الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 02:40 صـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

ماذا حدث في ليلة لقاء النبي مع الجن وحقيقة ظهور الشهب لحراسة السماء؟

أرشيفية
أرشيفية

بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم برسالة إلى الجن والإنس استنادا لما ورد في قوله تعالى: « وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ».

ونشرت دار الإفتاء المصرية، في وقت سابق عبر حسابها الرسمي قصة إسلام الجن، حيث إن إسلام الجن ووفادتهم على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان كوفادة الإنس فوجًا بعد فوج وقبيلة بعد قبيلة وحدث ذلك أكثر من مرة سواء بمكة وبعد الهجرة في المدينة المنورة.

ففي أثناء عودته صلى الله عليه وسلم، من الطائف، أقام أيامًّا في وادي نخلة القريب من مكة، وخلال فترة إقامته هذه بعث الله إليه نفرًا من الجن استمعوا إلى القرآن الكريم، وأسلموا، وعادوا إلى قومهم مُنْذرين ومبشرين، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ۞ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ۞ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأحقاف: 29-31] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ۞ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ [الجن: 1-2].

واستندت دار الإفتاء إلى قول الحافظ ابن كثير وابن حجر: وقول من قال: إن وفودهم كان بعد رجوع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من الطائف ليس صريحًا في أولية قدوم بعضهم، حيث إن الذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء عن استراق السمع؛ دالٌّ على أن ذلك كان بعد المبعث وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا عن ذلك إلى أن وقفوا على السبب فرجعوا إلى قومهم، ولما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم قدموا فسمعوا فأسلموا، وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدّد مجيئهم حتى في المدينة.

وأشارت إلى أن محمد بن عمر الأسلمي، وأبو نعيم، روى عن أبي جعفر -رضي الله عنه- وعن آبائه قال: « قدم على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم الجنُّ- في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة، مبينًا: قال ابن إسحاق وابن سعد وغيرهما: إن رسول - صلى الله عليه وآله وسلم- لما انصرف من الطائف راجعًا إلى مكة حين يئس من خير ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلّي، فمر به النفر من الجن الذين ذكّرهم الله تعالى.

وقال ابن إسحاق: وهم فيما ذُكِرَ لي سبعةُ نفرٍ من جن أهل نصيبين، فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، فقص اللهُ تعالى خبرهم على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: (وَاذكر إِذْ صَرَفْنا) أملنا إِلَيْكَ (نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ) جن نصيبين أو جن نينوى، وكانوا سبعة أو تسعة، وكان -صلى الله عليه وآله وسلم- ببطن نخلة يصلي بأصحابه الفجر، رواه الشيخان.

واستدلت بما روى الشيخان عن مسروق قال: قلت لابن مسعود: مَن آذن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ قال: آذَنَتْهُ بهم شجرة، وفي لفظ: سمرة، "صحيح البخاري بشرح فتح الباري" (7/ 171)، و"صحيح مسلم بشرح النووي" (4/ 171)، وفي روايةٍ عن أبي عبيدة أن مسروقًا قال له: أبوك أخبرنا: أن شجرةً أنذرَت النبيَّ عليه السلام بالجن. أخرجه الحميدي في "مسنده".

وأوضحت دار الإفتاء، أن الإمام أحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال: قلت لابن مسعود: هل صحب النبيَّ -صلى الله عليه وآله وسلم- ليلةَ الجنّ منكم أحدٌ، قال: ما صحبه منا أحدٌ، ولكنا فقدناه ذات ليلة، فقلنا: استطير أو اغتيل، فبتنا بشرِّ ليلةٍ باتها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاءٍ مِن قِبَلِ حراء، فقلنا: يا رسول الله، إنا فقدناك، فطلبناك فلم نجدك، فبِتْنَا بشرِّ ليلةٍ بات بها قوم. فقال: «إنه أتاني داعي الجنّ، فذهبت معهم، فقرأت عليهم القرآن». فانطلق، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. "صحيح مسلم بشرح النووي" (4/ 168-170).

‏ثم ذهب هؤلاء الرهط لقومهم ونشروا الإسلام بين الجان أجمع، ومن يومها أصبح الجانُّ مقسومين بين مسلم وكافر .

وحسب الروايات فإن النبي عليه الصلاة والسلام شاهد الجنّ على هيأتهم الحقيقية التي خلقهم بها الله، أما ابن مسعود فمختلف، والأرجح انه لم يشاهدهم على هيأتهم الحقيقية.

وورد أن تلك كانت ليلة إسلام الجِنّ المذكورة في القرآن الكريم، وتم بناء مسجد بنفس مكان حادثة الجن وسمي بمسجد الجن بمكة المكرمة.