الطريق
الجمعة 9 مايو 2025 02:09 صـ 11 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

أردوغان في زمن كورونا.. حكومة منقسمة ومعارضة متماسكة

الرئيس التركي رجب أردوغان
الرئيس التركي رجب أردوغان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أزمات متلاحقة، في ظل حالة الانقسام بين أعضاء حكومته لا سيما بعد أن فشلت في تعاطيها مع أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو ما كان بداية لإعلان وزير الداخلية المقرب من الرئيس، استقالته من منصبه.

استقالة إلكترونية

لم يجد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ملجأ للهروب من سلسلة الانتقادات التي طالت إدارته حول ملف إغلاق المدن بسبب تفشي فيروس كورونا في البلاد، سوى إعلان استقالته عبر صفحته الرسمية على "تويتر"، محاولا أن يوضح السبب الذي جعله يقدم على هذه الخطوة.

وقال صويلو: "في عملية يتم تنفيذها بجد ودقة، تقع مسؤولية إيقاف الوباء وقرار حظر التجول نهاية الأسبوع عليَّ بشكل شخصي، الصور التي ظهرت في البداية لساعات محدودة، لم تتطابق مع جهودنا المدارة بشكل مثالي... كل الخبرات والمسؤوليات التي كنت أمتلكها لا يجب أن تؤدي إلى مثل هذه الحوادث التي جرت، اتخذ القرار بحسن نية بهدف الحد من انتشار الوباء والعدوى في عطلة نهاية الأسبوع.".

اقرأ أيضا: أول اعتراف من تركيا على دعم إسرائيل لمواجهة كورونا

هلع وفوضى

ويبدو أن قرار صويلو بتقديم استقالته جاء بعد حالة من الهلع والفوضى العارمة بين المواطنين، علاوة على إطلاق النار في بعض الشوارع، والمشاجرات أمام محلات البقالة وأفران الخبز، جراء نقص الغذاء، نتيجة إعلان الحكومة التركية حظر التجول بشكل مفاجئ، وفقا لـ"صحيفة زمان" التركية.

سياسة متخبطة

السلطات التركية حاولت تبرير قرار حظر التجوال، وربطه ضمن الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا، ولمدة 48 ساعة في 31 مدينة، لكنها سرعان ما بدأت في تطبيق القرار بعد ساعتين فقط من إعلانه، ما أثار فوضى عارمة، حسب الصحيفة.

معارضة القرار

ورغم تمسك حكومة أردوغان بموقفها، إلا أن الانتقادات طالت بشكل عام الحزب الحاكم، ووزارة الداخلية بشكل خاص، حيث ندد رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، عضو حزب المعارضة الرئيسي، بالقرار قائلًا: "ما حدث تم بشكل مفاجئ، ولم يتم إبلاغه به أو بأي خطوة ستتم مسبقا".

اقرأ أيضا: أوغلو يفتح النار على أردوغان: عاجز عن إدارة أزمة كورونا

استقالة جماعية

أما صحيفة "يني جاج" المعارضة، فقد أعربت عن انتقادها الشديد للخطوات التي تم اتخاذها وقرارات حظر التجوال، مؤكدة أن القرار تسبب في فوضى ، ونتج عنه استقالات عديدة للحكومة، إلا أن وزير الصحة تدخل وأقنعهم بالتراجع عن ذلك.

وأوضحت الصحيفة: "رغم تدخل وزير الصحة كوسيط لإقناع هذه الأسماء على البقاء، لكن هذا لا ينف أن قرار حظر التجوال وتطبيقه بهذه الطريقة العشوائية أزعجه هو أيضا بشدة"، مشيرة إلى أن تلك القرارات سوف تؤدي إلى تجمهر المواطنين بالأسواق، والمخابز، ومحطات البنزين، وبالتالي ستتأثر جميع الجهود التي بذلت وما تحقق من إنجاز للتصدي لهذا الفيروس الخطير".

رد أردوغان

في المقابل، علق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على استقالة وزير داخليته سليمان صويلو، معلنا رفضه للقرار، وأن الأخير ملتزم مواصلة القيام بمهامه.

انقسامات الحزب الحاكم

ورغم مساعي أردوغان لتأكيد وحدة الصف بين حكومته وأنصاره، إلا أن الخلافات والانقسامات ظهرت كما انتشار "النار في الهشيم"، حول مشروع القانون الذي تم طرحه والذي يتعلق بالإفراج عن المسجونيين السياسيين بعد ظهور وتفشي فيروس كورونا في البلاد.

أضف إلى ذلك، استقالة رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان كورتولوش، وبشير أتالاي، ونائب رئيس الوزراء في حكومة أردوغان من 2011 إلى 2014.

واستكملت صحيفة "زمان التركية": "رفضت القيادة المركزية قرار وافق عليه أعضاء مجلس بلدية أنقرة للإفراج عن المسجونيين، مما تسبب في استياء نائب زعيم كتلة الحزب الحاكم في المجلس مؤمن آلتون إيشيك وقرر تقديم استقالته، كما حدث خلاف حول عملية هدم أبراج "توجو" المملوكة لرجل أعمال مقرب من حزب العدالة والتنمية".

اقرأ أيضا: إصابة مذيع إخواني شهير بكورونا في تركيا

سيناريوهات عدة

مصطفى صلاح الباحث المتخصص في الشأن التركي أكد، أن هناك سيناريوهات عديدة حول استقالة وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، موضحا: "يمكن وصفه بأنه كبش فداء للرئيس التركي رجب طيب أردوغان خاصة بعد تفاقم أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد هناك وما له من تداعيات على الداخل التركي".

وأضاف الباحث السياسي في تصريحات لـ"الطريق"، أن الإجراءات التي تم اتخاذها من جانب وزارة الداخلية والخاصة بفرض حظر التجوال وإغلاق مدن بأكملها كان بها تقصير شديد، منوها أن تركيا لم تقم بالخطوات اللازمة في وقت مبكر مثل باقي الدول في مختلف دول العالم.

وتابع: "وزير الداخلية سليمان صويلو من أكثر الأشخاص المقربين للرئيس التركي والذي قام بدور مهم في أحداث الانقلاب الأخير، وهو من ساهم في إحكام أردوغان لقبضته الأمنية على الداخل التركي"، مشيرا إلى أن رفض أردوغان لاستقالته يؤكد مدى أهميته في داخل النظام التركي بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وقد يفسر تقديم وزير الداخلية لاستقالته كمحاولة من جانبه لتخفيف الضغط الشعبي على الرئيس التركي خاصة وأنه هو وحزبه يواجهان بالفعل الكثير من الضغوط في الكثير من الملفات قبل هذا الأمر".

هدف أردوغان

واختتم صلاح بالقول: إن "رفض أردوغان لاستقالة صويلو، تشير إلى أن أردوغان يحاول تقديم صورة لأعوانه، بأنه لا يضحي بأحد من أجل مصالحه، وهو ما يمكن أن يعكس اتجاه الرئيس التركي إلى محاولة الحفاظ على تماسك الحزب الداخلي.