الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 01:56 مـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

خاص| السلاح بدل القلم.. مليشيا الحوثي تلقن «الموت» لتلاميذ اليمن في المدارس

قيادي حوثي يدرب طفلا داخل مدرسة على فك وتركيب السلاح
قيادي حوثي يدرب طفلا داخل مدرسة على فك وتركيب السلاح

في واقعة تلخص إرهاب الحوثي؛ تحولت إحدى المدارس التعليمية إلى معسكر تدريب للأطفال على السلاح والموت باليمن، في واحدة من أبرز صور انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب الدائرة في البلاد منذ أواخر عام 2014.

وفي داخل المعسكر، يسلم قيادي حوثي طفلاً قطعة من سلاح «كلاشنيكوف» ويطلب منه تفكيكها وإعادة تركيبها، بعد أن كان كل المطلوب منه تلقي الدروس واللهو في فناء المدرسة.

للوهلة الأولى، وجد «عمرو» ذو الـ13 ربيعا، صعوبة في فك غطاء علبة المغلاق في السلاح، لكن القيادي الحوثي لم يتوان عن مساعدته، قبل أن يناديه قيادي آخر طالبا منه التقدم إلى الأمام ليشاهده بقية الأطفال.

تعليم تفكيك السلاح

وبيديه الصغيرتين، وقف الطفل بجانب سبورة كتب عليها «الفجار- الكفار» داخل القاعة الدراسية وهو يمسك السلاح ويبدأ بتفكيك قطعة ويسلمها للقيادي الحوثي، هذه علبة المغلاق وهذا حامل الترباس «المغلاق».

ومع هذا المشهد، يتحفز بقية الأطفال للتدريب العسكري ويتدافعون للأمام، إلا أن «عمرو» طلب منهم الرجوع للوراء «وخروا وخروا»، في حين يطلب قيادي حوثي آخر كان في مهمة تصوير المشهد، من طفل الابتعاد من أمام الكاميرا.

وبين قهقهات الأطفال البريئة التي لا تدرك المصير المحتوم في آخر النفق، يصطف 6 أطفال تحت سن 12 عاما متقابلين يتوسطهم «عمرو» الذي ينجح وهو مبتهج في فك قطعة «أسطوانة الغاز» من على السلاح، فيما يطلب طفل آخر منه إعادة التركيب.

وحينها يتدخل المدرب الحوثي وهو يمسك أجزاء القطع المفككة، مطالبا الأطفال بالإفساح قليلا ليكمل التدريب، ويضع القطع على أحد المقاعد الدراسية.

لكن طفلا قطع الصخب الطفولي بطلب فرصة لإعادة تركيب السلاح قبل أن يصرخ قيادي يقف خلف الكاميرا في وجوه الجميع: «يا جهال كل واحد يجلس فوق كرسيه».

قصة «عمر» وقعت في إحدى المدارس التي حولها الحوثيون إلى معسكر تدريب في محافظة «عمران» على بعد كيلو من صنعاء.

تجنيد نصف مليون طفل

وثق هذه القصة المأساوية مقطع فيديو تداوله نشطاء يمنيون على نطاق واسع وتحقق منه موقع «الطريق»، إذ أكد نبيل عبدالحفيظ، وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن، أن الحوثي جند خلال العام الجاري، نصف مليون طفل على الأقل، عبر 6 آلاف مخيم صيفي، أقامته الميليشيات في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأشركت أعداد كبيرة من أطفال المراكز الصيفية في جبهات القتال.

وقال عبد الحفيط، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن هؤلاء الأطفال وبناءً على ما تسرب من صور وفيديوهات لبعض المراكز الصيفية ونوعية التثقيف والأزياء والشعارات، فإنهم يتلقون تثقيفاً قتالياً تعبوياً.

وأشار المسؤول اليمني إلى استخدام جماعة الحوثي المدارس والمرافق التعليمية لاستقطاب الأطفال إلى التجنيد الإجباري بل وأحياناً من خلال الاختطاف، من خلال نظام تعليم يحرّض على العنف، بالإضافة إلى تلقين الطلاب العقيدة الأيديولوجية الخاصة بالجماعة من خلال محاضرات خاصة داخل المرافق التعليمية لتعبئتهم بالأفكار المتطرفة، وترغيبهم بالانضمام إلى القتال لدعم الأعمال العسكرية للجماعة.

تفخيخ حاضر ومستقبل اليمن

ويوثق المقطع المصور لأول مرة، التدريبات العسكرية داخل المعسكرات الصيفية التي أسسها الحوثيون في المدارس والمراكز والأندية الرياضية والمساجد، ويتم تدشينها سنويا في العطلة الصيفية بهدف تجنيد واستقطاب أكبر عدد من الطلاب الصغار والشباب، قبل الإلقاء بهم في أتون الحرب المستعرة.

ويبدأ من لحظة قيام المدرب الحوثي باختبار الطلاب على تفكيك السلاح الآلي، بفتح عتلة الآمن وقبل أن يشير إلى مقدمة السلاح الخشبية، يرد طفل من الحاضرين بأنها: «أنبوبة الغاز».

كما يخبر الأطفال بشكل مفصل عن قطع السلاح ومكونات صناعتها، وخاصة «الفولاذ» أقوى الحديد.

ويطلب القيادي الحوثي الآخر من المدرب تسليم الأطفال السلاح لاختبار قدرتهم في الفك والتركيب، ليعمل على الفور في انتزاع مخزن الرصاص ويطلب من طفل بالتقدم قبل أن يتراجع: «أنت ركبت خلاص»، ويسلمه إلى الطفل «عمر» الذي يظهر بالثوب اليمني التقليدي.

انتهاك القانون الدولي

وصف محمد عسكر وزير حقوق الإنسان السابق باليمن، مقطع الفيديو بأنه توثيق دامغ لجريمة مكتملة الأركان تنتهك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

وأضاف عسكر، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن تفكيك وتركيب السلاح هو تدريب قبل الرماية والتصويب على الأهداف، يمهد لدخول العمليات الهجومية الحربية، ويقدم الحوثيون هذا التدريب كجرعة سريعة لصغار السن قبل زجهم في محارق الموت.

من المدارس إلى المتارس

وتابع أن ذلك دليل جديد على سبب تفشي جرائم القتل الأسرية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ فخخت المليشيات عقول الأطفال والأجيال بجعلهم ألغاما في مستقبل اليمن لتهديد المنطقة والعالم.

وأكد عسكر أن ظاهرة تجنيد الأطفال تشويه للحاضر وتفخيخ للمستقبل، قائلاً إن «هؤلاء المسرحين من المدارس إلى المتارس.. كيف سُيعاد إدماجهم في المجتمع وهم بعشرات الآلاف».

وأشار عسكر إلى أن خطورة المراكز الصيفية تكمن في كونها تقوم بعملية غسيل مخ لمئات آلاف الأطفال في كل صيف، ويتم فيها حشو أدمغة الأطفال بثقافة الكراهية.

اقرأ أيضا: مليشيا الحوثي تلتف على ممرات هدنة اليمن

موضوعات متعلقة