الطريق
الأحد 19 مايو 2024 07:17 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

كيف نواجه تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا؟.. خبير يجيب

الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي والأوكراني
الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي والأوكراني

ماذا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا؟، سؤال يطرح نفسه بإلحاح علي المستوى العالمي والعربي والمصري، ومن هنا تبرز الحاجة لمناقشة تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية سياسيًا اقتصاديًا، على الصعيد العالمي والعربي لكي نستخلص النتائج، ونتمكن من طرح حلول للتأثيرات السلبية لهذه الأزمة، والاستفادة من التأثيرات الإيجابية.

استعراض القوة الروسية

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي والخبير الاقتصادي، مدحت صبري، إن الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا ما هي إلا استعراض للقوة الروسية، ومحاولة استرداد زعامة العالم أو تقاسمها مع أمريكا، وهي محاولة روسية جادة لإعادة ترتيب الأوضاع السياسية و العالمية، وتغير خريطة التوازنات في العالم لصالحها، وقد بدأت هذه المحاولات عندما وقعت روسيا على معاهدة الدفاع المشترك مع حلفائها مثل بلاروسيا وكازخزستان وتركمستان وباقية دول الاتحاد السوفيتي المنحل.

وتابع المحلل السياسي والخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ«جريدة الطريق» أن الحرب الدائرة الآن ما هي إلا تهديدات لحرب عالمية ثالثة، واستخدام سلاح الردع النووي لإرهاب أمريكا والدول الأوروبية وحلف الناتو خاصة مع دخول الصين وكوريا الشمالية وإيران علي خط المواجهة المستترة ضد أمريكا والاتحاد الأوروبي، وكل ذلك سوف ينتهي في أقرب وقت ممكن بعقد اتفاقيات ومعاهدات بدون موجهات عسكرية علي الإطلاق بين الدول سالفة الذكر، وبعدها سينتهي النزاع بولادة روسيا الجديدة العملاقة، هذه هي النتيجة الحتمية المؤكدة كجولة تفاوضية وهذا هو التأثير العسكري الإيجابي، حيث أنه سيحد من التدخل الأمريكي والغربي لتحديد مصائر الشعوب.

وأضاف المحلل السياسي، أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وآثرها علي الاقتصاد العالمي، فهناك تأثير محدود جداً وغير محسوس علي أمريكا وروسيا ودول حلف الأطلسي، حيث أن الاقتصاد الأمريكي والأوروبي قوي لدرجة تجعله يستوعب الوضع، ويعيد ترتيب الأوراق وبناء نفسه والخروج سريعاً من الأزمة سواء كانت مالية أو اقتصادية حيث يبلغ الاحتياطي النقدي في البنك الفيدرالي الأمريكي ما يقارب 685 مليار دولار بخلاف الصناديق السيادية وغطاء الذهب للاحتياطي النقدي، بينما يبلغ احتياطي النقد الأجنبي للدول الأوروبية بما يعادل حوالي 514 مليار دولار موزعة ما بين ين ويورو واسترليني مع غطاء ذهب لحماية تدهور أي عملة من العملات بهذه المليارات.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه لا تأثير سلبي مباشر أو طويل الأجل على أمريكا وأوروبا أو حتى روسيا، أما علي المستوى العربي والمصري فسوف تكون التداعيات الاقتصادية إيجابية علي أغلب الدول العربية وسلبية علي القليل جداً منها، وهي تأثيرات وقتية وسريعة الزوال، وسيكون هذا التأثير في الحالتين تراكمي علي المدى الطويل ولن يظهر آثاره في الوقت الحالي القصير؛ لأن أغلب الدول العربية مصدرة ومتحكمة في مصادر الطاقة والدليل علي ذلك رفض السعودية والجزائر ونيجيريا وبقية دول الأوبك في رفع معدلات إنتاج وتصدير النفط، خوفًا من انخفاض أسعاره وحرصها علي جني الأرباح والمكاسب خلال تلك الأزمة.

