الطريق
السبت 4 مايو 2024 07:51 مـ 25 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

رسالة طبيب شاب أثناء هجرته للخارج: الخاسر الحقيقي هم المرضى البسطاء

الدكتور مينا عبد الملاك
الدكتور مينا عبد الملاك

أوضح الدكتور جمال شعبان، أستاذ أمراض القلب، وعميد المعهد القومي للقلب سابقا، أن هناك نزيف للعقول بسفر شباب الأطباء للخارج موجها رسالة الطبيب الشاب مينا عبد الملاك من مطار القاهرة وهو يسافر للملكة البريطانية المتحدة قائلا: "مينا ليس أول الأطباء المهاجرين ولن يكون آخر الأطباء المهاجرين.

رسالة طبيب شاب قبل هجرته إلى لندن

وجاء في رسالة الدكتور مينا عبد الملاك وهو يهاجر إلى لندن: "رحلنا ونرحل وسوف يستمر رحيلنا أنا ومئات من زملائي خارت قوانا في مقاومة اللانظام واللاأمل.. لم يكن قرار الرحيل سهلاً".


وقال مينا في رسالته: "لا أحسب نفسي طبيباً فذاً ولكني أعلم أني طبيب جيد .. أقرأ كثيراً وأجتهد كثيراً ولا أدخر جهداً في التعلم.. أذكر عاماً واحداً قد عملت فيه في أكبر مستشفيات المدينة في ذات الوقت بجانب دراسات الماجستير والزمالة البريطانية وكنت استريح لبضع ساعات بالكاد؛ كثيراً ما شعرت بتلك الخفقات الإضافية بالقلب بعد مناوبات العمل الطويلة التي كانت تصل أحياناً ل 48 ساعة متصلة".


وأضاف الطبيب الشاب: "لن أسرد ما وصل إليه حال الأطباء الشباب فجميع المشكلات معروفة وقتلت بحثاً ، ولعلي أخبرك أننا قد وجدنا لها حلولاً وحلولاً ولنا منها ألف مخرج- ولكن ثمة شيئاً واحداً لم نستطع أن نهزمه وهو الطموح. كان هذا هو الدافع الأساسي للسفر، لم أتقبل أبداً فكرة أن أكون طبيباً تقليدياً أو ما يسمي اصطلاحاً -شغل السوق- مجتنباً الحالات المعقدة ذات معدلات المضاعفات العالية، بالرغم من يقيني أني كنت سأنجح في الوصول لذلك وبسهولة، لكن لم يكن هذا ما أصبو إليه إطلاقاً".

وتابع قائلا: "فيما يتعلق بالتدريب الطبي فالحال مذرِ حقاً.. لا يوجد أدني ترتيب أو نظام لبرنامج تدريبي واضح، يدار الحال بلا رقيب.. لا قاعدة ولا نظام.. يخضع الأمر للاشيء.. عليك أن تترك كل حياتك، تترهب لصالح العلم ، وتبذل مجهوداً خيالياً لعدة سنواتِ متواصلة لتصنع لنفسك تدريباً خاصاً بين استشاري هنا وآخر هناك ، مستشفي هنا وأخري هناك بينما يقدم هذا التدريب لزميلك بالخارج مضموناً مرتباً منمقاً دون عناء - يخضع الأمر كله للهوا .. إذا أعطاك هذا من علمه فقد أعطي وإن بخل عليك ذاك فقد بخل".

واستكمل حديثه: " تخور قوي أغلبنا في إستكمال هذا المسار وينتهي الأمر غالباً: بأن تفقد طموحك تدريجياً وتكتفي بما تمكنت أن تصل إليه.أما عن سفري فأعتقد أني لم أخسر شيئاً علي الإطلاق -بعيداً عن الأهل والأصدقاء ؛كنت أحظي بمكانه متميزه، أكسب دخلاً جيداً، أعيش حياة هادئة مع أسرتى وسوف أنتقل من تلك الحال إلي حال أفضل و مكانةُ أفضل ودخلُ أفضل وحياة أفضل أن شاءالله وكذلك الدولة لم تخسر شيئاً أيضاً فهي لا تكترث لرحيلنا بل ستوفر بضع جنيهات تنفقها".

وأكد الطبيب الشاب أن الخاسرهم المرضى البسطاء والقادرون أيضا معلقا "لقد خسر هذا الطرف طبيباً قد يكون هو ملاذه الأخير في مستشفي حكومي أو خاص ذات شأن وهذا ما يغفله الكثيرون، يظنون أن غير القادرين علي العلاج الخاص فقط هم من يتأثرون برحيل الأطباء، ولكن أقسم أني شهدت مرضي كثيرين تكبدوا الكثير بسبب أخطاء طبيه ساذجه في كبري المستشفيات الخاصة ذات التكلفة الباهظة.

رحلنا ونرحل وسوف يستمر رحيلنا أنا ومئات من زملائي خارت قوانا في مقاومة اللانظام واللاأمل ...
لم يكن قرار الرحيل سهلاً.. كان مريراً باهظ الثمن والتكاليف.. كم كنا نود أن نبقي مع اهلنا واصدقائنا ولكن دعني أخبرك أننا هجرنا أوطاننا وتركنا اللامبالاة والإهمال والفوضي واللانظام، تركنا للذين لا يستمعون لأصواتنا تركنا لهم الجمل بما حمل، والمسئولية تقع على من حرموا هذا الوطن من زهرة شبابه وضيعوا على مرضاه البسطاء هذه العقول الذكية العاشقة لتراب مصر قد تتفق أو تختلف جزئياً أو كلياً مع هذه الأسطر
ولكن هذه هي تجربتي الشخصية ولا تمثل سوى رؤية كاتبها، صالة مغادرة مطار القاهرة متجهًا إلى المملكة البريطانية المتحدة".