الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 05:54 صـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

بعد ارتفاع الأسعار.. هل يمكن الاستغناء عن بعض شروط الزواج؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بعد ارتفاع الأسعار المبالغ فيه في كل شىء أصبحت تكاليف الزواج أمر صعب للغاية، فأسعار الخشب والأثاث ارتفعت وكذلك أسعار الذهب والأجهزة الكهربائية.. وتقع تكاليف الزواج على عاتق كلاً من الشباب والفتيات، كما أن هناك بعض الأسر التي تضع شروطا مبالغ فيها رغم هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، فهل يمكن أن يتم الاستغناء عن بعض بنود تجهيزات الزواج؟ أم ستظل العادات والتقاليد تقيد الزواج في مصر؟..

قالت نهاد أبو قمصان، رئيس المجلس المصري لحقوق المرأة، إن هناك العديد من العادات والتقاليد البالية في مصر والتي تعيق تيسير الزواج بشكل كبير وتساعد بشكل أو بآخر في ارتفاع نسبة العنوسة بمصر، مثل شراء الأجهزة الكهربائية التي ليس لها استعمالات أساسية مثل الميكرويف والديب فريزر وغسالة الأطباق وغيرها ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فقد وجدت العديد من الأبحاث أن هناك بعض القرى تلزم العروس بشراء عدد 2 من كل جهاز كهربائي إحداهما لها والآخر لأم العريس، لافتة إلى أن هناك ما يسمى بـ"النيش" والذي يحتوي على العديد من الأشياء التي لا يستعملها أحد ولكنها تظل في هذا المكان كنوع من التظاهر أمام الضيوف وليس أكثر.

وأشارت "أبو قمصان" إلى أنه من الأفضل أن نضع حدود لتلك العادات والتقاليد التي تثقل الشباب والفتيات في الزواج، وتؤدي بالتبعية إلى عزوف العديد منهم عن الزواج تماما، وهذا الأمر خطير للغاية، فكل أسرة تتمسك بتلك العادات دون تفكير وتعتبر أنه من العيب أن يتم التفريط في تلك الأساسيات، مضيفة: "أناشد الأسر بالتسهيل قدر الأمكان من الطرفين وليس من طرف واحد، لأن الوقت الحالي يختلف عن الماضي، فكل شيء أسعاره أصبحت مضاعفة للأسف وبالتالي لا يستطيع الشاب ذو العشرين أو الثلاثين الزواج إلا بمساعدة الأب والأم، لكنه لا يستطيع أن يتحمل كل هذه التكاليف الخاصة به".

ومن جانبها أوضحت الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري العلاقات الأسرية، أنه من أهم الأشياء التي تحكم على الزيجة بالنجاح أو الفشل هي تلك الأعراف والعادات والتقاليد البالية التي نتمسك بها دون أدنى تفكير، فنجد أن أسرة الفتاة إذا وجدت أن الشاب يطلب تقليل قيمة الشبكة على سبيل المثال تعتبره بخيل ولا يريد أن يكرم ابنتهم وهذا الأمر خطأ للغاية لأن أسعار الذهب أصبحت مرتفعة حتى بعد أن انخفضت في الآونة الأخيرة: "مع الأسف الأسعار ارتفعت بشكل مبالغ بل تضاعفت، فإقامة بيت سوي أفضل بكثير من تلك المظاهر الخادعة أو المشاكل المادية على أشياء لا نستخدمها".

وتابعت الدكتورة إيمان عبد الله: "معدلات الزواج تتراجع بسبب النيش والعفش والشبكة وكل هذه الأشياء، ومع التقدم العالمي والذي لابد أن نأخذ من إيجابياته، فالقليل يجب أن يكفينا ونكون شعب منتج بدلا من أن نكون شعب مستهلك، والدليل على ذلك مئات الغارمات اللاتي تم حبسهن بسبب إيصالات أمانة قاموا بإمضائها من أجل تجهيز أولادهن أو بناتهن".

وأكدت الدكتورة إيمان، أن الزواج لم يبن البيت على السعادة طالما العريس تزوج وهو مديون للغير بأموال طائلة، فالزواج يٌبنى على قدر الاستطاعة وخطوة خطوة، فلا نريد أن نتمسك بالماديات التي من الممكن ان تفسد علاقة بين شريكين مقبلين على الزواج، ولفتت الي إن هذا جعل الرجل المصري يبحث عن الزواج بامرأة غير مصرية لأن في بعض المجتمعات ليس لديهم تلك المغالاة في مستلزمات الزواج، وكل هذه العادات والتقاليد الباليه تحجب سير الحياة ، و يساعد على زيادة العنوسة وزيادة انحرافات الشباب وافسادهم، وشعورهم باليأس والقنوط فلابد ان نيسر الزواج وأن يبدأ الشاب والفتاة حياتهم بسعادة بدون ديون.

وتقول الدكتورة عزة زيان، استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية، إن الأهالي نوعين، الأول هو نوع مقدر تماما للظروف التي يمر بها الشباب ونوع آخر لا يقدر ذلك بل ويتغالوا في طلبات الزواج، وكذلك الأمر بالنسبة للعروس فهناك من تقبل التنازل وهناك من تتمسك بهذا الحق، وبالطبع عدم تيسير الأهالي على الشباب سيزيد نسبة عزوف الشباب عن الزواج بنسبة محددة، فلا يمكن أن ننكر حق العروس في الشبكة ولا يمكن أن ننكر حق العريس في التيسير.

وأكدت أن عدم مرونة الأهالي وعدم مرونة العروس نفسها يجعل الشباب يصابوا بالإحباط الشديد ويحدث هذا العزوف عن الزواج، وهو ليس مرتبط بالشبكة فقط بل مرتبط بغلاء الاسعار عموما وغلاء المعيشة، لأن العريس يكون في ذلك الوقت خائف أن تفشل الزيجة بعد كل هذه التضحيات المادية التي يقدمها، وهو خوف مضاعف من الفشل: "الضغط من جانب أهل العروس على العريس يؤثر عليه نفسيا سواء أكمل الزيجة أم لا، حتى بعد زواجه سيظل يتذكر أن تلك العروس كانت ضاغطة عليه نفسيا لكي يكمل الزواج، وفي حالة عدم استكمال الزواج يحدث له عقده ولا يريد تكرار التجربة من جديد، فالأعراف تتغير والعادات والتقاليد تتغير كل زمن وله ظروفه والتزاماته والدوافع للتغير".

وفي السياق ذاته، يقول الدكتور احمد كريمه، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أولا علينا أن نسترشد بالتوجيه النبوي المحمدي وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قال: "أقلهن مهرا أكثرهن بركة"، وفي الحياة التطبيقية العملية مهور بناته لم تزد عن 10 دراهم، وهو مبلغ ضئيل للغاية وقتها، لذا يجب على الأهالي والأسر أن يفقهوا.

واستطرد كريمة حديثه: "إننا ننادي بالترشيد والوسطية، لأنها أعراف متأصلة في الوجدان العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة فلا نريد المنع ولا نريد المغالاة في متطلبات الزواج فكل شىء إذا زاد عن الحد فقد بركته للأسف وكل هذا بأمر الله سيتحقق فيه بركة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم من رفقا بأمتي فرفق به، ومن شق على أمتى فأشقق عليه.. ونحن نريد الرفق".