بئر برهوت أو قعر جهنم.. ما سر الحفرة الغامضة في اليمن التي وردت بحديث نبوي؟

على بعد 1300 كيلومتر شرق العاصمة اليمنية صنعاء قرب الحدود مع سلطنة عمان تقع بئر «برهوت» في صحراء محافظة المهرة، ويُعتقد أن عمق الحفرة العملاقة يتراوح بين 100 و250 مترا ويصل عرضها إلى 30 مترا.

وتناقل الكثيرون على مدى قرون قصصا تشير إلى وجود الجن في هذه البئر وساد اعتقاد بأنها تشكل خطرا فوق الأرض وقد تبتلع كل ما يقترب منها، حتى أن كثيرين يتجنبون مجرد التحدث عن هذه الحفرة الغامضة مخافة أن يلحق بهم الأذى.

قعر جهنم

وفيما يحيط الغموض حتى الآن بـ «بئر برهوت» التي يسميها البعض أيضا «قعر جهنم»، هناك حديث منسوب للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ذُكر فيه اسم البئر، بينما أشار آخرون إلى أنها المقصودة بـ «بئر معطلة» المذكورة في القرآن.

ويقول الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم، وشر ماء على وجه الأرض ماء برهوت بقية حضرموت كرجل الجراد من الهوام، يصبح يتدفق، ويمسي لا بلال بها».

حقيقة البئر

وأوضح الشيخ محمد عيضة شبيبة، وزير الأوقاف والإرشاد اليمني، أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن «بئر برهوت» رواه الطبراني في معجمه الكبير، وقبله بعض أهل العلم مثل الإمام الألباني فقد أورده في الصحيح.

وقال شبيبة، في تصريحات لموقع «الطريق»، إنه «يقال حول بئر برهوت إنه فوهة لجهنم وأن أرواح الكفار والمنافقين تكون فيه، وأبغض بقاع الأرض إلي الله، كما نقل عن بعض الشافعية كراهة التوضؤ بالماء الذي فيه».

ونوه المسؤول اليمني إلى أنه قد «رُوِيَ عن علي بن أبي طالب قوله: أن أبغض البقاع إلى الله وادي برهوت بحضرموت، فيه بئر ماؤها أسود منتن يأوي إليه أرواح الكفار».

وتابع أنه يقال أيضا أن تلك الحفرة الغامضة هي المشار إليها بآية «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ» في قوله تعالى: «فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ».

محاولات استكشاف البئر

وأكد شبيبة أنه «على مدار الفترات الماضية حاول الكثيرون استكشاف بئر برهوت وذهب بعضهم إلى المكان واستوحشوه، فهل هو متصل بشئ من عالم الغيب؟ الله أعلم».

وفي إطار محاولات استكشاف أسرار بئر برهوت الغامض، قال البروفسور محمد الكندي، عالم الجيولوجيا في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في سلطنة عُمان، والذي كان على رأس فريق علمي مشارك في استكشاف البئر، إن 8 من أعضاء الفريق نزلوا إلى البئر بشكل عمودي باستخدام الحبال، بينما بقي 2 من زملائهم قرب الحفرة في الخارج، وعثروا على ثعابين وحيوانات نافقة وسط الترسبات في قاع البئر.

الروائح الكريهة

وأضاف الكندي، في تصريحات لموقع «الطريق»، إنه لم يتم العثور على أي دليل على وجود أمر خارق للطبيعة، وما فعلناه إننا جمعنا عينات من المياه والصخور والتربة لتحليلها معمليا.

وأرجع عالم الجيولوجيا الروائح الكريهة التي تخرج من بئر برهوت، إلى الحيوانات والطيور النافقة في قاع البئر، معتبراً أن ذلك أمراً طبيعياً وليس شيئاً غريباً.

ماذا يوجد في البئر؟

ووصف الكندي الحفرة بـ «أنها عميقة للغاية وتُعد من أنواع حفر الإذابة، حيث أن الطبقة العلوية للحفرة تتميز بتكوين الحبشية، وهو تكوين يعود إلى العصور الحديثة مُكون من حجر جيري وقاعدتة حجر طيني جيري».

وأشار إلى أن الحفرة تضم تكوينات كلسية، والتي تُعرف بـ«لآلئ الكهوف»، وذلك نسبًة لشكلها الخارجي الذي يشبه اللؤلؤ، كما وتعيش فيها مجموعة مختلفة من الكائنات الحية كطيور الحمام، والجوارح، وكذلك الأفاعي، والضفادع، والعديد من الحشرات مثل الخنافس.

وتابع الكندي، أن الحفرة تتضمن 4 شلالات، وتتسرب المياه في فتحة صغيرة بعمق 4 أمتار، وبعدها تضيق بحيث لا يمكن الولوج إليها، كما أن البئر تحتوي مجموعة متنوعة من الترسبات الكهفية، ويصل طول بعض الصواعد والهوابط في الحفرة إلى أكثر من 9 أمتار.

ونوه إلى أن عرض الحفرة 30 مترًا في الأعلى ويبقى على هذا العرض حتى عمق 65 مترًا، ثم يتسع فجأة، لتُصبح الحفرة على امتداد 116 مترًا حتى تصل لعمق 112 مترًا.

وشدد الكندي على أن «هذه الحفرة هي بلا شك ليست بئر برهوت، على عكس الأساطير والروايات، حيث أن مياهها عذبة، كما لم يسمع الفريق خلال عملية الاستكشاف أي أصوات ولم يشاهد أية حيوانات مفترسه، أو ما هو خارج عن المألوف».

وحول الأسباب التي جعلت الناس يزعمون أنها بئر برهوت، أكد عالم الجيولوجيا أن النطاق الجغرافي لحضرموت يتغير مع مرور الزمن، حيث كان في زمن النبوة مختلفًا عن الآن، منوها إلى أن هذه الحفرة، واسمها حفرة «خسفيت فوجيت»، ليست تلك الواردة في الأوصاف النبوية.

اقرأ أيضا: سباق مع الزمن لتأمين مخزون غذائي لليمن