تامر أفندي يكتب: حرائق أمريكا و«بروستات» نتنياهو

إدعاء البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ما أصاب أمريكا من حرائق وما سكن «بروستات» نتنياهو من أورام هو انتقام الله.. جعلني أتفحص تلك العبارات قبل أن ألقيها في سلة المهملات.. ولا أعرف عن أي إله يتحدث عُباد "البوستات"!.. فلو عن الله الواحد الأحد الذي نؤمن به.. أمن العقل أن يكون انتقامه حرق بعض الأشجار وتلف «بروستات»..
حركت مؤشر البحث عن "ألم تر"، فوجدتها ذٌكرت في القرآن 31 مرة، تبعها في تلك المرات "أن" و"إلى" و"كيف".. وما يشغلني في هذا الموضع هو "كيف" وتلك كان لها 3 مواضع ذكر في القرآن.. أولها: «ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمةً طيبة كشجرة طيبة، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها»، وثانيهما وثالثهما هو ذكر تلك الوقائع التي تجلى فيها "انتقام" الله".
ففي إحداهما يقول سبحانه: «ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل»، وفي هذا الموضع كان انتقام الله للزود عن بيته، حينما أدرك عبد المطلب أن التكليف الأول للإنسان هو درء الخطر عن نفسه وما يملك، وأن إدراك حدود القوة هو اكتمال العقل والتزام بالنص "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة"، ولا يتدخل الله باستدعاء من عباده وهم كثالى.. ضعفاء.. جبناء.. ولكنه يتدخل حينما يستنفذوا ما في وسعهم من محاولات لأن بطش الله كبير وقد عدده وذكره في الموضع الثالث لـ«ألم تر كيف»، فجمع لنبيه مواطن هذا البطش وصور هذا الانتقام في الآية الكريمة: «ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذى الأوتاد الذين طغوا فى البلاد».
إذاً يا أيها المدون أو الناقل للتدوين، إذا كنت لا تفقه أين تضع الحرف فلما تسأل عن التنوين!.. 24 قتيلًا جراء تلك الحرائق التي سكبت أنت عليها البنزين على مواقع التواصل الاجتماعي لتجعلها تحرق أمريكا كلها في خيالك، بينما هم يشيعون كارتر ويستقبلون ترامب ويخططون للمستقبل، تركت ما حدث لك من خصاء جبراً وادعيت أن ورماً في «بروستات» عدوك هو انتقام الله لك.. ولا تدر أن انتقامه منك أن سلبك عقلك.
يا هذا "وحاشا" الله ليس جندياً في جيشك ولا مأجوراً لديك يعمل على هواك.. ليس طرفاً في "عركةٍ" لم تُدافع فيها أنت عن نفسك.. الله لن ينصفك إذا أنت خذلت نفسك.. الله لن يأت لك برقبة ترامب وأنت على المقهى تتابع مباريات الدوري الإنجليزي وتنشغل ببالونة إمام عاشور عن حرق غزة.. الله لن يمد لك يده وأنت في هذه الغفلة وهذا التقصير عن معرفته.. الله لن ينظر إليك وأنت تعامله كرئيس حزب وتخضع علاقتك به للمساومة.. يا هذا إن مأساتنا الحقيقية هي أننا لا نعرف الله.. وجل ما علينا الآن أن نعرفه..فإذا عرفناه سنرى ونفهم «ألم تر» في مواضعها.
وأخيراً عليك أن تعرف أن الله رب البشر جميعا"مؤمن وكافر" لا ربك وحدك.. فلا تحتكر رحمة الله وعفوه وترفض اقتسامهما مع غيرك.. ثم عليك قبل أن تسكب البنزين على نيران الكفرة أن تحقق اكتفاءك من غذائك ودوائك ووقودك ونقودك.. حتى لا تحرق نفسك بعد حريقهم.
ليس معنى ما كتبت أنني لا أتمنى زوالهم.. ولكنني أدرك أن ما نعيشه ليست معطيات انتصار ولا قرابين "استدعاء" نصرة الله.. فما فعلنا إلا كما قال قوم موسى له: "فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون".