الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 04:43 صـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
الطريق تنشر في عددها الجديد: جهود الحكومة لرفع الصادرات إلى 145 مليار دولار على خطى لازمة أحمد العوضي ”أحلي ع الأحلي” لـ محسن الشامى يقترب من 100000 مشاهدة أطفال دراما رمضان للمرة الأولى في ضيافة ”الستات مايعرفوش يكدبوا” فاطمة محمد علي وبناتها بحلقة غنائية في ”معكم منى الشاذلي ” الخميس الحكومة تخصص 179 مليار جنيه استثمارات لقطاع الزراعة بموازنة العام المقبل معيط: تخصيص 134.2 مليار جنيه لدعم السلع التموينية بموازنة العام المالي المالية: تخصيص 154.5 مليار جنيه لدعم المواد البترولية العام المالي المقبل «المركزي»: ارتفاع الدين الخارجي إلى 168 مليار دولار بنهاية ديسمبر مصر تنفي تماما تداول أي حديث مع إسرائيل حول اجتياح رفح «سمير»: حريصون على تقديم كافة الدعم لتعزيز نفاذ الصادرات المصرية للأسواق الخارجية ”الزعيم الصغنن”.. محمد إمام يحتفل بمولوده الجديد الرقابة تسمح بالتعامل على أسهم الخزينة من خلال سوق الصفقات الخاصة والسوق المفتوح

الإمام الرباني.. الشيخ الشعراوي

أشرف أبو الريش
أشرف أبو الريش

كنت صغيراً في الصف الثالث الإعدادي ارتدي العمامة و"الجوبة" أذهب إلى معهدي دون غياب طوال أيام الأسبوع.. يدخل في قلبي الرعب عندما أصحو متأخرا من ذلك الرجل ضخم الجثة عريض المنكبين شيخ معهدنا رحمة الله عليه فضيلة الإمام عبد الله خالد فتح الله صاحب الوجه الجميل والخد الأسيل واللحية البيضاء الكثيفة هذا الرجل عندما كان يقف على البوابة الرئيسية لمعهد شبرا الخيمة الديني لكى يستقبل المتأخرين عن طابور الصباح وفى يده "الخرزانة" أو عصاة غليظة يضرب بها البعض من المتسكعين والمتأخرين عن طابور الصباح المقدس.

شاء حظي أن أنال طريحة معتبرة من الضرب وسيلا من السباب والتقريع بعد أن تأخرت عن موعدي المحدد يوميا للمعهد.. هذه "العلقة المتينة" هي التي جعلتني هذا الشخص الذي يأتى يوما عليه ويكتب عن شيخه بكل فخر واعتزاز.

وفى إحدى أيام الأسبوع الأول من العام الدراسي وأنا في الشهادة الإعدادية أرسل الشيخ في طلبي وكنا في الحصة الثانية وقال لي : يا أبو الريش.. قلت نعم يا مولانا.. تعرف تروح الهرم في منطقة اسمها "كفر غطاطي" قلت أسأل يا عم الشيخ وأن شاء الله أوصل.

سألني شيخى معاك فلوس يا أبو الريش قلت :نعم ولكنه أخرج من "سيالة" القفطان عدة جنيهات لكى أذهب إلى المشوار الذى يريده.. وأعطاني كشفا به عدد من أسماء الطلاب في المعهد ووضع يده الشريفة على كتفي قائلا : يا أبو الريش هتروح للشيخ الشعراوي تعطيه هذا الكشف عشان تفصيل "الجبب" لزملائك في المعهد.

انطلقت في طريقي من أمام المعهد إلى التحرير ومن التحرير صعدت إلى الأتوبيس المغادر إلى كفر غطاطي بالهرم.. كان الجو في ذلك اليوم أتذكر أنه كان حارا جدا وكنت أتصبب عرقا من شدة الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة في الجو وكنت كل عشر دقائق أذهب إلى كومسري الأتوبيس لو سمحت عاوز أنزل كفر غطاطي يا أسطى عند بيت الشيخ الشعراوي.. وبالفعل نزلت أمام القصر الكبير الذى يقطن فيه الإمام رحمة الله عليه.

قلت للحارس الموجود على الباب أنا عاوز عم الشيخ الشعراوي أجرى اتصالا عبر التليفون الأرضي العتيق في ذلك الوقت عبر هذا القرص الدائرى ودخلت على مولانا وكان يتوضأ من "جردل" بلاستيك ويستعد لصلاة الظهر.

وعندما شاهدني ابتسم ونظر إلى شخصي الضعيف في ذلك الوقت وأنا غارق في عرقي نتيجة ارتداء العمامة الصوف والزي الأزهري .. أشار بيده قائلا تعالى يا مولانا ارتاح وأحضر بنفسه زجاجة من المياه المعدنية المثلجة وقال لي : اشرب وارتاح حتى أصلي الظهر قبل أذان العصر.

ارتويت من المياه المثلجة وبعد الصلاة قال هتتغدي معايا اعطني كشف الأسماء الذى معك وبالفعل أخرجته من جيبي.. في هذه اللحظة عند استلامه كشف الأسماء مد يده الكريمة وأعطاني ورقة من فئة العشرين جنيها كانت خضراء رسم عليها من الخلف أحد ملوك الفراعين العظام ويعتلي عربة حربية والسنوات طويلة كنت احتفظ بهذا التذكار الجميل من يد الإمام.

فى البداية رفضت وشعرت بالخجل والكسوف رد الإمام بسرعة وبصوت رقيق قائلا :يا ولدي انت ابن لنا ويكفيك إنك استطعت أن تأتي إلى هنا وحدك من شبرا الخيمة خذ هذا المبلغ البسيط لكى تشرب "حاجه ساقعة" وأنت مروح.

هذه المقابلة التى مر عليها ما يقرب من ٣٥ عاما ما زالت حاضرة في ذهني لن أنساها ولن أنسى بشاشة وجه الإمام الشعراوي رحمة الله عليه وقد ذكرته بهذا الموقف بعد ما يقرب من ١٥ عاما وتذكره رحمة الله عليه.

هذا الرجل ليس في احتياج لمن يدافع عنه لأن الله يدافع عن عباده الصالحين ولن يضر السحاب "نبح الكلاب" .. انبحوا الآن و انبحوا غدا وانبحوا لسنوات مقبلة .. الإمام عند ربه في جنات نعيم وسيظل في قلوب الناس مسلمين وأقباط على مر التاريخ.. أما انتم ومن سيأتي بعدكم الى مزبلة التاريخ والإمام الشعراوي بحق أمام القرن العشرين وأفضل من فسر القرآن الكريم بصورة مبسطة يفهمها العوام قبل المتعلمين.

وستبقى أعماله الخيرية والإنسانية ومحبته للفقراء والمحتاجين في ميزان حسناته الى يوم الدين.. طبت حيا ومنتقلا يا أمام الدعاة .. رحمة الله عليك فقد كنت علما ربانيا علمت الأمة الكثير من أسرار كتاب الله عز وجل.. تحيا مصر.

موضوعات متعلقة