الطريق
الجمعة 3 مايو 2024 11:35 صـ 24 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

منظمة معاهدة الأمن الجماعي واستعادة الاستقرار في كازاخستان

منظمة معاهدة الأمن الجماعي
منظمة معاهدة الأمن الجماعي

• يمثِّل تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي في كازاخستان سابقة منقطعة النظير في تاريخها، حيث تُعد المرة الأولى التي يتم فيها تفعيل الدور العسكري للمنظمة.

• تحكُّم روسيا في 95% من الإنفاق العسكري للمنظمة، جعل القرارات ذات الصلة بالانتشار العسكري تتأثر إلى حدٍ كبير بمصالح موسكو وتخضع لموافقتها.

• تدخل المنظمة في كازاخستان يؤول بصفة رئيسة إلى مخاوف الدول الأعضاء من انتشار "الثورة الملونة" في أرجاء المنطقة كافة بموجب سقوط نظام "توكاييف".

• أثبتت منظمة معاهدة الأمن الجماعي أنه يمكنها ضمان الاستقرار واستيعاب دور روسيا المهيمن في المنطقة.

يعد تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي في كازاخستان، يُعد السابقة الأولى من نوعها التي يتم فيها تفعيل الدور العسكري للمنظمة، والمنصوص عليه في المادتين 2 و4 من ميثاقها. مُوضحًا أنّه لم يسبق لها التدخل في أي أزمات أخرى رغم مطالبات الدول الأعضاء لها بالتدخل، لا سيَّما من قِبل رئيس قيرغيزستان "كرمان بك باكييف" إبَّان الاحتجاجات التي اندلعت في بلاده 2010، وأرمينيا في أثناء نزاعها مع أذربيجان 2020، الأمر الذي يُثير بدوره جُملة من التساؤلات بشأن تغيُّر سياسة المنظمة.

وعليه، يعد الدور الذي قامت به منظمة معاهدة الأمن الجماعي حيال احتجاجات يناير 2022 في كازاخستان، وذلك تلبية لطلب الرئيس الكازاخستاني "قاسم جومارت توكاييف" ، وفى ظل تقاعس المنظمة عن أداء الدور العسكري المنوط بها في الماضي، يؤول إلى افتقارها للاستقلالية المؤسسية والتماسك الداخلي، وهشاشة الطابع المؤسسي الخاص بها، علاوةً على تحكم روسيا في 95% من الإنفاق العسكري للمنظمة. ومن ثمَّ فإنّ القرارات ذات الصلة بالانتشار العسكري تتأثر إلى حدٍ كبير بمصالح "موسكو" وتخضع لموافقتها.

ويعد المأزق المؤسسي الثاني يكمن في اختلاف المصالح الاقتصادية للدول الأعضاء وإدراك كل منهم للتهديدات المحتملة وسُبل التعامل معها، فضلًا عن الصعوبات المُحدقة بتأطير النزاعات المحلية باعتبارها تهديدًا للأمن الجماعي للدول الأعضاء. ومن ثمّ تلجأ المنظمة إلى إعلاء المادة الخامسة من الميثاق الخاصة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

وفيما يتعلق بتدخل المنظمة في كازاخستان، أفاد المقال أنّ كازاخستان شريكًا رئيسًا داخل المنظمة، كما أنها تُعد أهم الشركاء الاستراتيجيين لروسيا، فضلًا عن أنّ طبيعة الاحتجاجات الكازاخستانية التي تؤول إلى ارتفاع أسعار الوقود وسياسات التقشف التي تتبعها الحكومة استجابة لجائحة "كورونا"، أثارت مخاوف قادة الدول الأعضاء في المنظمة من سقوط نظام "توكاييف" ومن ثمّ انتشار "الثورات الملونة" في أرجاء المنطقة كافة، لا سيَّما وأنهم يرونها ثورة مدبرة ومدعومة من القوى الغربية، وبالتالي كان لا بد من الموافقة السريعة على نشر قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي في كازاخستان.

واقتصرت مهمة المنظمة في كازاخستان على حماية البنى التحتية الاستراتيجية على غرار شبكات الطاقة، وإمدادات المياه، ومستودعات الأسلحة، بينما لم تقم بأي عمل عسكري، ومن ثمَّ نجحت في استعادة الاستقرار في كازاخستان في وقت قصير.

واكتسبت منظمة معاهدة الأمن الجماعي خلال العقد الماضي، وضع "المنظمة الدولية الإقليمية" التي منحتها المسؤوليات القانونية الدولية الكاملة ضمن الفصل الثامن في إطار عمل الأمم المتحدة، لافتًا الانتباه إلى أنّه خلال اجتماع "دوشانبي" لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في مايو 2021، تمت الموافقة على مشروع اتفاقية بشأن الاختصاص القضائي والمساعدة القانونية في القضايا المتعلقة بالوجود المؤقت لقوات المنظمة في أراضي الدول الأعضاء، موضحًا أنّ ذلك يهدف إلى إنشاء آلية للتعاون بين السلطات المختصة -على غرار الشرطة والمحاكم العسكرية- في الدول الأعضاء من أجل معالجة القضايا الجنائية والإدارية.

وختامًا، ينطوي تدخل المنظمة في كازاخستان على جُملة من الدلالات بشأن إمكانيتها المستقبلية، أولًا: لم تعد منظمة الأمن الجماعي خاملة وإنما أصبحت تتمتع بدور نشط في محيطها الإقليمي، ولا يقتصر هذا النشاط على الجانب العسكري فحسب، وإنما الإدارة الأمنية بمنظورها الأوسع، ثانيًا: أن المنظمة لديها القدرة على الانخراط في مواجهة جيوسياسية أوسع ضد الغرب، ثالثًا: أثبتت منظمة معاهدة الأمن الجماعي أنّه يمكنها ضمان الاستقرار واستيعاب دور روسيا المهيمن في المنطقة.

اقرأ أيضا : روسيا تعلن تقدمًا في محادثات ”فيينا” بشأن إحياء الاتفاق النووي