الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:11 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

التسعيرة الجبرية مرفوضة.. وهامش الربح قد يكون الحل الأقرب

أخطر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.. ارتفاع الأسعار يزيد معاناة الشرق والغرب

ارتفاع الاسعار
ارتفاع الاسعار

يبدو أن الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، ستزيد من معاناة الشرق والغرب على حد سواء، إذ أجمع الخبراء والاقتصاديين على أن الحرب أضرت بالاقتصاد العالمي كله، إلا أن دول الشرق وأفريقيا على وجه التحديد ستكون الأكثر تأثرا بتداعيات هذه الأزمة، لاسيما أنها تستورد أغلب أغذيتها من معسكري الصراع "روسيا – أوكرانيا".

وأول الأثار السلبية لتلك الحرب تمثلت في ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، الأمر الذي جعل حكومات الدول المختلفة تلجأ للبحث عن حلول جديدة للخروج من الأزمة بأقل الأضرار وأخفها، خاصة حال استغل التجار وضعفاء النفوس الأزمة ورفعوا من قيمة السلع بهدف تحقيق أرباحا أعلى.

وارتفاع الأسعار حقيقة مرة وأمر واقع لمسه الجميع؛ فاشتكى منه المواطن واعترفت به الدولة؛ فها هو الدكتور علي المصيلحي وزير التموين، يؤكد وجود حالة من الغلاء التي أسفرت عن ارتفاع في أسعار السلع المختلفة، لكنه يرى أن السبب في ذلك هي "الحرب العالمية الثالثة"، في إشارة منه إلى الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا.

وأوضح "المصيلحي" أن هذه الحرب تسببت في ارتفاع عمليات الشحن والتفريغ ووسائل النقل العالمية، مما زاد من تكلفة السلعة أو المنتج ومن ثم ارتفاع سعر هذه السلع كما هو الحال في أغلب الأسواق العالمية، وأن مصر أحد تلك الدول التي تاثرت بهذه الحرب.

وعن الخروج من تلك الأزمة، وعن الحلول التي يمكنها جمح كباح التضخم والغلاء، أكد "المصيلحي" أن الأمر ليس بهذه السهولة، موضحا أن السوق المصري ليست بالقوة ولا بالنضج الذي يجعلها تستوعب أو تتماشى مع الضوابط الاقتصادية التي يمكن اتخاذها، مشيرا إلى أن الفترة الراهنة تحتاج إلى قرارت أكثر حكمة.

وفيما يخص التسعيرة الجبرية واعتبارها أحد الحلول الاقتصادية لضبط السوق، قال وزير التموين إن الدولة لن تقر التسعيرة الجبرية ولن تستخدمها في الوقت الراهن، مؤكدا أن هذه السياسة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وأن فرض تسعيرة جبرية على بعض السلع سيؤدي إلى اختفائها تماما من السوق.

وبين الوزير أن هذه لا يعني أن الدولة تتخلى تماما عن التسعيرة الجبرية، موضحا أن الدولة استخدمت تلك السياسة من قبل، وتحديد في أزمة السكر التي حدثت في وقت سابق، كما استخدمت الحكومة التسعيرة الجبرية في ازمة الخبز السياحي التي حدثت مؤخرا، لكنه جدد تأكيده على رفض الحكومة تطبيق فكرة التسعيرة الجبرية خلال الفترة الحالية.

والحرب الروسية الأوكرانية ليست هي وحدها السبب في ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بنفس الصورة التي تحدث في الأسواق المحلية حاليا، بحسب الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، الذي أكد أن الأصل في ارتفاع الأسعار هو أننا نعاني من وجود موجة تضخم مرتفعة.

وأكد "النحاس" في تصريحات لـ "الطريق" أن مصر تعاني موجة تضخم كبيرة حدثت أواخر العام الماضي وقبل بدابة الحرب الروسية الأوكرانية نفسها، مؤكدا أن هذه الموجة التضخمية أسفرت عن زيادة 10% في أسعار السلع والمنتجات، وأن ذلك الأمر حدث قبل شهر فبراير الماضي، ثم تبع ذلك موجة أخرى من الغلاء لاسيما بعد اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن تأثير الحرب على ارتفاع الأسعار لم يكن تأثيرا مباشرا بل كان تأثيرا غير مباشر، موضحا أن الحرب أسفرت عن ارتفاع كبير في أسعار الوقود، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع تكلفة النقل والشحن العالمي، علاوة على أن المخاطر الناجمة عن الحرب زادت من أسعار وكلفة عمليات التأمين لعمليات الشحن والتفريغ ونقل السلع، مؤكدا أن كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى هذا الغلاء والارتفاع الذي نعانيه.

