الشيخ سعد الفقى يكتب: الوطن ليس صكا يمنح
انتقلنا للأسف من مصطلح الوصاية فى زمن الإخوان إلى مرحلة التجريد من المواطنة التى يحاول البعض الترويج لها.. مصطلحات أسقطها الاستعمار من قاموسه ..
نظريات عفنة وخربة استوردناها ككثير من السلع التى نستوردها ولا قيمة لها.. حدث ذلك عقب ثورتى 25 يناير ويونيه.. من معى فهو حبيبى ونور عينى ومن خالفنى الرأى فهو خائن وعميل ولا يستحق شرف المواطنة.. والمؤسف أن من يرفعون هذه الشعارات الغريبة.. ربما كانوا هم من خانوا ومن باعوا وبثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فينا من الزاهدين.. الوطن بمفهومه الأشمل والأعم لايمكن أبداً أن يكون حكراً على فئة ويحرم من حبه الآخرون وإن قدموا الغالى والنفيس من أجل بقائه واستقراره ولايكلف الله نفساً إلا وسعها.. قد يجور علينا الوطن لمرض ألم به أو كبوة أصابته..
إلا أنه أبداً لايهون إلا على الخونة والعملاء ومن باعوا ضمائرهم فى سوق النخاسة.. ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل والقدوة فقد تعرض للإيذاء من أهل مكة.. وخرج منها إلا أنه وقف على مشارفها والدموع تنهمر على وجنتيه «إنك لأحب بلاد الله إلى نفسى والله ولولا أن القوم أخرجونى منك ماخرجت» كلمات توزن بماء الذهب ليت المستوردين يدركونها.. ويفهمون معانيها.. عاداه الأقربون ويالها من غصة فى الحلق.. ومرارة فى القلب.. تربصوا به لقتله رموه بكل ما هو قبيح إلا أنه أبداً لم يبع الأرض التى ولد فيها والجبال التى تسلقها والأزقة التى سار فيها.. ولو كان المقابل كل كنوز الدنيا.. دميت قدماه وتقاطر الدم منها إلا أن ارتباطه بمكان المولد.. فهى بلد الآباء والأجداد بل الأصدقاء والأعداء.. من ثديها ارتوى وفى جنباتها حملته أم هانئ..
نماذج كثيرة فى كل الأزمان والأوطان كانت وفية لأوطانها مخلصة لدينها لم تبع ولم تتنازل بل كانوا مثالاً فى القبض على الجمر.. اليوم أقولها ليس من حق كائن من كان أن يجرد أحداً من حبه لوطنه ما دام هذا الواحد لم يخن ولم يقايض.. على الجميع أن يدرك أن له حقوقاً وعليه واجبات والكلام وحده لا يكفى، إذ لابد من الترجمة العملية للمشاعر وترجمتها على أرض الواقع ولن يتحقق ذلك كلة إلا بالإيثار وإنكار الذات لاسيما فى هذه المرحلة التى نحياها.. دروس ليت هؤلاء المحتكرين الذين يمتلكون صكوك المحبة والغفران يدركونها ويقفون عليها.. وما هم بمدركين.. فهل هم واعون؟؟ المحبة للوطن لاتعرف الثرثرة وتجريد الآخرين من المواطنة وإطلاق قذائف التخوين وشهادات المواطنة.. ليتهم يعلمون؟