن الاستقطاب السياسي في البلاد تفاقم نتيجة لممارسات الحزب الحاكم ضد تيارات المعارضة، وفي مقدمتها الحركة الوطنية المتحدة؛ حيث اعتقلت الشرطة زعيم الحركة "نيكا ميليا"، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات مناهضة لسياسات الحكومة في فبراير 2021، وإثارة انتقادات واسعة من قِبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأضاف التقرير، أن حزب "الحلم" الجورجي الحاكم، وحركة "ساكاشفيلي" يحتكران الفضاء السياسي في البلاد، مما أفضى إلى تعميق حدّة الاستقطاب، ومن ثمّ فإن المناخ السياسي لم يعد مواتيًا لظهور قوى سياسية بديلة، مشيرًا إلى أن نتائج الدراسة التي أجرتها منظمة الشفافية الدولية في جورجيا في عام 2020، أكدت أن الحكومة الجورجية أنفقت نحو 40 مليون يورو كرواتب لموظفي شركات العلاقات العامة في الفترة بين 2013 و2020، وهو ما يُفاقم الصعوبات المُحدقة بتوفر منافسة عادلة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أو دخول سياسيين جُدد إلى الساحة.

وفي هذا الإطار، أكَّد المقال، أن استيلاء الحزب الحاكم على مقدرات الدولة يُعزز الاستقطاب السياسي في البلاد، ويزيد قبضة الحزب الحاكم والسلطة التنفيذية على البلاد، مبرهنًا على ذلك بمخاطر القانون الذي أقره البرلمان الجورجي، ووافقت عليه رئيسة جورجيا "سالوميه زورابيشفيلي" في 13 يناير الجاري، والذي يهدف إلى حل "وكالة التفتيش الحكومي"، وهي وكالة مستقلة تراقب حماية البيانات الشخصية، وتعمل على منع إساءة استخدام السلطة، علاوةً على توقيع "زورابيشفيلي" على التعديلات التي أُدخلت على قانون المحاكم، والتي من شأنها السماح بمعاقبة القضاة بسبب آرائهم غير المتوازنة أو المتحيزة سياسيًّا.

وذكر التقرير أن موافقة "زورابيشفيلي" على تلك التشريعات من شأنها أن تفضي إلى تقويض مبادرتها الأخيرة لاستضافة محادثات مع الأحزاب السياسية، في محاولة للتوفيق بينها، والتغلب على الأزمة السياسية التي طال أمدها في جورجيا.

وفيما يخص موقف الاتحاد الأوروبي من الأزمة في جورجيا، حذر التقرير من الانشغال بالغزو الروسي الوشيك لأوكرانيا، وتجاهل الاستقطاب السياسي الحاد في جورجيا، مشيرًا إلى أن استمرار مطالب جورجيا بالحصول على دعم الاتحاد الأوروبي، وتطلع الحكومة الجورجية إلى إقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي بالتوازي مع تعزيز العلاقات مع "موسكو"، يجعل الفرصة سانحة أمام الاتحاد الأوروبي لإلزام الحكومة الجورجية بضرورة تنفيذ إصلاحات ملموسة لضمان سيادة القانون، وصياغة مبادرات لمكافحة الفساد.

علاوةً على ذلك، أفاد التقرير أنه سيتعيَّن على "بروكسل" صياغة مبادرة لمتابعة الوضع في جورجيا، والتي سيتمخض عنها زيارات منتظمة رفيعة المستوى من قِبل مسؤولي الاتحاد الأوروبي، وممثلين من بعض الدول الأعضاء في الكتلة لدعم قيام القوى السياسية الجورجية ومنظمات المجتمع المدني بإنشاء خريطة طريق مشتركة للإصلاحات التي يتعين إجراؤها حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2024.

وختامًا، أكَّد التقرير أنه يتعيَّن على الاتحاد الأوروبي مراقبة عمليات الاحتيال وغسيل الأموال في جورجيا عن كثب، وفرض عقوبات على النخب الفاسدة، فضلًا عن أهمية ربط الدعم المالي الأوروبي لجورجيا بتنفيذ الإصلاحات المنشودة، واستعادة الديمقراطية، وذلك عبر تمكين المجتمع المدني، وحرية الإعلام، ومكافحة المعلومات المضللة، مؤكدًا أن هذا الأمر هو السبيل الوحيد لخروج جورجيا من حالة الاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده حاليًا.

موضوعات متعلقة