الطريق
الخميس 28 مارس 2024 06:38 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

روسيا تضاعف قصفها لأوكرانيا وأوروبا تضغط بالعقوبات.. مواجهة إلى أين؟

تفاقم الحرب الروسية الأوكرانية
تفاقم الحرب الروسية الأوكرانية

لا تزال الحرب الروسية على أوكرانيا مستمرة بلا هوادة وبدون أفق واضح لنهايتها، في ظل خسائر شبه يومية يتكبدها الطرفان وانعكاسات على العالم جراء تلك الحرب المستعرة.

فيما بدأ تطبيق الحظر الكامل الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الفحم الروسي، أمس الخميس، تتواصل المعارك على خط الجبهة في أوكرانيا حيث التقدم الروسي بطيء جداً بعدما تحولت الحرب إلى مبارزة مدفعية بين جيشين متحصنين حول بعض البلدات.

وبحسب الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، فإن الحظر سيؤثر في نحو 25% من صادرات الفحم الروسية، وسيؤدي إلى خسارة بنحو 8 مليارات دولار سنوياً.

ويحاول الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يتخلى عن واردات الغاز الروسي، لكنه ما زال بعيداً من فرض حظر كامل بسبب اعتماده الكبير عليها.

وجاء ذلك في وقت تتزايد فيه تأثير العقوبات الغربية على موسكو الذي يطال حتى الصادرات الدفاعية الروسية.

كشف لويس ميجيل بوينو المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، أن الاتحاد الأوروبي سيواصل الضغط على روسيا لوقف حربها العدوانية، وأن الهدف من العقوبات هو تكبيد روسيا كلفة عالية للحرب، وقد فعلت ذلك، وتضرر الاقتصاد الروسي بشدة جراء العقوبات.

عقوبات مؤثرة

وأكد بوينو في تصريحات لموقع «الطريق»، أن العقوبات تهدف إلى استهداف القطاعات الاستراتيجية وكذلك الأفراد الرئيسيين الذين يشاركون في المجهود الحربي، متوقعا أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 15%، وأن يرتفع التضخم إلى 20%، وقد لا تكون ممارسة الأعمال التجارية مع دولة متورطة في حرب عدوانية وجرائم حرب فرصة جذابة للعديد من الشركات، وهذا يترجم إلى انعدام الثقة، ومن الواضح أن الاتحاد الأوروبي وحلفاءه سيستمرون في استخدام هذه الأداة للضغط على السلطات الروسية حتى يتوقف هذا الحرب.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي ليس تحالفاً عسكرياً، ونحن نبذل قصارى جهدنا لمساعدة أوكرانيا عسكرياً، لقد خصصنا 1.5 مليار يورو لتمويل شراء المعدات العسكرية والأسلحة للقوات المسلحة الأوكرانية، وهذا الرقم هو فقط من ميزانية الاتحاد الأوروبي، وكذلك تساهم الدول الأعضاء من الاتحاد الأوروبي بنفسها، ونعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله لمساعدة الجار الذي تم غزوه من قبل دولة أقوى بكثير، وبالتالي له الحق في الدفاع عن نفسه ضد هذا العدوان، وهذا حق معترف به في ميثاق الأمم المتحدة.

حرب نووية

وتابع بوينو أن الاتحاد الأوروبي يريد تجنب مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا؛ نظراً لأن العديد من الدول الأعضاء هي أيضاً أعضاء في الناتو، وإن مثل هذه المواجهة قد تعني اندلاع حرب أكبر تشمل القوى النووية وبالتالي المخاطرة بحرب نووية، وهذا ليس في مصلحة أحد.

ودبلوماسياً، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط إن أوروبا تفعل كل ما في وسعها، من خلال العقوبات ومن خلال دعم أوكرانيا لجعل هذه الحرب مكلفة للغاية بالنسبة لروسيا، لكن مرة أخرى، بدأت روسيا هذه الحرب وعليها أن تنهيها، وبعد أكثر من 5 أشهر، الشيء الوحيد الذي حققته روسيا من هذا الغزو هو تدمير المدن الأوكرانية، وقتل المدنيين الأوكرانيين، وعزل نفسها بشكل أكبر داخل المجتمع الدولي.

وأكمل أن روسيا تسببت أيضاً في أزمة أمن غذائي تؤثر على منطقة الشرق الأوسط، ومنعت السفن المشحونة بالقمح، وعطلت سلاسل التوريد، مؤكدا أن «سلوك روسيا المتهور وضعنا جميعاً في خطر نشوب حرب نووية، لهذا يجب أن ينتهي هذا الغزو الآن».

مصادر الطاقة

اقتصادياً، أوضح بوينو أن الاتحاد الأوروبي يعمل على تسريع خططه لتنويع مصادر الطاقة، وهذا يشمل الاتصالات مع العديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط، وقد انخرطت بالفعل بعض الدول الأعضاء، مثل إيطاليا، مع السلطات الليبية في هذا الصدد، وسيواصل الاتحاد الأوروبي دعم هذا الجهد لتقليل، ومع مرور الوقت، القضاء على اعتمادنا على النفط والغاز الروسي.