وأفاد "النحاس" أن مصر تستهلك 20 مليون طن من الغذاء بشكل سنوي، بينما تصدر أوكرانيا نحو 22 مليون طن من الغذاء، بينما تمتلك الهند وحدها نحو 108 مليون طن من الغذاء.

وفيما يخص ضبط أسعار السلع والمنتجات في الأسواق المصرية، أعرب النحاس عن تأييده لتصريحات وزير التموين بشأن السوق المصري وبشأن عدم نجاح فكرة التسعيرة الجبرية في ضبط الأسواق المصرية، مؤكدا أن تلك السياسات لا يمكن أن تتماشى مع السوق المصري وأن فرض تسعيرة معينة لن يجدي نفعا ولن يقدم حلا.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الحل الأمثل في ضبط أسعار السلع والمنتجات هو تبني سياسة "هامش الربح" مؤكدا أن هذه السياسة معتمدة في أغلب دول العالم، وأن المقصود منها هو تحديد الحكومة لهامش ربح يتم إضافته على سعر التكلفة الخاص بالسلعة أو المنتج سواء كانت سلعة تم تصنيعها محليا أو تم استيرادها من الخارج، ومن ثم يكون السعر النهائي للسلعة هو عبارة عن "سعر التكلفة + هامش الربح".

وبين "النحاس" أن ميزة هذه السياسة هي ضمان عدم التلاعب في الأسعار، لأن تجميع الضرائب سيكون وفقا لهامش الربح الذي تم تحديده سلفا، ومن ثم لن يتمكن التاجر من التلاعب لأنه سيكون محصورا أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول هو الإلتزام بدفع الضرائب وفقا لهامش الربح الذي أعلنته الدولة، أما الخيار الثاني فهو التلاعب في هامش الربح وتخفيضه كي لا يدفع ضرائب أكثر، وهو الأمر الذي سوف تكتشفه الدولة بسهولة.

ورفض الخبير الاقتصادي فكرة التسعيرة الجبرية، واصفا التسعيرة الجبرية بأنها بمثابة تدخل حكومي في سياسة العرض والطلب، موضحا أن هذا الأمر يدركه جيدا وزير التموين الذي أعلن رفضه للتسعيرة الجبرية، لكنه يرى ضرورة أن تسعى الدولة إلى تفعيل أدواتها الرقابية في السوق.

تفعيل الأدوات الرقابية هو الحل، هكذا يرى خالد شعبان عضو مدلس النواب السابق، الذي أعرب عن رفضه لفكرة التسعيرة الجبرية، ورحب بالسياسة الاقتصادية التي تعتمد على تحديد هامش ربح يتم إضافته لأسعار السلعة أو المنتج، ومن ثم يتم تحديد السعر النهائي للسلعة بكل سهولة ووضوح.

وأعرب "شعبان" في تصريحات لـ "الطريق" عن تأييده لسياسة هامش الربح شريطة ألا يزيد هذه الهامش عن 30% حتى لا يكون أسعار السلع مرتفعا، مشددا على ضرورة الالتزام بنسبة الـ 30% لاسيما فيما يتعلق بالسلع الغذائية، مؤكدا أن هذه السياسة معمول بها في كل دول العالم بما فيها أعتى الدول الرأسمالية، بحسب تعبيره.

وشدد البرلماني السابق على ضرورة تفعيل الأدوات الرقابية التي تمتلكها الدولة في تحديد سعر التكلفة الحقيقي للسلع والمنتجات، ومن ثم إضافة هامش الربح شريطة ألا يتجاوز الـ 30% من سعر التكلفة، مؤكدا أن ذلك يضمن السيطرة على الأسعار وضبط السوق.

اقرأ أيضا: خاص| مساعد وزير الخارجية الأسبق: نشاط مكثف للسيسي لبلورة موقف عربي موحد

موضوعات متعلقة