الطريق
الأحد 10 نوفمبر 2024 04:04 صـ 9 جمادى أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

تامر أفندي يكتب: كلام «جروشو» عن «البالستية» و«المسرحية» و«ماتيلدا»

تامر أفندي
تامر أفندي

قبل السلام والكلام.. لا أعرف ما الذي ذكرني بـ«النمرود»، ثمة معانٍ كثيرة في هذه القصة، لعل أغربها في نهايته، لم تكن طائرة "بالستية" ولا حتى شئ يُذكر..!، كٌل العتاة يسيرون إلى تلك النهاية دون أي محاولة لتفاديها.. وكأنهم يشعلون الحرائق ويزيدوا في وهجها، ليلقوا بأنفسهم فيها..!.

"عندما أفتح نافذتي في الصباح
فأرى قتيلاً وأرى وردة
أليس من المخجل أن أتجاهل القتيل وأكتب عن الوردة؟

أنا كـ«نيرودا» أعشق «ماتيلدا»، ولا أنكر عليك عشقها.. ولا أٌنكر على أي عاشقٍ عشقه.. لوطن.. لحبيبة.. لشجرة.. لفكرة.. لي ولك ولنيرودا مُطلق الحرية، لكني يا صاحبي ليس لدي آراء أخرى.. أو أقوال أخرى.. وخدعك من علمك أنه يمكنك أن تعيش أطول لو اتبعت مبدأ الكوميديان الأمريكي «جروشو ماركس»: «هذه آرائي، وإذا لم تعجبكم... فعندي غيرها!!. دع ذلك لصاحب حكاية أخرى، فتلك حكايات مزيفة، أما نحن فأصحاب الحكاية الحقيقية، ولا يجوز أن نصف "أتراح وجراح» بعضاً منا بـ«المسرحية».

هيا يا صاح.. سنجري تجربة لمرتين لتعطيني رأيك، أولاً: اغمض عينيك قليلاً وفكر في الأمر.. لماذا تترك كل شئ وتحشد كل حواسك لتفسد انتشاء غيرك أو توأد فرحته..!.
لا أريد منك أن تجيب الآن.. خذ وقتك حتى انتهاء المقال أو انتهاء الحرب.. لكن عليك أن تجد الإجابة قبل انتهاء عٌمرك.. لأن السؤال سيكون هناك لكن دون السماح بإجابة.

لا أعرف لماذا الآن تذكرت "عم حسين"، كنا نأكل في خيمة أناس بسطاء في "أحد الموالد"، وقدموا لنا كنوع من الخدمة وكرماً "قطع من اللحم"، ويبدو أنه من كثرة العدد لم تُطه على النار جيداً، فامتعض "عم حسين" وانتقد الطاهي والنار، وحينما هممنا بالانصراف، أوقفنا "مجذوب" على مقربة من "الخيمة" وسحب عم حسين من بيننا وعنفه قائلاً: "إذا لم يُعجبك الطاهي، فشمر عن أذرعك، وإذا لم يُعجبك الطعام فقدم غيره".

لا تأخذ الموضوع "على صدرك" فنجن نتناقش ولا نتعارك، وسأثبت لك ذلك.. وأحكي لك عن "نكتة":
«كنت أنا وأنت، أو أي اثنين غيرنا.. كنا أو كانا في الصحراء فظهرا لهما عفريت، وقال لكل منكما طلب واحد، فطلب أحدهما من العفريت أن ينقله بسرعة لرؤية أبيه الذي يحتضر، وبينما كان في الجو قاطعاً الطريق، كانت أمنية الآخر من العفريت أن يُعيد إليه صديقه لأنه لا يمكن أن يظل في الصحراء بدونه.

يقول لي هذا العفريت، أنه رأى العجب من خلال اختباره للبشر، فذات مرة ظهر حيوان مفترس أمام شخصين، فألقى عليه الأول حجارة ثم جرى، لكن الثاني وقف مكانه وهم أن يفترسه، لكن دهشة "العفريت" من تصرفه جعلته يٌنجيه ليسأله: لماذا لم تجرٍ، فأجابه: "وأجري ليه هو أنا اللي ضربته بالحجر"،.. جذبه العفريت من أذنه وقال له: "لولا أننا كعفاريت بحاجة للأغبياء لتركتك لترى بنفسك الإجابة".

أعود لك يا صاحبي مرة أخرى، لست وحدي ولكن هذه المرة
معي "درويش" و"بسيسو" وسؤالهما الأبدي:
من الذى يحاصر الآخر ؟
من يستوطن الحديد
أم الذى يعيش فى النشيد ؟؟
نكتب لك
من قبل أن تشعلنا قذيفة أو تشعلك
يا أيها المسربل السكران بالدروع
يا أيها المصفح المدرع المجنزر السجين والسجان
هل أنت فى أمان ؟

الآن يا صاحبي، افتح عينيك.. افتحها جيداً، وأجب.. من فيهما حر؟
صاحب الأرض الذي كلما هدموا بيته أعاد خلقه من الأنقاض، وكلما قتلوا ولده نفخ فيه الروح من جديد.. أم ذلك الغريب الذي قضى طيلة حياته في "دبابة"..!

يا ساكن الدبابة
هل يستطيع المرء أن يبول، طول العمر فى دبابة ؟
هل يستطيع المرء أن يقرأ.. أن يكتب فى دبابة ؟
أن يغرس الأشجار فى الدبابة
يا قادماَ من رحم الدبابة
يا عائداً لرحم الدبابة
إلى متى تظل فى مخالب الدبابة
إلى متى تظل فى أمان؟

وأخيراً وبعيداً عن فلسلفة "نيرودا" و"شعره" ولأنني لا يمكن أن أتحدث "أوضح" من ذلك عن "ماتيلدا": «من حقك أن تحب أمك وأن تصفها وتراها أنها أشرف وأطهر أم وأن تتباهى بأخلاقها وحكمتها وقوتها، لكن عليك أن تُدرك أن لكل أم أبنائها، ومجد أمك لن يعلو بسب شرف غيرها ولا بنسب العهر لهما.

«يا جروشو.. وإن كنت حتى تراها مسرحية، فصفق لهؤلاء الأبطال الذين قدموا عرضاً للنار في عقر دار الزبانية».