وبيّن أن هذه حرب عدوانية شنّها الرئيس الروسي، ولم يكن أحد يهدد روسيا بأي شكل من الأشكال، وأوكرانيا لم تحشد أي جنود على حدود روسيا أو تستعد لأي هجوم ضد روسيا، ولم يكن لأي دولة من دول الناتو أي مصلحة في مواجهة قوة نووية كبرى مثل روسيا، ومع ذلك، رأينا أن الرئيس بوتين قرر شن هذا الغزو غير المبرر على أساس ذرائع لا يمكن أن تخفي النية الحقيقية لضم الأراضي الأوكرانية، كما رأينا في عام 2014.

ويرى بوينو أن روسيا فشلت حتى الآن، بعد أن كانت تأمل تحقيق أهدافها في غضون أيام قليلة، مؤكداً أنه عندما لم تتمكن موسكو من السيطرة على كييف، كان عليهم التراجع، لكنهم بدأوا قصف المناطق المدنية بشكل عشوائي، وهكذا يقاتل الجيش الروسي، مشددا على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل الضغط على السلطات الروسية لوقف هذه الحرب العبثية، «لكن بالطبع المسؤولية الرئيسية لوقف إراقة الدماء هذه تقع على عاتق الرئيس الروسي».

مسارات الصدام

وبدوره، قال الباحث السياسي في العلاقات الدولية إميل أمين، إنه تبدو مسارات الصدام بين روسيا والغرب ماضية، خاصة مع مستجدات المشهد الأوكراني وانتقال الصراع لمستوى أعلى من المواجهة العسكرية.

وأكد أمين في تصريحات لموقع «الطريق»، أن القوى الغربية لم تحب ولن تحب يوما ما أن تطفو روسيا على السطح، أو أن تُظهر نوعًا من المقاومة الأدبية أول الأمر، والمادية ثانية، وبخاصة إذا كانت مقاومة موصولة بسباق التسلح، وهو ما برعت فيه روسيا في العقدين الأخيرين من خلال شبكات صاروخية تقليدية ونووية، وأسلحة فرط صوتية، وغواصات غير مأهولة بشريا، ناهيك بما لا يعلم المرء من أدوات القوة الخشنة للروس.

وأضاف أنه بعيدًا عن التنظير الأيديولوجي للمواجهة الغربية الروسية، يبدو المشهد اليوم على الأرض مثيرًا للقلق الأممي، لا سيما بعد التصريح المخيف للرئيس بوتين عن المواجهة الحقيقية التي لم تبدأ بعد، وكأن كل ما جرى من مواجهات عسكرية حتى الساعة على الأرض في أوكرانيا لم يكن سوى مناوشات.

تركيع بوتين

وتابع أمين أن ما دفع بوتين لمثل هذا التصريح هو الرغبة الأمريكية الأوروبية في تركيع القيصر بأي ثمن، بل وبكل ثمن ممكن، حتى لا يمضي في تجربته بقوة إلى النهاية تجاه أوكرانيا من جهة، أو أي من دول شرق أوروبا من جهة ثانية.

وأكمل أن الصراع العسكري بين الجانبين مرشحًا للتصاعد والتفاقم بشكل غير عقلاني، يمكن من خلاله للرؤوس الساخنة أن تقع في فخ الحرب الكبرى، التي نجح الطرفان خلال الحرب الباردة في الفرار من براثنها.

ونوه أمين إلى أنه عندما ندقق في المشهد العسكري في أوكرانيا نرى تدفقات لأسلحة أمريكية وبريطانية متقدمة، وعلى الجانب الآخر يدركون كيف أن يد الروس المميتة باتت تستخدم أسلحة ذات قوة نيران غير تقليدية، من صواريخ دقيقة التوجه، فاعلة التأثير، تطال شحنات أسلحة الغرب بشكل فوري ومباشر.

حرب الغاز

ولفت إلى أن هناك جانب آخر من المواجهة تدفع أوروبا ثمنه في الحال، وستتضاعف الأكلاف في الاستقبال، موصول بتدفقات الغاز والنفط على مقربة من الخريف، وقبل الشتاء القارس، هناك حيث الجنرال الأبيض يهدد الأوروبيين، وفي ظل ركود اقتصادي وتضخم مريرَيْن.

وأوضح أمين أن بوتين يتلاعب بأنابيب تدفق الغاز، الأمر الذي يترك الأوروبيين في قلق وحيرة كبيرين، ويُدخل القارة الأوروبية برمتها في دوامة من القلاقل الجيوسياسية، بل والأكثر خطورة في المواجهات الفكرية بين تيار كان -وربما لا يزال- يؤمن بأن الولايات المتحدة زجّت بأوروبا في أتون النيران الروسية، وبقيت هي بعيدًا، فيما يدفع الأوروبيون الثمن الفادح من حاضرهم، وربما من غدهم، وقد كان من الأفضل التفكير في التعاون الأوراسي، عوضًا عن التناحر.

وأشار إلى أن روسيا تبدو مقتنعة اليوم بأن أفضل طريق للدفاع هو الهجوم، ومن هنا يمكن أن نتفهم جولة وزير الخارجية الروسية، سيرجي لافروف، الأخيرة في أفريقيا، في محاولة لملء مربعات نفوذ سياسية، وقد سبقه بوتين إلى إيران.

اقرأ أيضا: أوكرانيا تتهم روسيا بقصف محطة زابوريزهزهيا النووية