الطريق
الخميس 9 مايو 2024 08:36 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

قبض عليه بسبب نكتة وتمنى أن يكون صيدلي.. ما لا تعرفه عن نجاح الموجي

نجاح الموجي
نجاح الموجي

نجاح الموجي فنان يمتلك قدرات تمثيلية لا تعرف سقف أو حدود، علمه المخرج الإذاعي عبد الله قاسم كيف يلقي "الإفيه" وحرفية الممثل الكوميديان عندما عمل معه في بداية مشواره الفني في إذاعة صوت العرب بعدها تقابل مع "سمير وجورج والضيف"، وعمل معهم في فرقة الثلاثي في أدوار صغيرة في مسرحيتي "براغيت" و"فندق الأشغال الشاقة" حتى جاء دور "مزيكا" ليعلن عن مولد فنان كوميدي لا يشق له غبار.

كان ميزة "الموجي" أنه يجعل المشاهد يضحك معه وليس عليه، يمتلك خفة ظل وسرعة بديهة على خشبة المسرح ليس لها مثيل وعرف عنه أنه ملك النص والارتجال، ويضع بنفسه اللمسات وتفاصيل شخصياته ويعالج في أدواره قضايا الإنسان وهمومه ويحرص على تجسيد الأدوار الإنسانية.

لم يكن يعنيه حجم الدور على الورق يعرف دائما أن الدور الثاني هو المحرك للأحداث، في فيلم "الحريف" جمعه مشهد مع عادل إمام أثناء خروجهم من قسم الشرطة فجرا بعد التحقيق معم في جريمة قتل الراقصة التي تسكن معهم في نفس العمارة، وتمر من أمامهم سيارة يطلب منهما صاحبها دفعه وعندما تنطلق ويشكرهم الرجل يقف "الموجي" مكانه وينهار في البكاء بلا سبب سوى أنه شعر بالهزيمة والضعف، أو ربما أحس أنه كان يحتاج إلى دفعة مثل السيارة تعيد له الروح في جسده المتهالك وتنقذه من الفقر الذي دفعه للعيش مع زوجته وعدد كبير من أطفاله فوق سطح العمارة وفي النهاية يتضح أنه قاتل جارته وتقبض عليه الشرطة.

كان المشهد عظيم برغم صغر حجمه وخطف بأداؤه للمشهد الكاميرا من فنان كبير بحجم عادل إمام، وخير دليل على أن حجم الدور لم يكن يشغله أنه ظهر في مشهد لا يتعدى الدقيقتين في فيلم "أيام الغضب" واقتنص منه على جائزة أحسن ممثل مساعد في مهرجان دمشق السينمائي 1989، ولفت الأنظار نحوه بشدة في دور صغير الحجم وكبير التأثير في فيلم "التحويلة".

نجاح الموجي في حياته الخاصة كانت الإنسانية هي الثمة التي تميزه وتجلت إنسانيته عندما تخلى عن اسمه "عبد المعطي" واختار اسم شقيقه "نجاح" شقيقه الأكبر القعيد الذي كان يعكف على خدمته ورعايته حتى وفاته، هو بسيط لا يعرف التكلف وإنسان حقيقي في الحياة والفن، يقول عنه الكاتب سمير الجمل في مجلة الكواكب "لم يتغير نجاح الموجي منذ أن كان من أرباب الأتوبيس و"الموتورجل" إلى أن أصبح من أصحاب المرسيدس، وكان "الموجي" يرى نفسه قريبا من شخصية العسكري "شبراوي" في قصة يوسف إدريس ولعب بطولتها في الحلقات التليفزيونية "المشوار"، فقد جاء شبراوي إلي القاهرة وضاع في الزحام ولكنه لم يستسلم لليأس ولم يتنازل عن كرامته وعاندته الأيام وظلت ثقته بنفسه لم تهتز وعندما بدأ الحصاد لمشوار العناء والمعاناة رحل.

كان نجاح الموجي برغم قدرته على خشبة المسرح على الخروج عن النص إلا أنه لم يخرج عن الآداب العامة، يقول "الموجي" في حوار له مع جريدة "الرياض" 1993: "لا أنسى الهجوم الشديد على مسرحية "ملك الشحاتين" واتهامي بالخروج عن النص وكانوا عايزين يقولوا عن الآداب، ولكن بيقولوها بشكل مهذب ووصلت للجمهور بشكل مش ظريف وانعكست على بيتي وصديقات بناتي في المدرسة وكانوا بيعايروهم".

عندما جاء "الموجي" من قرية "ميت الكرمة" في الدقهلية، وعاش مع أسرته البسيطة في حي حدائق القبة بالقاهرة كان يحب كرة القدم وأطلق عليه أقرانه لقب "قرقر" نسبة إلى وجهه الشاحب وجسده النحيل، وكان يتمنى وهو يلعب كل مبارة ويحرز بها هدف أن يصبح لاعب كرة مشهور، ولكنه أصبح ممثل مشهور وأحرز أهدافا في الفن، يقول: "وأنا في المدرسة كنت أتمنى أن أكون صيدليا عندي أجزخانة ودخلت تخصص كيمياء ثم صرفت نظري عن هذا الموضوع وتمنيت أن أكون قانونجي ولاعب كرة".

كان "الموجي" وهو يعيش سنوات طفولته الأولى في قرية "ميت الكرمة" تعود النظر للسماء ويخرج مسرعا كلما مرت طائرة من فوق بيته وينظر لها مندهشا ولم يتخيل أبدا أنه سوف يركب طائرة في حياته، يقول: "أول مرة سافرت كانت إلى برلين سنة 1974 وسمير غانم قالي يعني تيجي مرة واحدة من بلدكم ميت الكرمة بالدقهلية إلى برلين"، وفي الحياة كان يتعامل بتلقائية شديدة حتى أنه قبض عليه في مطار "فرانكفورت" بسبب نكتة قالها بـ"هزار" للعسكري الذي يقف على إحدى البوابات داخل صالة المطار، ولم ينقذه سوى صديقه أحمد خميس الذي كان يجيد الألمانية وبات يشرح لهم ما تعنيه النكتة وركبا الطائرة في اللحظة الأخيرة.

صراحة "الموجي" كانت أهم ما يميزه، سأل عن الشخصية التي يتمنى مقابلتها فقال "سلفستر ستالوني وأقول له بإرادتك وإصرارك أصبحت بطلا عالميا مع إنك ممثل وحش جدا"، وفي الحياة كان بسيطا يعشق أسرته ويجلس معهم طوال الوقت، في رمضان 1994 زارته مجلة "حواء" في منزله وعاشت معه ساعات قبل وبعد الإفطار ورصدت مدى تعلقه بأسرته وبساطته فهو يفطر على أذان المسجل وليس الراديو أو التليفزيون ويلعب الطاولة مع بناته "أسماء وآيتن" وسط تشجيع من زوجته السيدة "عائشة فريد" التي كانت تعمل موجهة بالتربية والتعليم وتبدو العفوية والتلقائية هي عنوان بيت "الموجي".

اقرأ أيضًا: «سلم لنا ع التروماي».. أغنية جعلت نجاح الموجي مطرب في سوق الكاسيت