كما رفضت مصر علي لسان وزير البترول، طارق الملا رفع معدلات إنتاج الغاز وتصديره بحجة عدم اكتمال محطات التكرير، وهذا طبيعي حيث أن الفرصة متاحه الآن لجني مليارات الدولارات من الخارج للدول المصدرة لمصادر الطاقة فقد ارتفع سعر النفط بنسبة 22% حيث وصل سعر البرميل إلى 995 دولار، وارتفع سعر الغاز الطبيعي بنسبة 94% ليصل إلى 99.5 دولار لكل مليون وحدة، وكان إصرار مصر علي استيراد غاز من إسرائيل بمبلغ 22 مليار دولار، رغم الانتقادات التي لاقتها مصر محليًا وعالميًا، قمة الصواب والحكمة، و تدعيمًا لموقف مصر برفضها إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي لأمريكا أو أوروبا، وهذا ما صرح به السفير جمال بيومي في اجتماع مجلس الوزراء والمجموعة الاقتصادية ومجلس الدفاع.

تداعيات سلبية مؤقتة

وكذلك كانت النظرة المستقبلية الثاقبة للحكومة المصرية لتنويع مصادر سلة غذاء لمعظم السلع الاستراتيجية في رفع المخزون السلعي من القمح والحبوب لـ 92.5 مليون طن وهو يكفي احتياجات مصر، وذلك بتصريح رسمي من وزير التموين الدكتور مصيلحي في 202/2/22، كما كانت النظرة ثاقبة في حرص القيادة في مصر على تنوع مصادر استيراد اللحوم والدواجن من عدة دول مثل السودان والبرازيل والهند وغيرها.

وعلي الجانب الآخر هناك تداعيات سلبية علي مصر مؤقته وسهلة، وعلاجها هو تحميل الخزينة المصرية تكلفة إضافية نتيجة ارتفاع أسعار، استيراد الدواجن واللحوم وارتفاع تكلفة الذرة الصفراء والشعير والأعلاف وهذا التأثير السلبي يمكن تعويضه بفارق زيادة إنتاج وتصديرالغاز الطبيعي، مما يساعد علي تدعيم مركز مصر المالي وتدفقاته النقدية.

وهناك أيضًا تأثير سلبي آخر هو انخفاض أعداد السياحة الروسية والأوكرانية إلى مصر بنسبه 32 % خلال شهر فبراير وإلغاء أكثر من 32 رحلة إلى مصر خلال شهر مارس، وهذا تأثير وقتي ومؤقت، أما التأثير الأكثر خطورة رغم أنه أنه مؤقت هو نزول أسعار أسهم البورصة المصرية تدريجياً من 4.9 % في أولى أيام الغزو إلى %3.8، واليوم وصل إلى 2.6 % مع خروج 94 مليار دولار من خزينة الاستثمار، مع انخفاض تدفق النقد الأجنبي لمصر مما زاد التضخم إلى %1 خلال هذا الشهر مما تسبب في هبوط طفيف للعملة المصرية.

التعاون العربي ضرورة ملحة

وأنهي الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي، حديثه مع «جريدة الطريق » قائلًا:" وفي النهاية بعد استعراض الأزمة وتديعياتها علي جميع المستويات يجب علينا كخبراء تحليل النتائج وطرح الحلول ومن هنا يجب على الدول العربية أن تتكاتف وتتعاون اقتصادياً ومالياً وعسكريًا".

اولاً: اقصادياً عن طريق إحياء اتفاقية التكامل الاقتصادي العربي الموقعة

ثانياً:عسكرياً عن طريق إحياء اتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقعة، وتفعيلها مع تفعيل دور الهيئة العربيه للتصنيع.

ثالثاً: مالياً عن طريق إحياء فكرة انشاء البنك العربي المشترك الذي طرحها الرئيس جمال عبدالناصر و الملك خالد بن عبدالعزيز.

كما علي الدول العربية أن تعمل علي تنويع مصادر أسلحتها وغذائها وأدواتها المالية والمصرفية وتدفقاتها النقدية، كل ذلك حتمي وضروري لمواجهة القوى القادمة الثلاثية التي تتبلورملامحها من الآن وسوف تتشكل بعد إنتهاء الأزمة، وهي القطب الروسي معه كوريا الشمالية، والقطب الأمريكي ومعه الاتحاد الاوروبي، القطب الصيني ومعه كوريا الجنوبية، وعلى كل الدول العربية أن تقف اليوم بحزم وإصرار أمام كل القوى والمحاولات الهادفة إلى تقزيم دورها في هذا العالم المتصارع.

اقرأ أيضًا| عاجل | أزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق مع توقف شحنات القمح الأوكراني