الطريق
الخميس 19 يونيو 2025 12:21 صـ 22 ذو الحجة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
الدكتور أيمن رفعت المحجوب يكتب: جدلية الأديان في العدالة الاجتماعية (ج٢) ضياء رشوان: استطلاعات أمريكية تُظهر رفضًا شعبيًا واسعًا للحرب على إيران مينا مسعود وشيرين رضا في ضيافة معكم منى الشاذلي غدًا الدكتور أسامة الأزهري يعلن عن إطلاق منصة وزارة الأوقاف الرقمية الجديدة وزارة التربية والتعليم تعلن نتائج ”أبناؤنا في الخارج” للعام الدراسى 2024 /2025 الدور الأول عبر موقعها الإلكتروني ︎اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره الصيني وزير الشباب والرياضة يُنيب مساعده لحضور ملتقى مطوري مصر ويستعرض أبرز الفرص الاستثمارية في القطاع الرياضي وزارة الشباب والرياضة تعقد جلسة استفسارات لمشروع المساحات الاعلانية بالجزيرة الشباب والرياضة تواصل عرض قصص النجاح ضمن الموسم الخامس من برنامج ”تنمية أبناء الصعيد والمحافظات الحدودية” محافظ كفرالشيخ يناقش عدد من الملفات التعليمية والتنموية مع رئيس الجامعة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تعقد صالونا حول مرور 7 سنوات على تأسيسها جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة على مستوى العالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي للعام 2025

أيمن رفعت المحجوب يكتب: بين الخرافة العلمية والفلسفة الدينية

د. أيمن رفعت المحجوب
د. أيمن رفعت المحجوب

من الثابت عند الأقدمين أن التفكير العلمى يبدأ بالتفكير الخرافى وينتهى إلى علوم مدارها السببية، وهى فى أكمل حالاتها تبدأ بأوائل الأمور وتنتهى بأواخرها، وهذا المذهب هو دائم النمو مع تطور البشرية والاستنتاجات العلمية المتتابعة.

وتظهر التفاصيل العلمية فى كل شىء لتزيد فى بيان ما هو صحيح وما هو خطأ، وقد تقضى أصغر التفاصيل على أكبر النظريات العلمية شيوعا، على أنى لا أرى أن هناك ما يدعو إلى التقديس الذى أصبغه العصر الحاضر على هذا النوع من التفكير، وليس لنا أن نتجاهل بأى شكل من الأشكال غيره من عموم المذاهب الفكرية الأخرى، ولا نزاع أن له على المذاهب الأخرى أفضلية وسهولة إثبات قضاياه وصدق البرهان عليها، ثم أن قوانينه مطردة، والاستثناء فيها غير مقبول إلا فى حالات نادرة. وخير ما فيه أن المعقول فيه يوافق الواقع الحتمى، وبذلك يكون الحق فيه أيضاً واضحا وضوح الشمس، ولكنه يظل ليس وحدة التفكير الطبيعى الوحيد فى الكون.

لأن الخرافات التى تتحول إلى علوم، ما هى إلا مذهب طبيعى أول، أما مذهب التفكير الطبيعى الثانى يمتد إلى “مذهب الفلسفة الدينية”، وهو والحق مذهب غائى شامل يبدأ بأواخر الأمور ويفسرها تفسيرا كاملا، وهو مذهب يضيق بالتفاصيل، ويزعجه البحث الدقيق فى ما هو واقع فعلا، وهو يعد قضاياه حقا مطلقا، إذا وافقها الواقع، فالواقع صواب، وإن خالفها فالواقع خطأ إلى أن يصوبه التأويل. ومن آثار هذا المذهب الدين والأخلاق والفلسفة الاجتماعية. والمحدثون الذين بهرتهم العلوم الطبيعية يميلون إلى التهاون بهذا المذهب، وقد لا يكون على حق فى ذلك، لأن وجهة الصواب والخطأ فيه تقوم على الإيمان واليقين بوجود الله عز وجل، وليس على حقائق مادية ملموسة كالعلوم الطبيعية، ومعايير الحق فيه مختلفة القياس، وفى أكثر أنظمته اختلاف واضح وأن تكون كلها معقولة ومقبولة فى التفسير، على أن الأمر ليس أمر مفاضلة بين المذهبين أو أيهما أقرب إلى الصواب. فالواقع أن كليهما طبيعى فى العقل البشرى، وكلاهما له أكبر الأثر فى تكوين الصورة الذهنية التى تكونت عليها المعرفة الإنسانية الأمس واليوم وغدا، وكل منها له موضع فى هذه الصورة التى لا تتم بدونهما معاً عند اكتمال الإيمان واليقين.

فإذا كان “المذهب الخرافى العلمى” هو تحقيق العلاقات القائمة بين الأشياء، فهو ينظم هذه العلاقات تنظيماً معقولا، ولكنه يقف عاجزا على تفسير البحث فى الكائنات الحية، والإنسانيات، والمعنويات والخلق والضمير والجمال. فإن الإنجاز والتحقيق العلمى للعلاقات فى هذه الأمور يصبح عسيرا جدا إن لم يكن مستحيلا، ولذلك يأتى “مذهب الفلسفة الدينية” ليملأ هذا الفراغ، ولا غنى لنا عنه وإن كان ميدانه يضيق شيئاً فشيئا. والحق أننا لن نجد مذهباً من هذين المذهبين الكبيرين نقياً من آثار المذهب الأخير. “فالخرافى العلمى” يلجأ فى كثير من الأحوال إلى اختراع نظم وفروض لا يبررها إلا الرغبة فى ملء الفراغ فى الواقع أو النظريات العلمية، “والمذهب الفلسفى الدينى” يلجأ كثيراً إلى تناول أمور تفصيلية ليس من طبيعته أن يتناولها فيضل بها كثيرا، ومن هذا الخلط نشأ كثير من الاضطراب والتفكك فى التفكير الإنسانى.

وفى النهاية يجب أن نؤكد أن اختلاف مذاهب التفكير لا يمنع من وصولنا إلى حقيقة الأمور مكيفة بهذا الجهاز العقلى الذى منحنا الله إياه، وعلى هذا يصبح البحث عن الحقائق أمراً مستطاعاً على النحو الذى يتيسر للعقل المتعلم، وكما قال رب العزة فى كتابه الكريم
“إنّما يخشى الله من عباده العلماء”
صدق الله العظيم.